العراق: شركات عربية وأجنبية تؤجج حمى التنافس الانتخابي بالمناطيد والشاشات العملاقة

عقوبات رادعة تصل إلى «التجريم» بحق الكيانات السياسية التي «تشوه» المدن

TT

مع استعداد الكيانات السياسية في العراق لخوض التنافس الانتخابي ضمن الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مارس (آذار) المقبل، بدأ الكثير من شركات الدعاية العربية والأجنبية في تقديم العروض للكيانات السياسية لتنظيم حملات دعائية متطورة تجاوز قيمة بعضها ثلاثة ملايين دولار.

وقال علاء جاسم، مسؤول حملة إعلانية لأحد المكونات السياسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مؤسسات تمثل محطات تلفزيونية وكذلك شركات متخصصة بصناعة الدعايات بمختلف أنواعها عرضت عبر ممثلين لها في بغداد خدماتها التي يمكن وصفها بأنها لأول مرة تدخل ساحة الدعاية الانتخابية، مثل شاشات عملاقة تنصب في مراكز المدن تبث على مدار الساعة لصالح مكونات تشترك معها وفق نظام الأجر بالساعات، وهناك أيضا السيارات التي تحمل شاشات أقل مساحة تقوم بالأمر ذاته، بالإضافة إلى بالونات ومناطيد تحلق في السماء بأحجام كبيرة جدا تحمل دعايات لمرشحين، ناهيك عن أسلوب استخدام الإنترنت ورسائل الموبايل وأساليب أخرى لم نعهدها قدمت لنا من قبل شركات صينية».

بوتان تحسين، ممثل إحدى الشركات العربية المتخصصة أيضا في مجال الانتخابات، بين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «أساليب الدعايات في العالم اختلفت تماما عن المعمول به محليا، فكما نرى اليوم فهناك عمليات استطلاع للرأي العام وقياس نسب التصويت وتراجع أو تقدم شعبية مكونات وشخصيات معينة، هذه الدراسات لم نتعامل بها كونها بحاجة لمراكز متخصصة وفرتها شركات لها خبراتها».

وأضاف تحسين لـ«الشرق الأوسط» أن «مركزا أردنيا قدم خدمات كبيرة وكثيرة جدا مقابل مبلغ مالي يمكن اعتباره جيدا للقوائم، فيما لو قامت هي بحملتها معتمدة على أساليب روتينية من ملصقات وصور ثبت أنها غير نافعة، مقارنة بالحديثة التي تعتمد على تقنية البث التلفزيوني وساعات الذروة، أي الشاشات العربية التي تتوجه إليها أنظار العراقيين لمخاطبتهم مباشرة، فضلا عن استخدام الأسلوب المسمى بالجاذب للأنظار كالشاشات العملاقة والرسائل النصية عبر أجهزة الهاتف الجوال وخدمات دعائية أخرى طبقت ونجحت في بلدان كثيرة».

ومع بداية العد التنازلي للانتخابات عاد المرشحون في العراق لطرق أبواب المطابع التي تهيأت هي الأخرى لاستيراد أجهزة طباعية حديثة وسريعة بألوان ونوعيات ورق جيدة، وبحسب صاحب مطبعة قال «إنها عملية موسمية لا تتكرر إلا كل أربع سنوات، ونحن نعمل في مجال طباعة الكتب والصحف لكننا ننظر الانتخابات بفارغ الصبر كونها تدر علينا أرباحا سريعة وسهلة».

الجهة المستفيدة الأخرى هم الخطاطون، فقد قاموا بشراء كميات كبيرة من الأقمشة والأصباغ استعدادا لمسابقة الخط العربي المروج للمرشحين، رغم علم الجميع أنها دعاية قديمة وتأخذ مساحات وتحتاج لعمال لنشرها على الجدران والأسيجة والأماكن العامة، لكنها دعاية مناسبة خاصة في مدن غير بغداد.

وشددت أمانة بغداد والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات على الالتزام بمنع لصق الصور والبوسترات على الجدران منعا باتا من قبل الأحزاب والكيانات السياسية خلال الحملة الانتخابية.

وقال أمين بغداد صابر العيساوي، إن أمانة بغداد وضعت بالتنسيق والتعاون مع مفوضية الانتخابات عددا من الضوابط الصارمة لتنظيم الحملات الإعلانية الخاصة بالانتخابات الماضية، مشيرا إلى أن «الضوابط الجديدة الخاصة بالانتخابات المقبلة ستكون أكثر وأشد صرامة بهدف منع تشويه منظر وجمالية العاصمة بغداد ومناطقها التاريخية والتراثية والدينية وأماكنها العامة».

وأضاف العيساوي أن «أمانة بغداد تواجهها صعوبات كبيرة في إزالة الملصقات الخاصة بالانتخابات الماضية بسبب استخدام مواد لصق لا يمكن إزالتها إلا بإزالة طبقة من الجدران التي وضعت عليها، إضافة إلى إنفاق أموال طائلة من ميزانية الدولة لرفعها من على الجدران».

وطالب العيساوي الجهات والأحزاب والكيانات السياسية التي تروم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة بأن «تكون على وعي عال من المسؤولية وحرص شديد في المحافظة على منظر مدينة بغداد وباقي محافظات العراق قبل اتخاذ أي عقوبات رادعة بحقهم في حال مخالفتهم للضوابط والتعليمات ولصق دعاياتهم وإعلاناتهم بصورة عشوائية وغير حضارية على الجدران والأماكن العامة». وأضاف أن «بإمكان المرشحين استخدام وسائل دعاية بديلة كلافتات القماش ولوحات الفليكس والملصقات الورقية التي يمكن إزالتها بسهولة بعد انتهاء مدة الانتخابات». ونوه العيساوي بأن «أمانة بغداد ستصدر بيانات أسبوعية يتم من خلالها إبلاغ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالأشخاص والجهات والكيانات السياسية التي تخالف الضوابط باستخدامها الملصقات بصورة عشوائية وغير منظمة لتحميلهم كلفة إزالتها».

من جهته، قال رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري إن «المفوضية وأمانة بغداد تعملان جهد الإمكان على تطبيق تجربة الحملات الإعلامية في انتخابات إقليم كردستان، من خلال منع أي ملصقات على جدران مؤسسات الدولة والشوارع العامة في مدينة بغداد». وبين أن «المفوضية ستصدر مجموعة من الإجراءات التي سيتم بموجبها تحديد كيفية الإعلان في الحملة الانتخابية المقبلة، وبالتالي يتم وضع العقوبة بدرجة الجرم الذي يقوم به الكيان السياسي في تشويه منظر ومظهر وجمالية مدينة بغداد وباقي محافظات العراق».

وكانت مفوضية الانتخابات قد أجرت أول من أمس القرعة الخاصة بالكيانات المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث صادقت على 306 كيانات سياسية و18 ائتلافا وتسلمت قوائم نحو 6500 مرشح.

ونقلت وكالة «أصوات العراق» عن عضو مجلس المفوضين حمدية الحسيني، دعوتها الكيانات السياسية إلى أن «يكون البدء بالحملات الإعلانية اعتبارا من اليوم الثاني من إصدار أسماء المرشحين، ولا يسمح لأي كيان سياسي من الآن بممارسة أي أعمال انتخابية».

ووفقا للقرعة، حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على الرقم 337، والتحالف الكردستاني على الرقم 372، بينما حصل الائتلاف الوطني العراقي بقيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي على الرقم 316، وكتلة كوران التغيير بزعامة السياسي الكردي نوشيروان مصطفى على الرقم 329، وقائمة أحرار بزعامة النائب البارز إياد جمال الدين الرقم 374.