2009 نهاية عقد: 2010 سنة الاختبارات المصيرية في العلاقات اللبنانية - السورية

انتهى العام بزيارة تاريخية للحريري إلى سورية طوت خمس سنوات من العداء

سعد الحريري خلال لقائه الرئيس الأسد في دمشق (أ.ف.ب)
TT

«سعد الحريري في دمشق، هذا هو الحدث بحد ذاته، والباقي تفاصيل». هكذا علق مصدر سوري على أول زيارة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى سورية بعد خمس سنوات على استشهاد والده، وتفجر الخلافات اللبنانية - السورية. الزيارة التي وصفها الحريري بـ«التاريخية» و«الممتازة» يفترض أن تشكل مفصلا مهما، خاصة أن سورية تبدي حماسة كبيرة لها. لهذا يعتبر البعض في لبنان أن عام 2010 سيكون فرَجا طال انتظاره، بينما يتخوف البعض الآخر من أن يكون ذلك بداية لعودة النفوذ السوري بسطوته الفولاذية إلى بلاد الأرز. وإذا كانت الغالبية في لبنان تنظر بعين الرضا إلى تطورات العلاقة مع سورية، فإن الجانب المسيحي من قوى 14 آذار هو أكثر الحذرين مما يجري. ويقول النائب من القوات اللبنانية أنطوان زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «علاقتنا مع سورية في مرحلة اختبار جديد، لكن مؤشراتها غير مشجعة. فالاستنابات التي سبقت زيارة الرئيس الحريري، والاستقبالات للبنانيين يتهافتون على زيارة سورية، من الأمور التي تجعلنا لا نطمئن إلى الآتي، لكننا نراقب وننتظر». ويتابع زهرا: «كان الفريق الآخر في البلد يقول لنا: كيف تريدون حل المشاكل مع سورية في جو عدائي. الآن تحسنت الأجواء، رئيس وزراء لبنان زار سورية، ورئيس جمهوريتنا زارها أكثر من مرة. وسنرى النتائج. قد يكون الطرف الآخر معه حق، لكن تجربتنا مرة، وكل ما نأمله هو أن يكون السوريون قد اتعظوا، وأن نكون من جانبنا قد اتعظنا».

بقيت العلاقات بين سورية ولبنان، مستعرة نارها منذ اغتيال الرئيس الحريري عام 2005 وخروج الجيش السوري من لبنان، ومن ثم توالي عمليات الاغتيال السياسي، والانفجارات المتنقلة، التي اتهمت بها الشقيقة بشكل مباشر، وقامت على إثرها المحكمة الدولية. دخلت الزيارات الرسمية بين البلدين مرحلة جمود استمر حتى منتصف 2008، قطعتها ثلاث زيارات لوزير خارجية سورية وليد المعلم للبنان. الأولى في أغسطس (آب) 2006 إثر حرب تموز الإسرائيلية اللعينة، حيث وصل المعلم إلى بيروت للمرة الأولى منذ خروج الجيش السوري للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب، ثم عاد يوم 25 مايو (أيار) 2008 ليشارك في انتخاب رئيس الجمهورية ميشال سليمان، كجزء من حل شامل تم الاتفاق عليه في الدوحة وأيدته دمشق، تبع ذلك تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي نالت فيها المعارضة ما أرادت وبالتالي سورية أيضا. ويوم 25 يوليو (تموز) 2008 وصل المعلم لمرة ثالثة إلى بيروت ليعلن منها عن نية سورية تبادل السفارات وترسيم الحدود، ووعد أهالي المعتقلين بحل مشكلتهم، وسلم دعوة لرئيس الجمهورية لزيارة دمشق. في 13 أغسطس 2008 وصل سليمان إلى دمشق في أول زيارة لرئيس لبناني منذ 2005. وبعدها كرت السبحة، وكأنما كانت زيارة الرئيس فاتحة لكسر التابو الدمشقي. إذ وضعت القمة بين الرئيسين «خريطة طريق» لعودة العلاقات إلى طبيعتها انطلاقا من علاقات دبلوماسية بين البلدين (وهو ما رفضته سورية منذ الاستقلال) وتمت إعادة إحياء لجنة ترسيم الحدود، عدا ملف الاتفاقيات الثنائية الاقتصادية والزراعية، لكن الأبرز هو موضوع التنسيق الأمني الذي عاد ليأخذ طريقه من خلال الأقنية الرسمية سواء عبر زيارة وزير الداخلية أو وزير الدفاع وقائد الجيش لدمشق، خاصة أن سورية شهدت في تلك المرحلة أعمالا إرهابية من بينها انفجار القزاز، واتهمت أطرافا لبنانية بالضلوع فيها، معتبرة الشمال اللبناني موئلا لمتطرفين إسلاميين. وقيل بعد تلك القمة الرئاسية إن ازدحاما مفاجئا غيّر معالم الطريق الدولية بين البلدين. وزار سورية خلال ما يقارب الشهرين كل من وزراء الإعلام والثقافة والصحة، إضافة إلى قائد الجيش وطلال أرسلان وإيلي سكاف وآخرين. لكن أبرز الزائرين لدمشق في تلك الفترة وأهمهم هو الجنرال ميشال عون، العدو اللدود لدمشق الذي صار صديقا حميما يستقبل بحفاوة استفزت بعض اللبنانيين وتم تطويبه كزعيم للمسيحيين ليس في لبنان فقط بل في الشرق أيضا، بعد أن زار الكنائس والمزارات المسيحية «على خطى القديس بولس» كما قيل حينها.

توجس بعض اللبنانيين من التسرع في إعادة لحمة العلاقات اللبنانية السورية، بطريقة قد تخفي رغبة سورية في تفريغ التمثيل الدبلوماسي المؤمل من مضمونه. وكان ثمة تساؤل لا يزال قائما: لماذا تسير هذه الزيارات باتجاه بيروت - دمشق، ولا شيء على خط دمشق - بيروت؟

ربحت سورية الكثير، فقد انعكس تحسن العلاقات بين سورية ولبنان بشكل إيجابي على الموقف الدولي حيال سورية ودورها في لبنان خصوصا من جانب الأوروبيين، وتحديدا فرنسا، فضلا عن انفراجات على صعيد علاقاتها العربية. وتخلصت سورية من الحصار الذي مارسته الإدارة الأميركية عليها برئاسة جورج بوش، مع فوز باراك أوباما وحاجته لتهدئة الأجواء المشحونة وهو يتهيأ لانسحاب صعب من العراق، وحوار شاق مع إيران، ومعركة غير مأمونة العواقب في أفغانستان.

داخليا شعر أفرقاء 14 آذار بأن المشروع الأميركي في الشرق الأوسط وصل إلى حائط المسدود. وتأكد الظن يوم 7 مايو 2008، يوم دخلت المعارضة على رأسها «حزب الله» أحياء بيروت، كما زحفت إلى الجبل، من دون أن تحرك أميركا ساكنا أو تطلق تهديدا. حرب قصيرة لكن قاسية، انتهت باتفاق الدوحة، الذي فتح الباب أمام انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور دام شهورا، وانتخابات نيابية حامية الوطيس انتهت بفوز قوى 14 آذار لمرة جديدة.

الانتخابات التي اشتدت حملاتها مع مطلع عام 2009، بدا وكأنها جبّت الحرارة التي كادت تدب في الأوصال السورية اللبنانية. صحيح أن ميشال عون أدار جزءا من حملته الانتخابية انطلاقا من دمشق، والمعارضة لم تخف أنها لا تزال قوية وقادرة على تنفيذ ما تريد بفضل صلاتها مع الجوار، لكن فريق 14 آذار قاد خطابه الانتخابي ضد سورية وإيران وسلاح حزب الله. قال سعد الحريري في أحد خطاباته الانتخابية «قتلوا رفيق الحريري قبل أن يصل إلى صندوق الاقتراع، واليوم يحاولون قتل مسيرته عبر صندوق الاقتراع». وعادت عبارات التجييش، كما التذكير بالمحكمة الدولية والحقيقة التي يجب أن تظهر. تمايز الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عن فريق 14 آذار جميعا بخطاب نحا تدريجيا صوب الخروج من صف الموالاة باتجاه ما سماه «الوسطية». ورغم أنه قال في فبراير (شباط) 2009 «إن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري يفترض أن تردع الاغتيال السياسي وتقتص من المجرمين». إلا أن جنبلاط بعد شهر من ذلك طلب سحب اسم القاضي الدرزي نديم عبد الملك من بين القضاة الأربعة، الذين اختيروا للمشاركة في هيئتها، لأنه يفضل «عدم مشاركة أي قاض درزي في هذه المهمة». وفي مارس (آذار) 2009 بدأ جنبلاط يستذكر العروبة وفلسطين في خطاباته، ليكشف بعد الانتخابات عن وجه آخر أكثر ليونة ويستكمل المصالحات التي بدأها مع حزب الله على مستوى عال قاده مع ابنه تيمور إلى لقاء السيد حسن نصر الله.

سعد الحريري المكلف بتأليف حكومة الوحدة الوطنية احتاج خمسة أشهر من المفاوضات والتنازلات، لتشكيل حكومته التي ما كان لها أن تبصر النور دون توافق سعودي - سوري، قيل إن من بين أحد بنوده زيارة الرئيس الحريري إلى سورية. هذه الزيارة حين تمت، توجت أخيرا مسارا بطيئا ومتدرجا، في إعادة الحرارة بين البلدين. مسار لا يزال يتوجس منه مسيحيو فريق 14 آذار. لكن عمار حوري عضو كتلة المستقبل النيابية، يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة «هدفت إلى إقامة علاقات ندية وأخوية بين لبنان وسورية، وهو تماما ما يطلبه حزب الكتائب والقوات اللبنانية، ولا خلاف حول ذلك، والكل متوافقون». لكن الخلاف يبدو جليا حين يعتبر حوري أن «الملفات الأساسية بين البلدين هي على سكة الحل، فترسيم الحدود بدأ، وهناك إقرار بسحب السلاح خارج المخيمات وملف المفقودين على طاولة البحث». النائب عن القوات اللبنانية أنطوان زهرا يقول «إن النتائج التي وصلنا إليها في ما يتعلق بالملفات العالقة غير مرض لغاية الآن، ونحن نراقب لنرى إذا كانت المقاربة ستكون أكثر جدية في الشهور المقبلة». ويضيف زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع إقامة أفضل العلاقات مع سورية من خلال المؤسسات ومن دولة لدولة لا عبر أطراف وأشخاص. نحن مع زيارة وزراء ودراسة ملفات، لا علاقات شخصية، هذا ما يترجم فعليا سيادة لبنان. ونحن مطمئنون إلى أن حلفاءنا هذا هدفهم الحقيقي». وعما يقال بأن القوات اللبنانية نأت وأخرجت نفسها من المصالحة مع سورية يقول زهرا «نحن جزء من المصالحة التي تقوم بها الدولة اللبنانية عبر مؤسساتها، لا كفريق سياسي يذهب منفردا لزيارة دمشق، لأننا ننأى بأنفسنا عن العودة إلى ما كان عليه الحال في زمن الوصاية».

مايو (أيار) :

ـ 19/5: الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة سلام فياض تؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس السلطة الوطنية محمود عباس.

ـ 19/5: السعودية تؤجل الانتخابات البلدية لعامين بهدف توسيع مشاركة المواطنين.

ـ 20/5: أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح يعيد تكليف الشيخ ناصر المحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة.

ـ 20/5: إيران تصادق على ترشيح أربعة هم أحمدي نجاد ومهدي كروبي ومحسن رضائي ومير حسين موسوي للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 يونيو (حزيران).

ـ 21/5: محكمة مصرية تصدر حكمين بالإعدام على الملياردير والسياسي المصري هشام طلعت مصطفى والضابط محسن السكري بعد إدانتهما بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم.

ـ 25/5: كوريا الشمالية تعلن إجراء تجربة ناجحة لقنبلة ذرية والعالم يدين ويطالب بمعاقبتها.

ـ 27/5: فوز نادي برشلونة الإسباني ببطولة دوري أبطال أوروبا بعد تغلبه على نادي مانشستر يونايتد بهدفين مقابل لا شيء في استاد روما الأوليمبي في إيطاليا.

ـ 31/5: إجراء أول انتخابات في أوسيتيا الجنوبية بعد إعلانها استقلالها من جانب واحد عن جورجيا.

ـ 16/5 بدء الانتخابات البرلمانية الكويتية لمجلس الأمة، وفوز أربع سيدات للمرة الأولى في البرلمان وفقدان الإسلاميين لبعض مقاعدهم.

ـ 18/5: سريلانكا تعلن مقتل زعيم نمور التاميل المتمرد فيلوفيلاي برابهاكاران.