تشديد التدابير الأمنية بمطارات أوروبا على الرحلات المتجهة إلى أميركا

التفتيش بـ«ملامسة الجسد» دخل حيز التنفيذ

TT

عززت التدابير الأمنية أمس في المطارات الأوروبية الكبرى بطلب من الولايات المتحدة، بعد محاولة اعتداء على رحلة جوية بين أمستردام وديترويت. وقالت أجهزة التنسيق الوطني لمكافحة الإرهاب في هولندا «إن التدابير (الأمنية) الإضافية تطبق في العالم أجمع وعلى جميع الرحلات (الجوية) باتجاه الولايات المتحدة لمدة غير محددة»، معلنة عن طلب أميركي لتشديد الإجراءات الأمنية من شركات الطيران في العالم أجمع. وهذه التدابير التي تقضي خصوصا بـ«تفتيش المسافرين» وإجراء «عمليات تفتيش إضافية لحقائب اليد» دخلت حيز التنفيذ صباح أمس في هولندا. وقال مطار أمستردام ـ شيبول الدولي إنه لا يتوقع أن يؤثر ذلك قطعا على حركة النقل الجوي. وفضلا عن أمستردام التي أقلعت منها الطائرة التي استهدفها الاعتداء الفاشل خلال الليل، أسرعت مطارات روما وباريس وبروكسل بدورها في إعلان تعزيز إجراءاتها الأمنية. في مطار رواسي شارل ديغول الباريسي بدأ تطبيق التدابير صباح أمس فور إقلاع الطائرات الأولى باتجاه الولايات المتحدة. وتقضي الإجراءات على غرار أمستردام بالتفتيش بـ«ملامسة الجسد» لجميع الركاب المتجهين إلى الولايات المتحدة و«التحقق من حقائب اليد» التي يحملونها. وهذه التدابير قد تتسبب في تأخير موعد إقلاع الرحلات بحسب السلطات الفرنسية.

وقد عززت التدابير الأمنية أيضا في جميع المطارات الإيطالية للرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة بحسب وزارة الداخلية الإيطالية، كما تم «تشديد (تدابير) الحيطة» في مطار بروكسل بحسب المتحدث باسمه. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها أجرت السبت اتصالات «مع السلطات المختصة للتأكد من أن جميع القواعد والإجراءات متبعة في أوروبا». وفي لندن طلبت الهيئة البريطانية المسؤولة عن إدارة المطارات من المسافرين الحضور قبل الوقت المحدد لإجراءات التسجيل و«الحد» من عدد حقائب اليد بسبب تشديد التدابير الأمنية.

الى ذلك روى ركاب الرحلة 253 التابعة لشركة «نورث ويست إير لاينز» أنهم سمعوا ضجة قوية ورأوا ضوءا كثيفا قبل ظهور ألسنة اللهب في الطائرة. وذكرت وسائل إعلام عدة أن الشاب الذي قام بمحاولة الاعتداء أكد لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ارتباطه بتنظيم القاعدة.

ولم يستغرب دوغلاس ليرد مدير الأمن السابق في «نورث ويست إير لاينز» ذلك. وقال: «يصعب قول ذلك لكننا لا نحصد سوى ما زرعناه»، قبل أن يضيف أن «خوفي الوحيد هو أن يكون هناك آخرون». وتابع أنه طالما لم يتم استبدال أشعة إكس لتحل محلها أجهزة «سكانر جسدية» لتفتيش المسافرين «فإن الخطر لن يستبعد، لأنه إذا لم يستخدم سكانر جسدي لا يمكن معرفة ما يخفي شخص ما تحت ثيابه».

لكن استخدام أجهزة المسح (سكانر) هذه مثيرة للجدل، خاصة بسبب اعتبارات تتعلق باستراق النظر. فالموجات الصادرة عن هذه الأجهزة تعبر في الواقع الملابس وترسم على الشاشة الجسم عاريا بثلاثة أبعاد. فضلا عن ذلك فإن أجهزة الاسكانر باهظة الثمن يتجاوز سعرها المليون دولار، بينما يمكن أن يكلف جهاز عادي يعمل بالأشعة السينية أقل من 50 ألف دولار. ويرى هذا الاختصاصي في أمن المطارات أنه أمر مذهل أن يختار هذا الإرهابي المفترض الإقلاع من مطار شيبول بأمستردام الذي يعتبر من أكثر مطارات العالم أمانا مع «معايير أمنية مرتفعة جدا» على حد قوله. لكن معظم الخبراء والمسؤولين عن أمن المرافئ الجوية يؤكدون صعوبة انعدام الخطر. وتحتل واجهة الأحداث بشكل منتظم قيام مجموعات من الصحافيين بإدخال أسلحة أو متفجرات إلى مناطق خاضعة للجمارك أو إلى طائرات. كذلك أعلنت النيابة العامة في موسكو في 2007 أنها لاحظت «انتهاكات عديدة» للتدابير الأمنية في مطارات العاصمة الروسية موضحة أن أيا منها لا يضمن تفتيشا فعالا للحقائب. لكن عمليات التحديث والتجديد تتراكم منذ 2001 لتحسين التدابير الأمنية في المطارات وعلى متن الرحلات الجوية.

فقبل بضعة أسابيع أعلن علماء ألمان أنهم طوروا كاشفا تلقائيا للمتفجرات السائلة يمكن استخدامه ليحدد خلال ثوان ما إذا كانت سوائل منقولة في حقائب اليد يمكن أن تشكل خطرا. وفي 2008 حذا البرلمان الأوروبي حذو الولايات المتحدة، وأقر بإمكانية أن يكون هناك مسؤولون أمنيون مسلحون على متن الرحلات الجوية. وفي 2006 إثر كشف لندن مؤامرة إرهابية بهدف تفجير طائرات في الجو بواسطة متفجرات سائلة، منع إدخال معظم السوائل والجيل التي تزيد على 100 مليلتر إلى الطائرات في الولايات المتحدة وأوروبا ثم في بقية العالم.

وفي 2003 أصبح تصفيح أبواب قمرة القيادة إلزاميا لتفادي اقتحام إرهابيين مراكز القيادة للسيطرة على أجهزة التوجيه كما حصل في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وبعد محاولة الاعتداء التي قام بها البريطاني ريتشارد ريد الذي حاول تفجير رحلة بين باريس وميامي من خلال إخفاء متفجر في حذائه، تقرر أيضا تمرير أحذية المسافرين على متن الرحلات الدولية عبر أشعة إكس ومصادرة قدّاحاتهم. والآن بعد محاولة الاعتداء، طلبت الولايات المتحدة من شركات الطيران اتخاذ تدابير أمنية إضافية كما أعلنت السلطات الهولندية أمس.