تعقيدات تحيط بمحاكمة خالد شيخ محمد في مانهاتن

محامو مدبر هجمات سبتمبر يبحثون عن محاكمة نزيهة للحفاظ على حياته

TT

منذ إعلان الحكومة الأميركية أن خالد شيخ محمد سوف يحاكم مع آخرين داخل مانهاتن لعلاقتهم بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، أبدى عدد من المحامين وآخرون شكوكهم في أن مثل هذه المحاكمة سوف تقام داخل المدينة. وهم واثقون من أن محامي الدفاع سوف يطلبون نقل المحاكمة، ويعتقدون أن القاضي يمكن أن يوافق على ذلك. ولكن، تظهر مراجعة لمحاكمات سابقة مرتبطة بالإرهاب ومقابلات مع محامين مشاركين في هذه القضايا ومع خبراء قانون أنه من الصعب التأكد من هذه النتيجة. وعلى سبيل المثال، فإن القضاة الفيدراليين في مانهاتن لم يوقعوا عقوبة الإعدام على أي من المتهمين الستة الذين كان يحتمل حصولهم على هذا الحكم بعد إعادة عقوبة الإعدام فيدراليا قبل عقدين من الزمان. ويمكن أن يرى محامو محمد أن التزامهم القانوني الأكبر ليس الحصول على براءة له ولكن الحفاظ على حياته، وأنه لا يوجد مكان لتحقيق ذلك أفضل من محاكمة فيدرالية بمانهاتن. ويذكر أنه في قضية عام 2002، سعى محام لدى محكمة منطقة فيدرالية بمانهاتن إلى تغيير مكان محاكمة مساعد أسامة بن لادن الذي اتهم بطعن حارس سجن. وقال المحامي ريتشارد ليند إنه كان مقتنعا بأن موكله لا يمكنه الحصول على محاكمة نزيهة داخل مانهاتن بعد 9/11. وعقد السيد ليند استطلاعات في نيويورك وخمس مناطق أخرى في يناير (كانون الثاني) 2002. وأظهر الاستطلاع أن 58 في المائة من قاطني نيويورك «تأثروا بصورة شخصية» بالهجمات وهو أكثر بمعدل الضعف مقارنة بمتوسط النتائج في المناطق الأخرى. وكتب السيد ليند: «هناك موجة مدِّية عاطفية بين المواطنين» داخل نيويورك. ولكن رفض القاضي ديبورا باتس الطلب، واستشهد باستطلاعين آخرين أظهرا أن مستويات التحيز لم تكن مختلفة عن الأماكن الأخرى. وكتب القاضي: «على الرغم من أن سكان نيويورك تلقوا ضربة صعبة بسبب الدمار اللاحق بمركز التجارة العالمي والخسارة الكبيرة بين المحبوبين، فإن الموجة المدِّية العاطفية أمر واقع على المستوى الوطني وليس على المستوى المحلي فقط».

وخلص محامو دفاع في محاكمة بارزة تتعلق بتهم إرهاب في مانهاتن قبل 15 عاما إلى نتيجة متشابهة، عندما طلبوا إجراء استطلاع رأي حول إذا ما كان لموكليهم حظ أفضل داخل مدينة أخرى غير نيويورك. في ذلك الوقت، كان الشيخ عمر عبد الرحمن ومجموعة أخرى يواجهون محاكمة فيدرالية في عام 1995 بتهم التآمر لتفجير الأمم المتحدة وجسر جورج واشنطن وأنفاق هودسون ريفر ومعالم أخرى بارزة. واعتقد المحامون أن موكليهم قد لا يحظوا بمحاكمة نزيهة داخل المدينة التي اتهموا باستهدافها. ولكن أظهر استطلاع للمحلفين المحتملين أن نيويورك ليست أسوأ من الأماكن الأخرى. ويقول ديفيد لويس، وهو أحد المحامين: «هل كنا نتوقع هذه النتيجة؟ لا. وهل كنا نتوقع النقيض لذلك؟ نعم».

ولا توجد معلومات كثيرة عن القضايا القادمة ضد محمد وأربعة آخرين، فلم يتم نشر لائحة اتهام علنية حتى الآن ولم يتم اختيار قاض. ولم يتضح بعد هل سيوكل محمد محاميا أم سيتولى الدفاع عن نفسه. ويقول بعض المحامين إنه حال توليه الدفاع عن نفسه ربما يصبح طلب تغيير مكان المحاكمة إلزاميا بسبب الأثر الذي خلفته هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على المدينة. ويقول نيل فيدمار، أستاذ القانون في جامعة دوك: «على ضوء الدعاية التي صاحبت هذه القضية، فإن جميع الأشياء محتملة. ومن ناحية إمكانية الحصول على هيئة محلفين نزيهة في مانهاتن، أرى تلقائيا أنه يجب نقل المحاكمة إلى مكان آخر. وقد أكون مخطئا، فقد خدعتني مثل هذه الأشياء في الماضي».

ولا يعني عجز الحكومة عن الحصول على حكم بالإعدام فيدراليا في مانهاتن أن جميع القضاة يفضلون الحكم بالسجن مدى الحياة. فلمنع عقوبة الإعدام، يحتاج الدفاع إلى قاض متحرر فكريا يمكن أن يرى، على سبيل المثال، أن الحبس الانفرادي مدى الحياة قد يكون عقوبة أكبر لإرهابي يسعى إلى طلب الشهادة. ويقول دانيال ريتشمان، أستاذ القانون في كولومبيا ومدع فيدرالي سابق في مانهاتن: «ليس جميع هيئات المحلفين الأميركيين بها التنوع والانفتاح الذي اشتهر به المحلفون في نيويورك. وأعتقد أن الناس في أي مكان آخر سيكونون أسرع في إغلاق آذانهم عن أي شيء يقوله المتهمون».

ويمكن أن يؤدي نقل المحاكمات الكبرى المرتبطة بالإرهاب إلى نتائج مختلطة، فبعد تفجير مبنى ألفريد موريه الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما عام 1995، الذي قتل فيه 168 شخصا من بينهم أطفال داخل مركز رعاية يومية، أمر القاضي بنقل محاكمات تيموثي ماكفي وتيري نيكولاس إلى دينفر بعد أن وجد أن الدعاية التي سبقت المحاكمات خلقت «تحيزا كبيرا» ضد الرجلين داخل أوكلاهوما بالصورة التي يتعذر معها حصولهما على محاكمات نزيهة هناك. وحكم على ماكفي بعقوبة الإعدام في دينفر، فيما تجنب نيكولاس عقوبة الإعدام. وبعد ذلك تمت محاكمة نيكولاس مرة أخرى في ماك أليستر بأوكلاهوما ومرة أخرى نجا من عقوبة الإعدام. ويقول مايكل تيغر، وهو محام مثل نيكولاس في المحاكمة الفيدرالية، إنه من المبكر جدا القول بأن نقل مكان المحاكمة شيء مبرر في قضية 9/11، ولكنه أضاف: «يجب التفكير قبل قول: (دعونا نخرج من نيويورك)».

وقال إنه في مثل هذه القضايا يجب أن يدرس المحامي القضية و«يقدم نصيحة إلى الموكل اعتمادا على مقدار من المعلومات أكبر مما لدي في الوقت الحالي».

وهذه المعلومات هي التي كان يسعى وراءها المحامون استعدادا لمحاكمة عبد الرحمن وآخرين اتهموا بالتآمر لتفجير معالم بارزة في المدينة. وصدرت لائحة اتهام ضد الرجال في أغسطس (آب) 1993، أي بعد ستة أشهر من الهجوم الأول على مركز التجارة العالمية، الذي أفضى إلى مقتل ستة أشخاص. ويعتقد المحامون أن القضاة سوف يتأثرون بالهجمات، وبقرب المحكمة من «بلازا فيدرال 26»، وهو مبني حكومي يقول المدعون إنه كان هدفا للمؤامرة. وذكر محاميان أنهما أجريا استطلاعا للقضاة المحتملين في مانهاتن ومنطقتين أخريين على الأقل، من بينهما كونيكتيكوت، لمعرفة هل سيكون القضاة «البعيدون عن الأهداف المزعومة أقل خشية ومن ثم أقل عرضة لإصدار أحكام مسبقة خاصة بالمتهمين في هذه القضية»، حسب ما كتبه المحاميان للقاضي في مايو (أيار) 1994. وقال لويس، أحد المحامين، إنه توقع أن الدراسة سوف تدعم «بقوة» طلب نقل المحاكمة. ولكن أظهرت النتائج أن «المستوى العام للتحيز ضد هؤلاء المتهمين متساو» داخل جميع الأماكن التي استطلعت، وذلك حسب ما كتب المحاميان إلى القاضي.

* خدمة «نيويورك تايمز».