السلطات الإيرانية تضيق على المعارضين وتعتقل مساعدين لخاتمي وموسوي.. وتوقيف يزدي

15 قتيلا الحصيلة الرسمية.. والحرس الثوري يؤكد استعداده للتدخل > مهاجمة صحيفة تملكها زوجة كروبي > واختفاء جثة ابن شقيق موسوي.. والشرطة تقول إنها حفظت للتشريح

إيراني من انصار المعارضة يرفع إشارة النصر قرب دراجة نارية مشتعلة في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

ضيقت السلطات الإيرانية الخناق على أنصار المعارضة الإصلاحية وقادتها، غداة أحد أكثر أيام التظاهر عنفا منذ إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا لولاية ثانية في يونيو (حزيران)، وبعد حصد أرواح 15 من المحتجين، حسب تأكيد التلفزيون الإيراني الرسمي بعضهم قتل برصاص الشرطة مباشرة. وشنت أجهزة الأمن الإيرانية أمس، حملة اعتقالات، طالت شخصيات بارزة ووزراء سابقين، وصل عددهم إلى 15 بينهم مساعدان للرئيس السابق محمد خاتمي، ومستشارون لزعيم المعارضة مير حسين موسوي، إضافة إلى وزير الخارجية الأسبق إبراهيم يزدي، كما اعتقل المئات من المحتجين أول من أمس. ودعت عدة شخصيات مقربة من السلطة إلى تكثيف قمع المعارضة. وأعلنت عائلة «علي موسوي» ابن شقيق زعيم المعارضة مير حسين موسوي الذي قتل في تظاهرات الأحد الدامي، أن جثته اختفت من مستشفى ابن سينا في طهران، قبل أن تعلن السلطات أن الجثة تم حفظها في مكان لم يفصح عنه، للتشريح. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع أمس لتفريق أنصار زعيم المعارضة مير حسين موسوي الذين تجمعوا لتقديم التعازي في مقتل ابن شقيقه في مسيرة مناهضة للحكومة.

وقال المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إن ثمانية أشخاص قتلوا يوم الأحد الدامي، وأشار التلفزيون الرسمي إلى أن القتلى 15، في شتى أنحاء البلاد. لكن الحصيلة الحقيقية ما زالت غير مؤكدة. وأحصت المعارضة خمسة قتلى على الأقل في العاصمة وحدها، أربعة منهم قتلوا بالرصاص، وتحدثت الشرطة أو وسائل الإعلام الرسمية عن مقتل أربعة، ثم خمسة، ثم وصل العدد إلى أكثر من 15 قتيلا. وذكرت وزارة الصحة أن أكثر من 60 شخصا أصيبوا في طهران وحدها. وقد تكون أحداث القتل ونطاق المواجهات مؤشرا على دخول مرحلة مضطربة جديدة تحاول فيها قوات الأمن الموالية للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي قمع الحركة الإصلاحية.

واعتقلت السلطات الإيرانية أمس 15 من الشخصيات المعارضة من بينهم مقربان من الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي وثلاثة مستشارين لزعيم المعارضة مير حسين موسوي. وقال موقع «برلمان نيوز» إن شرطيين أوقفوا صباح أمس مرتضى حجي الوزير السابق والمدير الحالي لمؤسسة «باران» التابعة لخاتمي، مع مساعده حسن رسولي. كما أوقفت قوات الأمن ثلاثة من كبار مستشاري مير حسين موسوي الذي أصبح أحد قادة المعارضة. وقال الموقع إن هؤلاء المستشارين هم علي رضا بهشتي وقربان بهزانيان نجاد ومحمد باقريان.

وقال موقع «راهسبز» المعارض إن الشرطة أوقفت وزير الخارجية الأسبق إبراهيم يزدي رئيس حركة تحرير إيران وأحد رموز المعارضة الليبرالية. وشغل يزدي (78 عاما) منصب وزير الخارجية في حكومة مهدي بزرغان في بداية الثورة الإسلامية عام 1979. وتعرض للتوقيف مرات عدة في السنوات الأخيرة. وقد جرى اقتياده إلى جهة مجهولة، بحسب موقع «راهسبز». وأشار الموقع أيضا إلى أن السلطات أوقفت عددا آخر من الناشطين من بينهم مسؤول طلابي وابن أحد الوزراء السابقين في حكومة خاتمي، وابنة زعيم المعارضة الليبرالية عزة الله صحابي. وتمت أغلبية التوقيفات في طهران، وكذلك في مدينة قم المقدسة، حيث أوقف مسؤول «جمعية العلماء والمدرسين في الحوزة العلمية في قم» الإصلاحية لرجال الدين، أبو الفضل موسويان. كما كشف موقع «راهسبز» عن توقيف الصحافي والناشط الحقوقي عماد الدين باقي، وهو أحد رموز المعارضة الليبرالية. وحاز عماد الدين باقي، الذي يدير مؤسسة إيرانية للدفاع عن حقوق المسجونين، على جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان في 2005 لجهوده في المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام. وتعرض باقي للسجن مرات عدة في السنوات الأخيرة بتهمة «تهديد الأمن القومي» وهو ساند رئيس البرلمان الأسبق مهدي كروبي في انتخابات يونيو (حزيران) الرئاسية.

وذكرت الشرطة أن تحقيقات تجري بشأن عمليات القتل المريبة وأن أكثر من 300 محتج اعتقلوا في طهران، مضيفة أن العشرات من أعضاء قوات الأمن أصيبوا. وقالت وزارة الاستخبارات إن من بين المعتقلين أعضاء من جماعة مجاهدين خلق المعارضة المنفية. من جهة ثانية، أكد مكتب الصحافة الأجنبية في وزارة الثقافة والإرشاد توقيف الصحافي السوري في تلفزيون دبي رضا الباشا الذي فقد الاتصال معه الأحد في طهران أثناء قيامه بتغطية موكب لإحياء عاشوراء نظمت بمحاذاته تظاهرة للمعارضة.

وندد رئيس مجلس الشورى السابق مهدي كروبي بالسلطة التي «ترسل جماعة من الرعاع لقمع الناس». ونقل موقع «جرس» المعارض عن كروبي قوله «ما الذي حدث لهذا النظام الديني؛ أن يأمر بقتل أبرياء خلال يوم عاشوراء المقدس..». وأفاد موقع «ادوارنيوز» أن عناصر الأمن دخلوا صباح أمس مكاتب مجلة «إيران دوخت» التي تديرها زوجة كروبي وصادروا أجهزة الكمبيوتر.

ودعت عدة شخصيات محافظة إلى تكثيف قمع المعارضة. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا) عن رئيس لجنة القضاء في مجلس الشورى الإيراني، حجة الإسلام علي شهروخي، قوله «حان وقت إحالة متزعمي حركة النفاق والتآمر إلى القضاء، لا سيما موسوي». ودعا آية الله أحمد خاتمي، المحافظ، القضاء إلى «الكف عن سياسة التساهل مع الزعماء المتآمرين»، مما يعني المعارضة. وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء أن جماعة من رجال الدين المحافظين في قم أدانت «الفتنة التي أثارها المحتجون» خلال احتفالات عاشوراء. وقال البيان «رابطة علماء الدين في قم.. تطالب المسؤولين بتحديد هوية من يقفون وراء أحداث الأمس واتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهتهم وعقابهم بحزم وفقا للمعايير القانونية والدينية». من جهته أكد الحرس الثوري الإيراني والباسيج «استعدادهما التام» للتدخل ضد المعارضة. وجاء في بيان بث على الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي «إن فيلق الحرس الثوري والباسيج (الميليشيا الإسلامية) مستعدان تماما، إن لزم الأمر، للقضاء على المؤامرة (المعارضة) ويطالبان بإلحاح السلطة القضائية بالتحرك بحزم بدون أي قيود ضد المتآمرين».

ودعت منظمة الدعاية الإسلامية التي تنظم التجمعات والتظاهرات الرسمية الكبرى إلى تجمع شعبي كبير الأربعاء في طهران «ضد الذين لا يحترمون قيم عاشوراء». في تلميح إلى المعارضة التي اغتنمت هذا اليوم المقدس لدى الشيعة (الأحد) لتنظيم تظاهراتها. ويشكل الحرس الثوري المدرب والمجهز بشكل جيد رأس حربة القوات الإيرانية المسلحة. أما ميليشيا الباسيج الإسلامية فتستخدمها النظام بشكل كبير منذ أشهر ضد تظاهرات المعارضة. إلى ذلك أعلن رضا موسوي شقيق السيد علي موسوي أن جثة أخيه الذي قتل الأحد خلال التظاهرات في طهران اختفت من المستشفى، قبل أن تذكر وكالة الأنباء الإيرانية أن الجثة حفظت للتشريح. وقال ابن شقيق زعيم المعارضة مير حسين موسوي لموقع «برلمان نيوز» الذي يمثل كتلة الأقلية المعارضة في مجلس الشورى الإيراني «نقل جثمان أخي من المستشفى ولسنا قادرين على العثور عليه». وأضاف «لا أحد يعترف بأنه أخذ الجثة ولا أحد يجيب عن أسئلتنا». وفي وقت لاحق أكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) أن «جثمان (السيد علي الموسوي) وأربعة جثامين أخرى لضحايا الاضطرابات في طهران حفظت للتحقيق والتشريح».

وقالت العائلة إن السيد علي موسوي (35 عاما) قتل الأحد برصاصة اخترقت صدره في وسط طهران خلال تظاهرات نظمتها المعارضة وقمعتها قوات الأمن بشدة.

وذكر موقع إلكتروني للمعارضة الإيرانية أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع أمس لتفريق أنصار زعيم المعارضة الإصلاحي مير حسين موسوي الذين تجمعوا لتقديم التعازي في مقتل ابن شقيقه في مسيرة مناهضة للحكومة.