مصادر في باريس: الغرب يراهن على 3 عوامل للي ذراع إيران في القضية النووية

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن للدول الخليجية دورا في إقناع روسيا والصين بقبول عقوبات جديدة على طهران

TT

مع نفاد المهلة الزمنية (نهاية العام الحالي) التي حددتها الولايات المتحدة والدول الغربية لإيران للاستجابة لمطالب الوكالة الدولية للطاقة النووية ومجلس الأمن الدولي بخصوص ملفها النووي، تتكثف الاتصالات بين دول مجموعة الست الكبرى لبلورة سلة عقوبات إضافية على طهران. وقالت مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع في باريس إن الدول الغربية «تأمل» في استصدار قرار جديد في فبراير (شباط) القادم يتضمن «تدابير موجعة»، للاقتصاد الإيراني تتناول القطاعين المصرفي والتأميني وتلجم الاستثمارات الأجنبية في القطاع النفطي الإيراني فيما لا يزال الجدل يتناول فرض الحظر على وصول البنزين والمشتقات النفطية إلى إيران. وقالت مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن الدول الغربية تراهن على ثلاثة عوامل قد تكون «حاسمة» في حمل إيران على التعاون ووقف نشاطاتها النووية الحساسة؛ أولها تنامي الحركة الاحتجاجية الداخلية وما تعكسه من زعزعة ركائز النظام الإيراني. وتشدد هذه المصادر على أن إشارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير يوم الاثنين الماضي إلى «انتصار المعارضة التي تمثل 70 في المائة» من الشعب «ليست زلة لسان» بل هي مقصودة، كما كانت مقصودة دعوته إلى مساعدة «الحركة الخضراء» مع التأكيد على ضرورة تحاشي العنف و«صب الزيت على النار». وترى هذه المصادر أن النقلة المتمثلة في الحديث عن «انهيار النظام» بعد أن كان المطلوب سابقا «تغيير سلوكه» يشكل نقلة «نوعية» في التعاطي مع السلطات الإيرانية التي كان «بقاء النظام» همها الأول.

ويتمثل العامل الثاني في ما هو منتظر من فرض عقوبات إضافية على طهران التي أجل البحث فيها في الأسابيع الماضية بناء على طلب أميركي. ويوم الثلاثاء الماضي، أجرى المديرون السياسيون لوزارات خارجية الدول الست الكبرى (الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) جولة أولى من المشاورات الهاتفية على أن يتبعها اجتماع لهم في نيويورك في الأيام الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) وفق ما كشفه الوزير كوشنير في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي.

وتراهن الدول الغربية على دور للدول الخليجية لحمل روسيا والصين على السير في عقوبات جديدة. وكشفت مصادر فرنسية أن دولا خليجية «نبهت» موسكو إلى أن توفير أسلحة متطورة لإيران مثل صواريخ «S300» يعني حرمان الصناعات الروسية من أية عقود معها. وبالمقابل، لوحت لموسكو باستعدادها لعقد صفقات «تعوضها» عن صفقة صواريخ أرض - جو لإيران بما في ذلك شراء صواريخ «S500» الأكثر تطورا والأغلى ثمنا. أما بالنسبة للصين، فإن الدول الخليجية تسعى لطمأنة بكين لجهة استعدادها لتزويدها بما تريده من النفط في حال انقطعت عنها الإمدادات النفطية الإيرانية. وتمثل الضغوط السياسية والعسكرية الورقة الثالثة لحمل إيران على التعاون. وتوقفت المصادر الدبلوماسية أمام عودة واشنطن إلى الحديث عن أن «كل الخيارات موضوعة على الطاولة» بما في ذلك الخيار العسكري، التي ترى فيها «نفادا لصبر» إدارة الرئيس باراك أوباما من تعاطي إيران معها وازدرائها عروض الحوار الأميركي التي عبر عنها الرئيس أوباما أكثر من مرة.

وتريد الدول الغربية، وفق ما أفادت به مصادر دبلوماسية، «البقاء تحت مظلة الأمم المتحدة» بمعنى أنها ستسعى لاستنفاد الضغوط الاقتصادية (العقوبات) والدبلوماسية والسياسية عبر قرارات مجلس الأمن الدولي. وإذا ما تبين أن هذه الوسائل لم تؤد الغرض المطلوب فإنها ستسعى إلى بناء إجماع سياسي في مجلس الأمن، ولذا لن تلجأ إلى أي عمل عسكري إلا في إطار الأمم المتحدة. وترى هذه المصادر أنه «من الصعب اليوم التكهن بما ستكون عليه مواقف الأطراف» الفاعلة في مجلس الأمن وكيف يمكن أن تتصرف الصين وروسيا اللتان تملكان حق النقض (الفيتو). ولذا، فإن الحديث اليوم يتركز على العقوبات الاقتصادية، حيث تأمل الدول الغربية أن تنجح في انتزاع قرار قوي وبالإجماع من شأنه «إفهام» إيران أن مصلحتها تكمن في التعاون والنظر بجدية إلى مقترحات الدول الست التي قدمت لها التي لم ترد عمليا عليها.

وتتخوف الدول الغربية من العامل الإسرائيلي ومن صعوبة «لجم» إسرائيل إذا تبين أن العقوبات غير كافية وأن هناك استحالة في الحصول على ضوء أخضر أممي لعمل عسكري ضد طهران بموافقة مجلس الأمن الدولي. ولا تستبعد المصادر الدبلوماسية أن تسعى إسرائيل لـ«توريط» الغرب علما أن الأخير «يستخدم» الورقة الإسرائيلية كعامل ضغط جدي على طهران. وتعتبر المصادر المشار إليها أن اللجوء إلى العمل العسكري كـ«آخر الحلول» يعود إلى حاجة الولايات المتحدة للمحافظة على مصداقيتها على الرغم من انشغالها في حربين (العراق وأفغانستان) وعلى الرغم من جائزة نوبل للسلام التي منحت للرئيس أوباما. لكن الأخير، برر سلفا اللجوء إلى الحرب من غير أن يعني تحديدا إيران بقوله إن الحرب قد تكون أحيانا طريقا للسلام.