مسلسل الأحداث.. ودراما قصة صحافية تتطور يوميا

بدأتها «الشرق الأوسط» .. وأثارت اهتماما عالميا

صور ضوئية من بعض ما نشرته «الشرق الأوسط» في الأيام الماضية («الشرق الأوسط»)
TT

جاء تأكيد إيران على لسان وزير خارجيتها منوشهر متقي في مقابلة تلفزيونية بلجوء ابنة أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة إلى السفارة السعودية في إيران كبداية نهاية لدراما قصة صحافية انفردت بها «الشرق الأوسط» وأثارت اهتماما دوليا كبيرا لأنها قلبت الكثير من الحقائق التي كانت راسخة وإن كان بغير تأكيدات عن أسرة زعيم «القاعدة» المطارد والواضع على رأسه 50 مليون دولار، ولا يعرف أحد مكانه أو ما إذا كان حيا أو ميتا بعد هروبه من الحصار في تورا بورا بعد الهجوم الأميركي في أفغانستان.

بدأت القصة في «الشرق الأوسط» يوم الأربعاء 23 من الشهر الحالي حينما قال عمر بن لادن (29 عاما)، الابن الرابع لأسامة بن لادن، لـ«الشرق الأوسط»، إن شقيقته إيمان وخمسة من إخوانه وزوجة أبيه (أم حمزة) محتجزون لدى السلطات الإيرانية منذ غزو أفغانستان نهاية عام 2001، مناشدا الحكومة الإيرانية الإفراج عنهم.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها عن مكان وجود أفراد عائلة أسامة بن لادن الذين كان يعتقد أنهم قتلوا في أفغانستان، وبينما تحدثت تقارير كثيرة منسوبة إلى مصادر في السنوات الماضية عن وجود قياديين من «القاعدة» وأحد أنجال بن لادن محتجزين هناك بعد فرارهم من أفغانستان، فإنها كانت المرة الأولى التي يكشف فيها عن مكان وجود عائلة بن لادن، وكان لذلك وقع هائل خاصة في الإعلام الغربي حيث تناقلت أكثر من 25 وسيلة إعلامية قصة «الشرق الأوسط» التي جاءت موثقة. ونقلت وسائل إعلام كثيرة قصة «الشرق الأوسط» أو اتصلت بالعائلة اعتمادا على قصة «الشرق الأوسط».

وقال عمر بن لادن المقيم في قطر في حديث هاتفي ورسالة إلكترونية تلقتها «الشرق الأوسط» في القصة الأولى إن عائلة بن لادن المكونة من زوجته الأولى نجوى، وهي سورية تقيم في العاصمة دمشق، كانت تجهل أن ابنتها إيمان وبقية إخوتها على قيد الحياة طيلة السنوات الماضية، إلى أن اتصلت منذ ما يقارب شهر بعائلتها.

كما أرسل عمر بن لادن لـ«الشرق الأوسط» صورا لأشقائه المحتجزين في طهران، وقال إنهم لم يتلقوا أي مواد تعليمية منذ احتجازهم في 2001، ويريدون العودة إلى ذويهم سواء في السعودية أو سورية، موضحا أن شقيقته إيمان استطاعت الهرب من الحراس المرافقين لها ولزوجة أبيها (أم حمزة) السيدة خيرية، أثناء جولة تسوق لهما، حيث قالت إن السلطات الإيرانية تسمح لهم بجولة تسوق واحدة كل ستة أشهر.

وقال عمر إنها المرة الأولى منذ هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 التي يمكن فيها الجزم بمكان أشقائه أولاد بن لادن، حيث يوجد خمسة في السعودية وثلاثة في سورية. وقال: «حتى قبل أربعة أسابيع لم نكن نعرف مكان بقية الأشقاء، وهم سعد الذي يبلغ من العمر الآن نحو 29 عاما، عثمان (25 عاما)، وفاطمة (22 عاما)، وحمزة (20 عاما)، وإيمان (17 عاما)، وبكر (15 عاما)».

وأضاف نجل بن لادن «أنه على الرغم مما تردد من أن سعد قتل قبل عام ونصف في الشريط القبلي بهجوم صاروخي أميركي بطائرة دون طيار، وأنه ارتبط بعمليات إرهابية، فإنني أستطيع تأكيد خلاف ذلك». وأوضح أن والدته (نجوى) تركت أطفالها قبل هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 عندما قررت أن تغادر أفغانستان، لكنها تبدي ندما شديدا وحسرة، حيث تذرف الدموع على مصير أطفالها الذين تركتهم هناك. وبحسب عمر بن لادن، الذي يسبقه في العمر عبد الله المقيم في السعودية وعبد الرحمن المقيم في سورية مع والدته نجوى، وسعد المحتجز في طهران مع بقية أشقائه، فقد اتصلت إيمان بشقيقها عبد الله الذي طلب منها اللجوء إلى السفارة السعودية فورا، ومنذ ذلك الحين لا تزال الاتصالات جارية للسماح لها بمغادرة إيران لكن دون جدوى.

في الوقت ذاته جرى التأكد من مسؤول «بالسفارة السعودية في طهران، بوجود إيمان ابنة بن لادن في ضيافة السفارة السعودية، وأنها هناك منذ أكثر من 25 يوما وهناك جهود دبلوماسية تبذل لترحيلها معززة مكرمة إلى أهلها وذويها». وقال نجل بن لادن إن الصدفة البحتة هي التي قادته لمعرفة مصير أشقائه الخمسة، فقبل شهر من الآن سمح شاب إيراني لشقيقه عثمان من استخدام هاتفه الجوال للاتصال به لإبلاغه أنهم جميعا على قيد الحياة، موضحا أن عثمان كان يبلغ من العمر نحو 17 عاما وقت وقوع هجمات سبتمبر 2001، ولكنه استطاع أن يصطحب زوجته وطفله برفقة شقيقه سعد وزوجته وطفله وبقية أشقائه وعدد من أفراد العوائل العربية إلى الحدود الإيرانية، حيث تمت إعاشتهم في مجمع سكني تحت حراسة مشددة في العاصمة طهران، وفي البداية تم الفصل بين أفراد العوائل، الذكور في ملحق سكني والإناث في ملحق آخر بعيد، ولحمايتهم لم يسمح لهم بالخروج أبدا من المجمع السكني، ولكن بعد فترة من الزمن تم السماح لهم بالاختلاط، وتم تزويدهم بأجهزة تلفزيونية، وكانت الحكومة الإيرانية كريمة في إعاشتهم، وتزويدهم بكل ما يحتاجونه، ولكن على الأرجح السلطات الإيرانية لم تكن تعرف ماذا ستفعل بهذه المجموعة الكبيرة من العوائل العربية غير المرغوب فيها من أي طرف. وفي اليوم التالي 24 ديسمبر (كانون الأول) قالت لـ«الشرق الأوسط» والدة أبناء أسامة بن لادن وهي زوجته الأولى السيدة نجوى الغانم إنها تتصل بابنتها إيمان وتطمئن عليها من خلال تحويلة داخلية حيث تعيش ابنتها في غرفة خاصة في السفارة السعودية حتى يحين الفرج بسفرها إلى السعودية أو سورية حسب قولها، وقالت «يحتجز في مجمع سكني أولادي (سعد وعثمان ومحمد وفاطمة وبكر وأولادهم وزوجاتهم) بالإضافة إلى السيدة خيرية زوجة بن لادن». بينما قال عمر بن لادن إنه آن الأوان لكي يعود الأبناء والأشقاء إلى أرضهم الطيبة وبلدهم الحبيب السعودية بدلا من هذا التشتت.

ونشرت «الشرق الأوسط» تصريحات جديدة لعمر بن لادن حول شقيقه سعد قال فيها إنه فرّ من المجمع السكني الذي كان محتجزا فيه مع إخوته الخمسة وزوجة والده أم حمزة قبل أقل من عام. وأضاف أن شقيقه سعد، الذي تردد أنه قتل بصاروخ أميركي بطائرة دون طيار في الشريط القبلي، وكان قيد الإقامة الجبرية لدى السلطات الإيرانية قد نجح من الفرار من قبضة السلطات الإيرانية، معربا عن اعتقاده أن شقيقه بخير، وما زال داخل الأراضي الإيرانية. ثم جاء تأكيد متقي لقصة «الشرق الأوسط» حول وجود ابنة بن لادن في السفارة السعودية ليضع فصلا جديدا في هذه الدراما.