مسؤولون أميركيون: متفجرات عبد المطلب ضعف ما حمله صاحب «الحذاء المفخخ» وكانت كافية لتدمير الطائرة

هل تصير وزيرة الأمن الداخلي «كبش فداء»؟ 

TT

أعرب أمس مسؤولون أميركيون عن «القلق» بسبب معلومات حصلوا عليها بأن ما تسمى «منظمة القاعدة في الجزيرة العربية» التي قالت إنها وراء محاولة تفجير طائرة أميركية يوم الكريسماس بواسطة النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، لها «صلة» بالنشاطات الإرهابية على الحدود بين اليمن والسعودية.

وقال مسؤولون أميركيون آخرون إن طائرات أميركية قد تقوم بضرب مواقع إرهابيين يمنيين كانوا معتقلين في قاعدة غوانتانامو العسكرية في كوبا، ثم أطلق سراحهم وأعيدوا إلى اليمن. وفي تصريحات لصحف وإذاعات أميركية، قال مسؤولون أميركيون إنهم يجمعون مزيدا من المعلومات عن عملية عبد المطلب، وإنهم يتوقعون أن تكون العملية جزءا من خطة كبيرة «هي أكبر خطة منذ هجوم 11 سبتمبر (أيلول)» سنة 2001. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» أمس إن العبوة الناسفة التي كان حملها عمر الفاروق عبد المطلب، النيجيري الذي حاول تفجير الطائرة الأميركية التي كانت في طريقها، يوم عطلة الميلاد، من أمستردام إلى ديترويت، إن العبوة، إذا انفجرت، كانت ستفتح فتحة كبيرة في الطائرة، وإن هذا ربما كان سيفجر الطائرة في الجو، أو إذا حاولت الهبوط في مطار قريب.

وأضافت الصحيفة أن المادة المتفجرة من نوع «بي آي تي إن» كانت لا تزيد عن ثمانين غراما، وإن هذا ضعف الكمية التي حملها ريتشارد ريد، البريطاني الذي حاول قبل ست سنوات استعمال نفس المادة التي كان أخفاها في حذائه المفخخ (لم تنفجر المادة، واعتقل ريد، مثلما حدث لعبد المطلب).

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن الداخلي، تعرضت مرة أخرى لموجة انتقادات، لأنها قالت إن عملية عبد المطلب لا تدل على أن لها صلة بشبكة إرهابية. لكن بعد أن أعلنت منظمة «القاعدة في الجزيرة العربية» مسؤوليتها عن عملية عبد المطلب، طلب قادة من الحزب الجمهوري في الكونغرس من نابوليتانو سحب تصريحها، وتأكيد أن عملية عبد المطلب جزء من مؤامرة. وقال بعض هؤلاء إن عملية عبد المطلب هي أكثر عملية إرهابية تنسيقا وتنظيما منذ عملية هجوم 11 سبتمبر سنة 2001. وكانت نابوليتانو أثارت ضجة أخرى يوم الأحد عندما قالت إن «الإجراءات الأمنية سارت المسار الذي حدد لها»، إشارة إلى أنه لم يحدث إهمال من جانب المسؤولين عن أمن المطارات والطائرات. لكن، بعد موجة نقد عنيفة، خصوصا من قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، اضطُرّت نابوليتانو إلى القول إن «أخطاء حدثت»، وإنها كونت لجنة تحقيق. وأول من أمس، في خطاب غير متوقع للشعب الأميركي، قال الرئيس أوباما نفس الشيء. لهذا، توقع صحافيون ومراقبون في واشنطن أن نابوليتانو ربما ستكون «كبش فداء» إذا زادت حملات النقد عليها وعلى أوباما.

وتوقع هؤلاء أن النقد سيزيد عندما تنتهي إجازة الميلاد للسنة الجديدة بالنسبة إلى الكونغرس. وصرح قادة جمهوريون في الكونغرس بأنهم يستعدون لجلسات تحقيق. وزاد غضب هؤلاء الجمهوريين بعد أن أعلن مكتب التحقيق الفدرالي (إف بي آي) أن عبد المطلب قال لهم إنه ذهب إلى اليمن، وقابل أعضاء في «القاعدة». وتسلم منهم المواد المتفجرة والحقنة. وسمع منهم إرشادات عن طريقة استعمالها. ثم تطابقت هذه الأقوال مع موقع «القاعدة في الجزيرة العربية» في الإنترنت. وقال قادة الحزب الجمهوري إن هذا دليل على أن عبد المطلب كان جزءا من شبكة. ودليلا على أن جانيت نابوليتانو أخطأت عندما نفت ذلك في مقابلة تلفزيونية يوم الأحد.

أمس، قال رش ليمبو (من قادة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، ومقدم برنامج إذاعي يومي باسمه) إن نابوليتانو يجب أن تقدم استقالتها. وأيده في ذلك شين هانيتي (من قادة نفس الجناح، وأيضا مقدم برنامج إذاعي يومي باسمه). غير أن الأول، ليبمو، قال إن أوباما نفسه يتحمل المسؤولية. وشن هجوما عنيفا على أوباما، وقال إنه ليس جادا في محاربة الإرهاب. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن مكتب «إف بي آي» يحقق في خلفية عبد المطلب، ويراجع الوثائق والكتابات ومواقع الإنترنت. ويعتقد أنه اتصل مع أنور العولقي، الأميركي اليمني الذي وُلد في أميركا، وهو الآن في اليمن يدير موقعا إسلاميا متطرفا في الإنترنت. وإن مكتب «إف بي آي» قال إن نضال حسن، الطبيب العسكري الأميركي الفلسطيني المتهم بقتل ثلاثة عشر عسكريا أميركيا في قاعدة «فورت هود» في ولاية تكساس، أيضا اتصل بالعولقي. وأمس قالت السناتورة دايان فاينشتاين (ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا) إن وزارتي الخارجية وأمن الوطن كان عليهما أن يضعا، في الحال، اسم عبد المطلب في قائمة الممنوعين من السفر بطائرات. وقالت: «لو كنت مسؤولة هناك، كنت سأتصرف تصرفا مبالغا فيه بهدف حماية المسافرين».

وأمس، قال عضو الكونغرس بيتر هوكسترا (جمهوري من ولاية ميشيغان) وعضو قيادي في لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، إنه يريد أن يعرف من مكتب «إف بي آي» كل اتصالات عبد المطلب في الإنترنت. وأمس، سألت عضو الكونغرس سوزان ميريك (جمهورية من ولاية نورث كارولينا): «كيف سُمح له أن يستقل طائرة أميركية، وهو جاء من اليمن، واشترى تذكرة الطائرة نقدا، ولا يحمل حقيبة ملابس؟». وأمس، نشر موقع «سايت» في واشنطن، الذي يتابع النشاطات الإرهابية، ترجمة بيان أصدرته منظمة «القاعدة في الجزيرة العربية»، جاء فيه أن عبد المطلب «تغلغل في كل التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، وفي كل الأجهزة والمعدات الأمنية في مطارات العالم، في شجاعة بالغة، دون أن يخاف الموت». ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن زعيم «القاعدة في الجزيرة العربية» هو سعيد الشهري، سعودي عمره 36 عاما. اعتقلته القوات الأميركية في أفغانستان بعد غزو أفغانستان سنة 2001. ثم نقلته إلى قاعدة غوانتانامو العسكرية في كوبا. وقبل سنتين، أطلقت سراحه وسلمته للحكومة السعودية. وهناك دخل برنامج إعادة تأهيل الإرهابيين. وبعد نهاية البرنامج، سافر إلى اليمن، وانضم إلى منظمة القاعدة هناك.

وأمس، قالت إذاعة «صوت أميركا» إن عبد المطلب عاش أربعة شهور في اليمن. ونقلت على لسان متحدث باسم الخارجية اليمنية أن عبد المطلب حصل على تأشيرة دخول لدراسة اللغة العربية في معهد في العاصمة صنعاء. وإنه منح التأشيرة دون تردد لأن جواز سفره كان يشير إلى أنه يحمل تأشيرة دخول لمدة سنتين للولايات المتحدة. وأمس، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن مادة «بي آي تي إن» المتفجرة التي حملها عبد المطلب هي نفس المادة التي حملها الإرهابي السعودي الذي حاول، في أغسطس (آب) اغتيال الأمير محمد بن نايف، نائب وزير الداخلية السعودي، عندما فجر نفسه أمام الأمير.

وإن عبد المطلب، مثل الإرهابي السعودي، أخفى المادة في ملابسه الداخلية، في مكان لا يفتشه عادة مفتشو الأمن في المطارات. ونفس منظمة «القاعدة في الجزيرة العربية» أعلنت مسؤوليتها عن محاولة اغتيال الأمير.

وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن اليمن صارت قاعدة لمنظمة «القاعدة» تنافس أفغانستان وباكستان. إنهم، لهذا، يدرسون سياسة إطلاق سراح يمينيين كانوا في قاعدة غوانتانامو، وأعيدوا إلى اليمن. وإن ستة منهم أطلق سراحهم في الأسبوع الماضي، وأعيدوا إلى اليمن. لكن، كما قال مسؤول أميركي: «من الآن فصاعدا، ربما لن نعيد اليمنيين إلى اليمن».

وقالت الصحيفة إن البنتاغون رصد في السنة الحالية سبعين مليون دولار لمساعدة اليمن في الحرب ضد الإرهاب، ولم يكن رصد أي مبلغ في السنة الماضية. والآن، بعد عملية عبد المطلب، ربما سيرصد مبلغا أعلى من سبعين مليون دولار للسنة القادمة. وأمس، نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» على لسان عسكريين أميركيين، طلبوا عدم نشر أسمائهم، قالوا إنهم «لن ينفوا» أن البنتاغون ساعد السلاح الجوي اليمني. لكنهم رفضوا التعليق على قول منظمة «القاعدة في الجزيرة العربية» بأن طائرات أميركية ضربت المواقع مباشرة.