إيران تتهم واشنطن ولندن مباشرة بالتحضير للاحتجاجات.. وأوباما ينتقد «طغيان» قادة طهران

أحمدي نجاد يصف المظاهرات بـ«المهزلة المثيرة للاشمئزاز» > متقي يحذر بريطانيا من «لطمة على الفم» إذا تابعت تدخلها

TT

اتهمت إيران بشكل مباشر أمس بريطانيا والولايات المتحدة بالتخطيط للمظاهرات التي تنظمها المعارضة والتي أسفرت عن مقتل 15 شخصا على الأقل يوم الأحد الماضي، في وقت شهدت البلاد مظاهرات مضادة، مؤيدة للحكومة في تحركاتها ضد المعارضة.

وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن مظاهرات الأحد تستجيب «لمخطط وضعه الصهاينة والأميركيون»، في وقت استدعت طهران سفير بريطانيا وأبلغته احتجاجها «على تدخل بلاده في الشؤون الداخلية لإيران»، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء الإيرانية أمس.

ووصف أحمدي نجاد المظاهرات الحاشدة للمعارضة بأنها «مهزلة مثيرة للاشمئزاز»، وأضاف كما نقلت عنه وكالة «إرنا» الإيرانية: «شهدت الأمة الإيرانية الكثير من مثل هذه المهازل. جاءت هذه المهازل بناء على أوامر من الصهاينة الإسرائيليين والأميركيين...».

وجاء ذلك بعد تصريحات للرئيس الأميركي باراك أوباما انتقد فيها بشدة حملة القمع «العنيفة والظالمة» التي تشنها طهران ضد المتظاهرين، مؤكدا للمعارضة أن التاريخ سيقف في صفها. وقال أوباما أمس من هاواي في المحيط الهادي حيث يقضي إجازته، إن «الولايات المتحدة تنضم إلى المجتمع الدولي في إدانته الشديدة للقمع العنيف والظالم للمواطنين الإيرانيين الأبرياء». ودعا إلى الإفراج «فورا عن كل الذين سجنوا ظلما في إيران».

وقال الرئيس الأميركي إن «قرار القادة الإيرانيين ممارسة الحكم بواسطة الترهيب والطغيان لن يدوم»، معتبرا أن هذا القرار تتخذه «حكومات تخشى تطلعات شعبها أكثر من خوفها من أي دولة أخرى». كما أكد أوباما أن العنف في إيران «ليس مرتبطا بالولايات المتحدة»، وأضاف أن «الأمر يتعلق بالشعب الإيراني وتطلعاته إلى العدالة وإلى حياة أفضل».

كما استدعت إيران السفير البريطاني في طهران سايمون غيتس، في وقت هدد فيه وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بريطانيا بـ«لطمة على الفم» إذا لم تتوقف عن التدخل في شؤون إيران. وقالت وكالة أنباء «فارس» إن وزارة الخارجية الإيرانية أبلغت السفير البريطاني احتجاج طهران على تدخل بلاده في الشؤون الداخلية لإيران. وأكدت بدورها وزارة الخارجية البريطانية الخبر، وقالت قبل استدعائه إن سفيرها سيرد «بقوة» على أي انتقاد وسيشدد على ضرورة احترام طهران لحقوق الإنسان.

وقال متقي إن أعمال الشغب التي شهدتها طهران «كانت مبرمجة وتقف وراءها جهات خارجية». وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الصومالي علي أحمد جامع جانجلي، وصف متقي تصريحات بعض المسؤولين الغربيين بشأن أعمال الشغب بأنها «سخيفة وتظهر الازدواجية التي يتعامل من خلالها الغرب مع إيران». وقال وزير الخارجية الإيراني: «إن الذين شاركوا بأعمال الشغب في يوم عاشوراء أعلنوا رفضهم الوصول إلى السلطة ديمقراطيا». وأضاف: «إن الانتخابات الرئاسية أجريت على شاكلة مثيلاتها وباستطاعة الخاسر الترشح بعد أربع سنوات»، داعيا إلى «الرضوخ لإرادة الشعب الإيراني واحترام انتخابه لهذه الحكومة».

وجاء ذلك بعد أن ربط الحرس الثوري الإيراني في وقت سابق أمس بين المعارضة في إيران و«أعداء أجانب». واتهم «الإعلام الأجنبي بشن حرب نفسية للإطاحة بالمؤسسة الدينية»، وقال إنه تعاون مع المعارضة «بهدف الإضرار بالدولة الإسلامية». وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قد انتقد أول من أمس حكومة طهران بعد مقتل ثمانية أشخاص على الأقل في احتجاجات مناهضة للحكومة. وقال ميليباند إن سقوط القتلى «هو تذكرة أخرى لكيفية تعامل النظام الإيراني مع الاحتجاج»، وامتدح شجاعة المحتجين. واعتقلت السلطات الإيرانية ما لا يقل عن 20 من أعضاء المعارضة منذ يوم الأحد الماضي، مع تشديد حكام إيران لحملتهم على الحركة الإصلاحية.

وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء نقلا عن بيان للحرس الثوري إن «الإعلام الأجنبي... شن حربا نفسية. ومحاولة الإطاحة بالنظام لن تسفر عن شيء... مدبرو الاحتجاجات سيدفعون قريبا ثمن وقاحتهم... والمعارضة التي وحدت صفوفها مع الإعلام الأجنبي تلقى دعما من أعداء أجانب».

من جهته دعا رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أمس إلى إنزال «العقوبة القصوى» بـ«أعداء الثورة» الذين تظاهروا الأحد، لكنه رأى أنه يجب التمييز بينهم وبين المعارضة الإصلاحية في النظام. وفي خطاب أمام البرلمان الإيراني وجّه لاريجاني تحذيرا جديدا إلى قادة المعارضة، لكنه لم يطالب بمحاكمتهم كما فعلت شخصيات مقربة من النظام أول من أمس.

وقال إن «مجلس الشورى يريد أن توقف أجهزة الاستخبارات والسلطات القضائية الناس الذين يستهينون بالدين وتنزل بهم العقوبة القصوى، وخصوصا الذين قاموا بتخريب الممتلكات العامة». ولم يوضح لاريجاني ما يعنيه بعبارة «العقوبة القصوى»، لكنه أكد أن مجلس الشورى «يميز بين الحركات السياسية التي تمثل اليسار في النظام، وأعداء الثورة». وقال: «ننتظر من هؤلاء السادة الذين اشتكوا من الانتخابات (التي أدت إلى إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد) أن ينأوا بأنفسهم عن الحركة المفسدة، لا أن يدلوا مجددا بتصريحات تثقل الأجواء».

ورفض لاريجاني من جهة ثانية ردود فعل الدول الغربية التي أدانت قمع مظاهرات الأحد. ووصف «تصريحات المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والإسرائيليين بشأن الأحداث المعادية للدين يوم عاشوراء (بأنها) مقززة». وقال إن «تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما المؤيد لهذه الجماعة يبرهن على عودة إلى الماضي»، إلى عهد جورج بوش. وقال لاريجاني إن «مثل هذه التصريحات ليس من شأنها سوى أن تدفع النظام الإسلامي إلى إبداء المزيد من الشدة».

من جهة أخرى نقت شرطة طهران في بيان أمس أن تكون مسؤولة عن قتل أي من المتظاهرين الذين سقطوا في المواجهات يوم الأحد الماضي، وقال إن مجهولين هم من قتلوا ابن شقيقة زعيم المعارضة مير حسين موسوي. وأضافت أنها تبحث في قضية حوادث القتل التي حصلت يوم الأحد الماضي، وشددت على أنها تواصل تحرياتها للقبض على المجرمين. وأفادت وكالة أنباء «فارس» أن «البيان أشار إلى حوادث يوم عاشوراء التي قتل فيها 4 أشخاص، بينهم ابن شقيقة مير حسين موسوي الذي قتله مجهولون كانوا يستقلون سيارة صغيرة، موضحا أن الشرطة تواصل تحرياتها في حوادث القتل هذه».

وقالت الشرطة إن «السيد علي موسوي حبيبي البالغ من العمر 35 عاما، ابن شقيقة مير حسين موسوي، قتله عدة أشخاص كانوا يستقلون سيارة في أحد فروع شارع شادمان في نحو الساعة 12 إلى 13، وتوفي بسبب التأخير في نقله إلى المستشفى». كما نفت الشرطة أيضا أن يكون لها أي ضلوع بقتل أي من المتظاهرين، وقال البيان: «إن اثنين من الأشخاص المجهولين أصيبا في مفرق شارع انقلاب - حافظ نتيجة لتراشق الحجارة ضد قوات الشرطة، ولقيا حتفهما بعد نقلهما إلى المستشفى». وأضاف البيان: «إن رجلا مجهولا توفي نتيجة سقوطه من فوق الجسر، ولقي آخران مصرعهما إثر اصطدامهما بسيارة خلال حوادث الاضطرابات... ولا تزال التحقيقات مستمرة، إضافة إلى رجل قتل طعنا بالسكين». وجاء في البيان أيضا أنه تم العثور «على جسد آخر كان صاحبه مدمنا ومن أصحاب السوابق في المحاكم لتعاطيه المخدرات قرب مكان الحوادث، وقد توفي لأسباب طبيعية ولا صلة له بمشكلات الاضطرابات».

إلى ذلك، نظم مؤيدون للحكومة مظاهرة في أصفهان ومدن إيرانية أخرى أمس لدعم الحكومة ضد المعارضة. ورفع المتظاهرون صور آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية، وآية الله علي خامنئي الزعيم الإيراني الأعلى الحالي، ورددوا هتافات تقول: «نحن نؤيد زعيمنا». كما ردد المتظاهرون شعارات تندد بالقائمين بمظاهرات المعارضة «ومن يقف وراءهم في الداخل والخارج»، مؤكدين وقوفهم وراء القيادة، بحسب ما ذكرته قناة «العالم» الإخبارية الإيرانية. كما طالب المتظاهرون الأجهزة المعنية في البلاد بملاحقة المجموعات التي قامت بأعمال الشغب ومعاقبتهم للحد من تكرار تلك الممارسات.

ووجّه المجتمع الدولي انتقادات إلى السلطة في إيران لقمعها المتظاهرين، وبالإضافة إلى واشنطن ولندن انتقدت ألمانيا وفرنسا رد فعل الحكومة «غير المقبول». أما روسيا التي تقيم علاقات جيدة مع إيران فقد عبرت عن «قلقها» إزاء الاضطرابات ودعت إلى «ضبط النفس». وقالت موسكو في بيان إن «الأحداث التي شهدتها إيران في الأيام الأخيرة تقلقنا». وأضافت: «برأينا من الضروري في هذه الحال إبداء ضبط النفس، والبحث عن تسويات عملا بالقانون، وبذل جهود سياسية لتجنب مواصلة التصعيد في المواجهات الداخلية».