إيران تقر بوجود ابنة زعيم «القاعدة» في السفارة السعودية

تأكيدا لما انفردت به «الشرق الأوسط» الأربعاء

عمر بن لادن وزوجته زينة («الشرق الأوسط»)
TT

أشادت السيدة نجوى الغانم، أولى زوجات أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، بتصريحات منوشهر متقي أول من أمس التي أقر فيها بوجود إحدى بنات أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في السفارة السعودية وأنها تريد مغادرة البلاد. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات متقي لإذاعة محلية كانت بالنسبة لها بردا وسلاما، أي إنها المرة الأولى التي يعترف فيها المسؤول الأول عن الخارجية الإيرانية بوجود ابنتها إيمان في ضيافة السفارة السعودية، مشيرة إلى أن الأحداث تتلاحق بسرعة بعد ما كشفته «الشرق الأوسط» الأربعاء عن وجود أولادها الستة وزوجة أسامة أم حمزة في إيران منذ ثماني سنوات. وشكرت السلطات الإيرانية على سرعة استجابتها لما نشر في «الشرق الأوسط»، وقالت إنه ربما كانوا هم أيضا على حق في عدم معرفتهم بوجود أولادها في بلادهم منذ سنوات، لأنهم دخلوا الأراضي الإيرانية بوثائق سفر وهويات بأسماء غير أسمائهم بعد هجمات سبتمبر (أيلول). وقالت إنها المرة الأولى التي تشعر فيها بالسعادة والبهجة منذ ثماني سنوات ونصف وتشعر أن الله استجاب لدعائها الذي لا ينقطع في ظلمة كل ليل، وتأكد لها وجود أولادها على قيد الحياة في طهران، ولم تكن تتوقع أن يكون الإيرانيون بهذه الأريحية وكرم النفس، ولم تكن تتوقع أن يعترفوا بمثل هذه السرعة بوجود أولادها في ضيافتهم، «إنها أفضال ونعم من الله عز وجل مع بداية العام الهجري الجديد لعله يكون عام خير ومسح للأحزان التي مررنا بها». وأوضحت أنها تشعر أن أولادها وأحفادها الـ11 سيكونون في حضنها في غضون أيام. وكان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أول من أمس قال إن السفارة السعودية في طهران أبلغت السلطات الإيرانية أن إحدى بنات أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» موجودة في السفارة وتريد مغادرة البلاد.

وقال متقي: «لا نعرف كيف دخلت السفارة السعودية ولا كيف دخلت إيران أصلا، وهويتها الحقيقية ليست واضحة لنا، عندما نتحقق من هويتها الحقيقية سيمكنها مغادرة إيران بالتصريح المناسب». ولم يشر متقي إلى أي أقارب آخرين لأسامة بن لادن يعيشون في إيران. وكانت «الشرق الأوسط» انفردت الأربعاء، بتأكيد أن إيمان ابنة بن لادن البالغة من العمر 17 عاما، لجأت إلى السفارة السعودية، وأن بعض أقارب بن لادن الأقربين، بمن فيهم بعض أبنائه وأحفاده الـ11 يقيمون في مجمع سري في إيران. وهربت إيمان، إحدى بنات بن لادن، أثناء رحلة تسوق نادرة خارج المجمع وتوجهت إلى السفارة السعودية حيث تقيم الآن ريثما تحصل على إذن لمغادرة إيران. وقال متقي متحدثا على شاشات التلفزيون الإيراني: «أبلغتنا السفارة السعودية منذ بعض الوقت أن إحدى بنات بن لادن موجودة في السفارة السعودية في طهران». وأضاف قائلا: «لا نعرف كيف دخلت السفارة السعودية؟ وكيف دخلت إيران أصلا؟. وهويتها الحقيقية ليست واضحة لنا بعد. عندما نتحقق من هويتها الحقيقية سيمكنها مغادرة إيران بالتصريح المناسب».

وأوضح متقي عبر التلفزيون الليلة قبل الماضية: «قبل بعض الوقت قالت سفارة المملكة العربية السعودية في طهران إن إحدى بنات بن لادن موجودة في مجمع» البعثة الدبلوماسية السعودية. وأضاف: «وقالت وزارة الخارجية عندئذ للسفارة إن بإمكانها وفقا للاتفاقيات الدولية أن تغادر إيران بوثائق سفر متى تم التأكد من هويتها». وتابع: «لم نتأكد بعد من هويتها لكن السفارة قالت إنها هي بالفعل». وأضاف أنه حال تمكن السلطات الإيرانية من التأكد من هويتها، ستحظى بحرية مغادرة البلاد.

الملاحظ أن متقي أغفل ذكر أبناء بن لادن الآخرين، ولم يطرح مقدم البرنامج أي أسئلة عليه حول ما إذا كانت طهران تحتجز أيا من أبناء بن لادن الآخرين. يذكر أنه من المعتقد أن بن لادن لديه 19 ابن وابنة من زيجات مختلفة. ويعتقد أنه اصطحب واحدة على الأقل من زوجاته وأطفالها إلى أفغانستان في أواخر التسعينات من القرن الماضي بعد طرده من ملاذه السابق في السودان. وقد فر أفراد أسرته لدى اندلاع الحرب التي قادتها واشنطن في أفغانستان، بمن في ذلك المجموعة التي حاولت الفرار عبر الأراضي الإيرانية. في هذه الأثناء نقلت محطة «برس تي في» عن رامين مهمان برست المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله إن السفارة السعودية طلبت رسميا وثائق سفر لابنة بن لادن. وذكر المتحدث أن السفارة قالت في رسالة وجهتها إلى وزارة الخارجية الإيرانية إن الفتاة دخلت إيران بصورة غير مشروعة عبر الحدود الشرقية من البلاد من دون وثائق صحيحة. وقال المتحدث أيضا إن «القانون الإيراني يتطلب أن تحضر ابنة بن لادن شخصيا إلى وزارة الخارجية لتقديم طلب الحصول على وثيقة سفر». من جهة ثانية، قالت سلطات الحدود الإيرانية إنه لا توجد وثائق رسمية تشير إلى وصول ابنة بن لادن إلى الأراضي الإيرانية، ولم تستبعد أن تكون دخلت بطريقة غير شرعية.

وبين أفراد المجموعة الموجودة في إيران إحدى زوجات بن لادن وبعض أبنائه كانوا اختفوا من معسكره في أفغانستان وقت الهجمات التي شنت في الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2001.

وكان عمر النجل الرابع لابن لادن كشف لـ«الشرق الأوسط» أنهم اكتشفوا الشهر الماضي أن المجموعة التي تضم إحدى زوجات بن لادن و6 من أبنائه و11 من أحفاده كانت موجودة في مجمع شديد الحراسة خارج طهران على مدى السنوات الثماني الماضية. وناشدت نجوى الغانم في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط» أول من أمس السلطات الإيرانية أن تكمل «الجميل الحسن» بما قدمته من استضافة وإعاشة لأولادها منذ عام 2001 حتى اليوم بسرعة تسهيل عودة أبنائها إلى العائلة. وأكدت في عدد «الشرق الأوسط» أول من أمس أنها في حالة صحية سيئة وتدعو الله ليل نهار، وتأمل في فرجه القريب بسرعة لم شمل العائلة بعودة أطفالها وأحفادها الـ11 الذين لم ترهم من قبل لوجودهم في إيران. وقال عمر بن لادن، 29 عاما، إنه لم يكن يعرف إن كان إخوته وأخواته على قيد الحياة إلي أن اتصلوا به في نوفمبر (تشرين الثاني). وأبلغوه كيف فروا من أفغانستان قبيل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) وساروا إلى الحدود الإيرانية، ومن هناك نقلوا إلى مجمع له أسوار خارج طهران حيث قال حراس إنهم غير مسموح لهم بمغادرته من أجل سلامتهم. وقال عمر بن لادن إن أقاربه عاشوا حياة عادية بقدر الإمكان وكانوا يقضون وقتهم في طهي طعامهم ومشاهدة التلفزيون والقراءة، ونادرا ما كان يسمح لهم بالخروج لشراء حاجاتهم. وأضاف أنه لم تعرف الحكومة الإيرانية ماذا تفعل مع هذه المجموعة الكبيرة من الأشخاص التي لا يريدها أحد ولذا حافظوا على أمنهم فحسب. و«لذلك ندين لهم بالكثير من الامتنان، ونشكر إيران من أعماق قلوبنا». وقال إنه يأمل الآن أن يسمح لعائلته بمغادرة إيران واللحاق بوالدته وشقيقه وشقيقتيه في سورية أو اللحاق به وزوجته في قطر. وصرح مسؤول أميركي هذا العام، بأن سعد بن لادن، أكبر أبناء زعيم «القاعدة»، ربما تعرض للقتل في غارة جوية أميركية في باكستان، حيث يعتقد أنه ربما فر إلى هناك قادما من إيران. إلا أن المسؤول عجز عن تأكيد هذه المعلومات. وناشد عمر بن لادن الحكومة الإيرانية السماح لأسرته بجمع شملها مع أقاربهم في السعودية أو سورية أو قطر. وأشار عمر بن لادن إلى أنه كان يجهل مكان وجود إخوانه وعائلاتهم وزوجة والده قبل أربعة أسابيع، وقد اكتشف باقي أفراد عائلة زعيم «القاعدة» وجود إخوتهم في إيران بعد أن تمكنت إيمان من الاتصال بشقيقها عبد الله في السعودية، وبعد أن تمكن عثمان أسامة بن لادن من الاتصال بأخيه عمر المقيم في قطر.

وأكد أن الحكومة الإيرانية تولت رعاية أسرته، وأمدتهم بجميع احتياجاتهم وأبقت عليهم داخل معسكر محاط بأسوار لحمايتهم. وأضاف أن أبناء بن لادن المعتقد أنهم لا يزالون في المعسكر هم محمد وحمزة وعثمان وبكر وفاطمة. إلى جانب 25 من الأقارب الآخرين، بينهم زوجاتهم وأطفالهم. وقال عمر بن لادن في رسالة إلكترونية إلى «الشرق الأوسط» إن سعد، 29 عاما، غادر المعسكر منذ أقل من عام ومن غير المعروف مكانه. وشنت القوات الأميركية والأفغانية هجوما واسع النطاق على جبال تورا بورا في 2001 لملاحقة بن لادن السعودي المولد. ولم يعثر قط على بن لادن، ومن المعتقد أنه لا يزال مختبئا في المنطقة الحدودية الجبلية بين أفغانستان وباكستان.