تحت ضغوط واتهامات حول عبد المطلب.. وزيرة الأمن الداخلي الأميركية تعترف بالتقصير

الأميركيون منقسمون بين تشديد التفتيش وحرية المواطن

مسافرتان في مطار غاتويك بلندن تضعان أدوات التجميل والماكياج في حقائب بلاستيكية شفافة قبل الدخول إلى الطائرة ضمن الإجراءات الأمنية المطبقة في المطارات الأوروبية (رويترز)
TT

في مقابلة صباح أمس في تلفزيون «إن بي سي»، وفي مواجهة اتهامات بالتقصير بأنها، والرئيس باراك أوباما، قصرا في منع النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب من محاولة تفجير طائرة أميركية، اعترفت جانيت نابوليتانو وزير الأمن الداخلي بالتقصير. وقالت: «في هذه الحالة، لم يعمل النظام الأمني الوقائي بالصورة المطلوبة. والآن، نحن نقوم بعملية مراجعة شاملة ومكثفة».

وكانت نابوليتانو قالت، قبل يوم واحد، في مقابلة في تلفزيون «اي بي سي» إن «النظام الأمني عمل كما كان يتوقع منه»، غير أن قولها هذا قوبل بانتقادات شديدة واتهامات بالتقصير.

من جهتها انتقدت أمس السناتور سوزان كولنز (جمهورية من ولاية مين) جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن الداخلي، في موضوع عمر الفاروق عبد المطلب، الطالب النيجيري الذي كان درس في جامعة في بريطانيا، والذي اعتقل بتهمة التخطيط لتفجير طائرة أميركية في طريقها، يوم الكريسماس، من أمستردام إلى ديترويت.

وقالت كولنز، وهي أكبر عضو جمهوري في لجنة أمن الدولة التابعة لمجلس الشيوخ، إن وزارة الأمن الداخلي كان يجب أن تلغي تأشيرة دخول عبد المطلب عندما أبلغ والد عبد المطلب السفارة الأميركية في نيجيريا بأن ابنه صار إسلاميا متطرفا، ويبدو أنه يخطط للقيام بأعمال عنف ضد أميركيين أو ممتلكات أميركية.

وأمس، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن السفارة الأميركية في نيجيريا أبلغت الخارجية الأميركية بملاحظات والد عبد المطلب. وأن السفارة قررت عدم منح الابن تأشيرة دخول أخرى إلى الولايات المتحدة. لكن، كان واضحا أن عبد المطلب لم يحتج إلى تأشيرة دخول لأن التأشيرة التي يحملها كانت سارية المفعول حتى السنة القادمة.

وقالت الصحيفة إن الخارجية الأميركية أبلغت مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) باسم عبد المطلب، وإن هذه أضافت الاسم إلى قائمة فيها أكثر من نصف مليون اسم لهم «صلات إرهابية».

لكن، لم يضع المكتب الاسم في قائمة أشخاص «ممنوعين من السفر» خوفا من القيام بعمليات إرهابية.

يبدو، حسب رواية الصحيفة، أن هذا كان من أسباب عدم التدقيق في اسم عبد المطلب عندما اشترى تذكرة في نيجيريا إلى الولايات المتحدة، ولم يشحن حقيبة معه. وكانت وزارة الأمن الداخلي، منذ عدة سنوات، حذرت من أن أي مسافر يدفع قيمة تذكرته إلى الولايات المتحدة نقدا ولا يشحن حقيبة، يدعو للشكوك في نواياه.

وفي مقابلة مع تلفزيون «اي بي سي»، دافعت جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن الداخلي، عن وزارتها، وقالت: «برهنت الإجراءات المتبعة على قدرتها على التحرك حسب ما هو متوقع منها».

وفي مقابلة في تلفزيون «اي بي سي»، قال روبرت غيبس، المتحدث باسم البيت الأبيض، نفس الشيء تقريبا. ورفض اتهامات بأن إدارة الرئيس أوباما قصرت في متابعة تحركات عبد المطلب، خاصة بعد أن بادر والد عبد المطلب واتصل بالسفارة الأميركية في نيجيريا، وحذرها من أن ابنه يبدو يخطط لأعمال عنف ضد أميركيين أو مؤسسات أميركية.

لكن، شن أعضاء في الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مثل السناتور سوزان كولنز، هجوما عنيفا على ما اعتبروه تقصيرا من جانب إدارة الرئيس أوباما. وقال بعضهم إن ما حدث يدل على أن أوباما ليس جادا في مواجهة الإرهاب.

وأمس قالت صحيفة «واشنطن تايمز» إن حادث عبد المطلب أثار الجدل الذي بدأ بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001 عن وضع نظام يوازن بين حماية الأمن الأميركي ومبادئ الحرية الأميركية. في ذلك الوقت، أصدر الرئيس السابق بوش الابن، بالتعاون مع الكونغرس، قانون «باتريوت» الذي شدد مراقبة ومتابعة ما ترى الحكومة الأميركية أنهم إرهابيون، أو يؤيدون إرهابيين، أو لهم صلة بإرهابيين، أو يشك في إنهم إرهابيون.

لكن، في ذلك الوقت، تطوعت جمعيات مدنية أميركية، بقيادة اتحاد الحقوق المدنية (ايه سي ال يو)، ورفعت قضايا واستئنافات وصلت إلى المحكمة العليا عن تهديد قانون «باتريوت» لحرية المواطن الأميركي.

وفي وقت لاحق، ثارت ضجة حول أجهزة تفتيش إلكترونية، مثل «مليميترويف» (موجات دقيقة) تقدر على تصوير جسم المسافر أو المسافرة، للكشف عن أسلحة أو متفجرات مخفية. ورغم أن وزارة الأمن الداخلي قالت إن هذه الصور ستكون خاصة، ولن تخزن، وستدمر في وقتها، قاد عدد من أعضاء الكونغرس الليبراليين حملة ضد الجهاز. وفي الصيف، قدم بعضهم مشروع قانون يمنع استعمال الجهاز. حسب صحيفة «نيويورك تايمز»، يوجد أربعون جهازا من هذا النوع في عشرين مطارا أميركيا. وطلبت وزارة الأمن الداخلي مائة وخمسين جهازا جديدا. لكن، لن يكون هذا كافيا لأن هناك أكثر من ألفي صف تفتيش في المطارات الأميركية الرئيسية. ويوجد خمسة عشر جهازا في مطار أمستردام، الذي أقلعت منه طائرة عبد المطلب. لكن، قال مسؤول هناك إنهم ممنوعون من استعمال الجهاز، ربما بسبب قضايا رفعتها منظمات حقوق الإنسان والحقوق المدنية في الولايات المتحدة ترى الجهاز خرقا لحرية المواطن وتعديا على حياته الخاصة. وصباح أمس في تلفزيون «فوكس»، قال مايكل شيرتوف، وزير أمن الدولة السابق، إنه «احتار» بين الذين يريدون استعمال الجهاز لضمان أمن المسافرين، والذين يعارضون حرصا على حرية المواطن الأميركي. وأضاف أنه لا يزال يرى أن الجهاز لا بد أن يعمم في كل المطارات الهامة.