انشقاق وسط معتقلي السلفية الجهادية في المغرب.. ورسالة تطلب العفو من ملك المغرب

الفزازي رئيس جمعية أهل السنة والجماعة المعتقل في طنجة يعتذر لمثقفين عرب ويجرم الإرهاب

TT

حدث انشقاق وسط صفوف معتقلي السلفية الجهادية في المغرب، في حين تراجع محمد الفزازي، رئيس جمعية أهل السنة والجماعة، والمعتقل في سجن طنجة في شمال المغرب بدوره عن مواقفه المتشددة.

وقالت مصادر وثيقة الاطلاع إن حركة المراجعات التي عرفتها «الحركة الجهادية العالمية» انعكست على صفوف معتقلي «السلفية الجهادية» في المغرب، حيث انقسم المعتقلون ما بين مؤيد ومعارض. وعكست بعض المواقع المؤيدة «للجهاديين» على الإنترنت تضارب مواقف معتقلي «السلفية الجهادية» في المغرب من خلال البيانات والبيانات المضادة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بـ«أبي حفص المغربي» أصبح يعيش في شبه عزلة بسجن فاس بعد إصداره بيانا يؤيد فيه مراجعات «الجماعة الليبية المقاتلة». وأصبحت مجموعة من رفاقه بالأمس يلقبونه بـ«أمير التراجعات». وأكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن الفزازي بعث بعدة رسائل اعتذار إلى مثقفين عرب سبق أن كفرهم في خطبه وحواراته قبل اعتقاله عقب الاعتداءات الإرهابية التي عرفها المغرب في 16 مايو (أيار) 2003. كما بعث الفزازي خلال الصيف الماضي برسالة إلى ابنته في ألمانيا، حيث جرم العمليات الإرهابية ضد المدنيين في أوروبا، واعتبر أنها تقع تحت حكم خيانة العهود. وفي ليلة عيد الأضحى الماضي قامت مجموعة من معتقلي السلفية الجهادية في سجن الدار البيضاء بتوجيه رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مؤرخة في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وموقعة من طرف 33 معتقلا، يطلبون منه التدخل لوضع حد لمعاناتهم في السجن. وفي هذا الصدد، قال الباحث المختار بن عبدلاوي، رئيس شعبة الفلسفة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لـ«الشرق الأوسط» «رأيي أن المحنة التي مر بها هؤلاء مكنتهم من النضج النظري. فكثيرا ما يتوسع الفقهاء في علوم الفقه والدين إلى الدرجة التي يتحولون فيها إلى تقديس هذا الفقه، الذي هو بالنهاية فكر إنساني. كما أنهم كثيرا ما يلجون في عالم الفقه لينسوا أنهم يعيشون في عالم حي تلعب فيه العوامل الاقتصادية والسياسية دورا أساسيا». وأشار بن عبدلاوي إلى أن هذه الرسالة، إضافة إلى كونها تبرز اعتراف الموقعين عليها بالمؤسسات السياسية للمغرب الحديث، فإنها أيضا تتضمن رسالة أخرى تكمن في انطلاقها من مبدأ وجود حقوق للإنسان كإنسان، وذلك من خلال اختيار توقيت إرسالها في تزامن مع تاريخ 10 من ديسمبر (كانون الأول)، الذي يحتفي فيه العالم بحقوق الإنسان. وهو ما اعتبره بن عبدلاوي دليلا على تجاوز المعتقدات السلفية التقليدية.

غير أن باحثين آخرين يقللون من شأن هذه المبادرات نظرا للظروف المحيطة بها. ويقول محمد الكلاوي، الباحث في جامعة محمد الخامس بالرباط، لـ«الشرق الأوسط» «لا يجب أن ننسى أن هذه الرسائل والمبادرات صادرة عن أشخاص أرهقهم السجن، وهم قبل أي شيء آخر يبحثون عن وسيلة لإنهاء محنتهم. لذلك أعتقد أنه يجب التعامل مع هذه المبادرات بكثير من التريث والحذر».

أما عبد الله الرامي، الباحث في المركز المغربي للعلوم الاجتماعية بالدار البيضاء، فيرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه من الخطأ التركيز على المجموعة التي يطلق عليها في المغرب شيوخ «السلفية الجهادية»، ومنهم أبو حفص والكتاني والحدوشي والفزازي، لأن هذه الجماعة ليست لديها أي سلطة على باقي مكونات التيار الجهادي في المغرب. وأضاف «في مصر، الشيوخ الذين تراجعوا كانت لديهم مواقع قيادية، كانت هناك بيعة وسمع وطاعة وانضباط. وهؤلاء كانوا منتجين للنظريات والأفكار. لذلك عندما تراجعوا كان لذلك معنى. أما في حالة ما يطلق عليهم شيوخ «السلفية الجهادية» في المغرب، فلدينا أشخاص أعادوا فقط إنتاج تلك الأفكار، فليس لهم رصيد تنظيري خاص بهم ليتراجعوا عنه. وليست لهم مواقع تنظيمية ليكون لهم تأثير».

ويضيف الرامي «أعتقد أن علينا أن نسلط الأضواء الكاشفة، ليس على الشيوخ، فهؤلاء، في نظري، لا يقدمون ولا يؤخرون، وإنما على المجموعات التي اعتقلت في عمليات تفكيك الجماعة المغربية المقاتلة. هذه الجماعة بايعت بن لادن، وشاركت في القتال في أفغانستان وأماكن أخرى من العالم، ونفذت عمليات إرهابية منها تفجيرات مدريد وتفجيرات الدار البيضاء. هذه الجماعة لم نسمع منها شيئا حتى الآن».