2009 نهاية عقد : الانسحاب الأميركي من المدن العراقية منتصف 2009 أشّر لعودة «السيادة».. وفجر جدلا ساخنا

القادة الأمنيون استبشروا بالخطوة.. والتدهور الأمني لاحقا دعم موقف المتشككين

جندية اميركية تتابع تمرينات شرطية عراقية في بغداد
TT

عندما انسحبت القوات الأميركية من المدن العراقية في يونيو (حزيران) الماضي وأغلقت 200 قاعدة، تنفيذا للاتفاقية الأمنية التي أبرمها العراق والولايات المتحدة، أثيرت الشكوك حول قدرة قوات الأمن العراقية، وقوامها 663 ألف جندي، على حفظ الأمن، خصوصا بعد انفجارات بغداد الدامية.

وتنصّ اتفاقية سحب القوات التي وقعت بين بغداد وواشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، على انسحاب القوات الأميركية من المدن نهاية يونيو (حزيران) من عام 2009، يعقبها انسحاب كامل عن البلاد نهاية 2011. ويعتبر العراقيون إبرام الاتفاقية الخطوة الأولى نحو عودة السيادة وإنهاء الوجود الأميركي في البلاد.

ورغم أن الحكومة العراقية والقادة الأمنيين استبشروا بانسحاب القوات الأميركية من المدن، فإن عددا من المسؤولين الأمنيين العراقيين ألقوا باللائمة على الأجهزة الأمنية العراقية حيال تصاعد أعمال العنف.

وقال ضابط رفيع المستوى، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القادة الأمنيين أكدوا أنهم على استعداد كامل لاستلام الملف الأمني، ما يعني أنهم قادرون على ضبط الأمور، والسؤال: كيف يكونوا قادرين بينما الأعمال الإرهابية عادت من جديد مستهدفة الأبرياء؟»، مرجحا أن «الجهات التي تقوم بهذه الأعمال هي التي لا تريد خروج القوات الأميركية من البلاد».

وقال المسؤول الأمني إن «القاعدة تشترك في تصاعد وتيرة العنف والعمليات الإرهابية سيما أن بقاء الأميركان يبرّر بقاءها في البلاد، إضافة إلى وجود بعض الجهات السياسية التي تعوّل على عدم انسحاب الأميركيين وذلك لاعتبارات منها أنها ستخسر في العملية السياسية حال انسحابهم».

وأضاف المسؤول: «هناك هاجس لدى الكثير من تلك الجهات بعدم معرفة مصيرهم بعد خروج الأميركيين سيما أن الانتخابات النيابية المقبلة قريبة وتجربة انتخابات المحافظات أثبتت أن الشعب العراقي بات يدرك جيدا عدم مصداقية شعارات بعض الكتل وبالتالي فإنه إذا حصلت انتخابات أخرى فإن هناك تخوفا من أن لا يكون لهم أي موقع في الخارطة السياسية للبلاد».

وأضاف مؤكدا أن «المجموعات المسلحة التي تدّعي المقاومة لا تريد انسحاب الأميركيين، لأنها ببساطة تريد أن تكون هي من أجبر الأميركيين على الانسحاب عن طريق المقاومة لا أن تسحب أميركا قواتها عبر الاتفاق مع الحكومة العراقية».

وأثارت عملية احتلال إيران البئر رقم 4 ضمن حقل الفكة في مدينة العمارة (جنوبي العراق) مؤخرا التساؤلات حول مدى أهمية توقيع اتفاقية أمنية، مع دولة قوية مثل أميركا، لا تستطيع أن تدفع الأذى عن البلاد.

وكانت قوة عسكرية إيرانية سيطرت مساء الجمعة 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي على حقل الفكة النفطي في محافظة ميسان ورفعت العلم الإيراني فوقه، وبعد سلسلة من المباحثات بين البلدين أنزلت القوة العلم الإيراني من البئر في وقت لاحق، غير أن تلك القوة لم تنسحب من الأراضي العراقية.

من جانبه، قال النائب مثال الألوسي زعيم حزب الأمة العراقي، إن الانسحاب الأميركي من العراق في حال حصوله سيأتي بويلات أكبر مما جاء به للعراق عند دخوله عام 2003.

وقال الألوسي لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر خطير، سيما أن مستقبل العراق سيكون على المحك، ولدينا أدلة كثيرة على ذلك، آخرها الاحتلال الإيراني لبئر الفكة». وطالب الألوسي بعدم انسحاب القوات الأميركية قائلا: «يجب عدم انسحاب الأميركان من البلاد، وندعو كذلك مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك».

من جانبه، قال اللواء حسين كمال الوكيل في وزارة الداخلية العراقية، إن «الملف الأمني الآن بيد القوات الأمنية العراقية، سواء في بغداد أو باقي المحافظات، وإن كل الأمور تسير بصورة جيدة على الرغم من وجود بعض الخروقات الأمنية التي حصلت في العاصمة مؤخرا والتي أدت إلى سقوط مئات من الضحايا العراقيين».

وأضاف متسائلا: «هل من الممكن الاستغناء عن الأميركيين في هذا الوقت؟ سنقول إن أميركا ستبقي 50 ألف جندي وراءها بعد الانسحاب، وباعتقادي أن من المبكر لهذا التاريخ (2011) انسحاب القوات الأميركية، قبل تجهيز القوات العراقية سواء بالأسلحة أو التدريب، سيما ونحن نرى الاحتلال الإيراني الغاشم لإحدى الآبار النفطية الذي ما هو إلا دليل على عدم جاهزية القوات العراقية».

وقال اللواء كمال: «يجب التفكير بتأنٍّ، ويجب حساب كل شيء قبل أي انسحاب كامل للقوات الأميركية»، غير أنه نوّه بأن «الأجهزة الأمنية من حيث العدد كاملة، لكن من ناحية الأجهزة الاستخباراتية فإنها لم تكتمل فضلا عن عدم امتلاكنا لقوة جوية أو أسلحة دروع ومدفعية، وهذه أمور لا تتم إلا عبر حلقات كبيرة من التسليح مرتبطة بإمكانيات الدولة المالية، وإمكانية توفيرها لهذه الحلقات التسليحية، والحصول عليها ليس بالأمر البسيط». من جانبه، قال اللواء محمد العسكري الناطق باسم وزارة الدفاع، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة العراقية أسقطت عن المسلحين «ذريعة مقاومة المحتل» عبر إبرام الاتفاقية الأمنية، وإن المسلحين «يحاولون الآن أن يعطوا رسائل للعالم بأن القوات العراقية غير قادرة على الإمساك بزمام الملف الأمني وأن الأميركيين يجب أن لا ينسحبوا».

وشدد العسكري أنه «بوجود الأميركيين من عدمه ستكون هناك خروقات من الإرهاب، والأجهزة الأمنية تسعى جاهدة وفي مراجعة مستمرة لإجهاض مخططاته».

أما في محافظة البصرة، جنوب العراق، فقد اعتبرت أوساط سياسية وأمنية، انسحاب القوات البريطانية التي اتخذت المدينة مقرا رئيسيا لمعظم قواتها منذ غزو العراق عام 2003 من أهم أحداث العام الحالي. غير أن سكان البصرة يعتبرون دور القوات البريطانية «لم يكن فاعلا» باعتبارها الشريك الأكبر للولايات المتحدة في غزو العراق.

وقال جبار كامل رئيس مجلس المحافظة إن «أداء القوات البريطانية في البصرة كان مماثلا تماما للموقف السياسي لحكومة لندن الذي اتسم بعدم وضوح الأهداف الحقيقية من غزو العراق بقدر ما كان تابعا ومسايرا لرغبة الإدارة الأميركية». ويرى القيادي في حزب الفضيلة الإسلامي نصيف العبادي أن «أبرز المشاهد للقوات البريطانية خلال وجودها بالمحافظة هو عدم مبالاتها إن لم نقل حمايتها للمئات من السُّرّاق المحليين الذين اجتازوا الحدود من دول الجوار ونهبوا ممتلكات المال العام والوثائق وخربوا ودمروا وأحرقوا معظم معالم المدينة والإسهام في فقدان ذاكرتها، وكان بإمكانهم الحفاظ على كل شيء فيها مثلما حافظت القوات الأميركية على منابع نفط المحافظة».

* نوفمبر (تشرين الثاني):

* 2/11: لجنة الانتخابات المستقلة في أفغانستان تعلن فوز الرئيس حميد كرزاي بفترة رئاسية ثانية بعد إلغاء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بسبب انسحاب منافسه الوحيد عبد الله عبد الله.

* 3/11: المجلس الأعلى للاتحاد يعيد انتخاب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيسا لدولة الإمارات لفترة رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات.

* 4/11: البحرية الإسرائيلية تعترض سفينة في البحر الأبيض المتوسط وتدعي العثور فيها على أسلحة وذخائر مخصصة لحزب الله آتية من إيران.

* 5/11: رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يعلن رسميا قراره عدم الترشح لولاية ثانية في الانتخابات التي دعا لإجرائها في 24 يناير (كانون الثاني) المقبل.

* 5/11: الجمعية العامة للأمم المتحدة تقر بأغلبية كبيرة مشروع قرار تقدمت به الكتلة العربية لمطالبة إسرائيل والفلسطينيين بفتح تحقيقات في الاتهامات التي حملها تقرير غولدستون حول ارتكاب جرائم حرب في غزة.