إيران تحارب المحتجين بالقوة والمعارضون يطالبون بالإجابة عن أسئلتهم

توقعات برد أكثر عنفا من قبل السلطات الحكومية.. وبازدياد رقعة المظاهرات في أنحاء البلاد

إيرانية من أنصار المعارضة أصيبت في التظاهرات تلوح بإشارة النصر في طهران (أ.ف.ب)
TT

أثارت المصادمات العنيفة التي وقعت في الكثير من المدن الإيرانية، وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى وعشرات الجرحى بين صفوف المتظاهرين، الكثير من المخاطر التي تتهدد كلا الجانبين، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى احتواء حركة المعارضة التي استعادت قوتها مرة أخرى.

وتشير التوقعات إلى أن الصدامات التي اندلعت في الشوارع في واحدة من أهم المناسبات الدينية المقدسة لدى الشيعة قد تكون لها تأثيرات عميقة، خاصة مع سقوط قتلى يوم الأحد الماضي، مما يهدد باتساع رقعة المظاهرات في الأيام القادمة. وأعادت المظاهرات واسعة النطاق التي جرت في الكثير من المدن الإيرانية، بعد فترة هدوء نسبي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلى الأذهان المظاهرات الحاشدة التي وقعت خلال الصيف، حيث نزل مئات الآلاف من المعارضين إلى الشوارع في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعادت أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية، لكن المعارضة شككت في النتائج، واعتبرت أن الانتخابات سرقت.

ويقول حميد رضا جلالي بور، المؤيد للمعارضة والأستاذ في جامعة طهران «أصبحت المظاهرات الشعبية أكثر عمقا واتساعا وتطرفا»، وأشار إلى أنه يتوقع من الحكومة الرد بصورة أكثر عنفا من تلك التي وقعت الصيف الماضي، فقال «سيكون كل شيء أكثر قسوة وشدة وقوة». واقترح جلالي بور بديلا لا يعتقد إمكانية تبنيه من قبل الحكومات، فيقول «الحل الأمثل للحكومة هو أن تجيب عن أسئلة المعارضة، وألا تقف في وجههم وتمنعهم من إلقاء الأسئلة».

وتطالب المعارضة، منذ يونيو (حزيران)، بإلغاء نتائج الانتخابات وإقامة انتخابات جديدة، لكن حركتهم يبدو أنها قد فقدت بعضا من قوتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية عندما منعت الإجراءات القمعية المتظاهرين من النزول إلى الشارع بأعداد كبيرة. وكانت آخر جولة من المظاهرات قد بدأت في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لتتسع رقعتها منذ ذلك الحين بمظاهرات عمت الجامعات المختلفة في البلاد، وتجمع المتظاهرون الأسبوع الماضي في أعقاب وفاة حسين علي منتظري، الذي اعتبر أحد أكبر قادة المعارضة في المؤسسة الدينية.

ويشير عباس عبدي، المحلل السياسي، إلى ضرورة التوصل إلى حل سريع لوقف الاضطرابات المتنامية. وقال «كلا الجانبين يفقد السيطرة على أنصاره، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى كوارث بالنسبة لكليهما. الموقف غير مستقر ولا يمكن أن يستمر على هذا الوضع».

وقد سارع المسؤولون الحكوميون إلى وصف أفعال المتظاهرين المناوئين للحكومة بأنها أعمال صغيرة ولا تمثل أهمية، قامت بها مجموعة من «مثيري الشغب». وقال الحكومة إن المتظاهرين استغلوا لإقامة مظاهراتهم احتفالات الأحد بإحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين، التي لا ترتبط بالمراسم الشيعية فقط، بل تمتد إلى السياسة في إيران من حيث موضوعات الشهادة والمعاناة في سبيل قضية عادلة.

وقد حاول كلا الجانبين ارتداء قميص الحسين للإيحاء بأنه الضحية في هذا القتال، فيقول بعض أفراد المعارضة إنهم تعرضوا للقمع من قبل نخبة الحرس الثوري الذي تدعمه الحكومة. أما أنصار الحكومة فيقولون إن المعارضة دمية تسخرها حكومات أجنبية معادية، من بينها بريطانيا والولايات المتحدة، تريد فرض إرادتها على إيران.

وردد المتظاهرون شعارات شبهت قادة إيران بـ«يزيد بن معاوية» عدو الحسين اللدود. وتعالت صيحات المعارضة «إن هذا شهر الدماء، ستموت قوات الباسيج». وفي شارع أزادي لوح المتظاهرون بالأعلام علامة على الانتصار، مرددين أناشيد تعود إلى عام 1979. وقام بعض الشباب ممن غطوا وجوههم بإلقاء صناديق القمامة المحترقة في وجه قوات الأمن الذين فروا سريعا، ثم أتى بعد ذلك عشرة من رجال الحرس الثوري المميزين بزيهم، مما دفع المتظاهرين إلى إلقاء الحجارة عليهم، مما دفع قوات الحرس الثوري إلى الرد بإطلاق رصاص الطلاء والغاز المسيل للدموع والقنابل الصادمة. وبعد وصول التعزيزات بدأت القوات في إطلاق الرصاص من داخل العربات، ونجحوا في صد مئات المتظاهرين الذين تجمعوا.

وقد تكررت هذه المشاهد في الكثير من المناطق الأخرى في شوارع أزدي وانقلاب، بحسب تصريحات لشهود عيان. وكانت سحابة كثيفة من الدخان الأسود قد غطت سماء العاصمة، حيث اندلعت النيران في أرجاء المدينة. وأحدث راكبو الدراجات النارية ضجيجا عاليا عبر استخدام نفير دراجاتهم تضامنا مع المتظاهرين.

وقد تعرضت خدمات الإنترنت للانقطاع في طهران لفترة مؤقتة يوم الأحد الماضي، لكنها عادت إلى العمل خلال الليل، وقد فرضت الحكومة كما حدث في يونيو رقابة على وسائل الإعلام، ومنعت المراسلين والمصورين من متابعة المظاهرات.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»