أوباما للمرة الثانية خلال يومين: ستكون هناك مساءلة.. ومحاولة تفجير الطائرة تمثل «فشلا» لأجهزة الأمن والاستخبارات

توقع فصل مسؤولين.. وتشيني يتهمه بالتساهل مع الإرهابيين

الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لدى حديثه في هونولولو عن محاولة التفجير الفاشلة التي تعرضت لها طائرة أميركية يوم عيد الميلاد أمس (إ.ب.أ)
TT

للمرة الثانية خلال يومين، وأمام ضغوط واتهامات من قادة الحزب الجمهوري بأنه يقصر في الحرب ضد الإرهاب، خاطب الرئيس باراك أوباما بالتلفزيون الشعب الأميركي صباح الثلاثاء بتوقيت هاواي. مثل المرة الأولى، تحدث أوباما للصحافيين المرافقين له في المنتجع الخاص الذي ينزل فيه في هاواي لقضاء إجازة الكريسماس وبداية السنة الميلادية الجديدة. لكنه هذه المرة بدا غاضبا، وتحدث في عبارات جافة، وقال «فشلت الإجراءات الأمنية، وأنا لا أقبل هذا أبدا».

وتابع «يجب أن نستخلص العبر من هذا الحادث، وأن نعمل على سد الثغرات في نظامنا، لأن أمننا على المحك، وهناك أرواح أيضا على المحك».. مشيرا إلى أن النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، المتهم بمحاولة تفجير الطائرة سمح له بركوب الطائرة على الرغم من أن والده حذر السفارة الأميركية في بلاده من تشدد ابنه.

وقال أوباما إن «هذه الإنذارات كان ينبغي أن تطلق إشارات، والمتهم ما كان يجب أبدا أن يُسمح له بالصعود على متن هذه الطائرة المتجهة إلى الولايات المتحدة».

وأضاف أن المعلومات المتوافرة حول عبد المطلب كانت كافية لتحذير السلطات لمنعه من ركوب الطائرة من أمستردام بهولندا إلى ديترويت بميشيغان. وقال «وقع تقصير نظامي ومنهجي، وأنا أعتبر ذلك غير مقبول على الإطلاق. صار واضحا الآن أنه كان هناك مزيج من التقصير البشري والنظامي، وهو الذي ساهم في هذا الاختراق الأمني الكارثي المحتمل».

وقال أوباما «سأفعل كل ما في استطاعتي من أجل دعم الرجال والنساء العاملين في الاستخبارات والشرطة والأمن القومي لكي يحصلوا على كل الموارد التي يحتاجونها لإبقاء أميركا آمنة».

وأقر الرئيس الأميركي بأن الطريقة التي عولجت بها المعلومات عن عبد المطلب أدت إلى «دواعي قلق جدية»، وأنها تشير إلى «قصور» أمني واستخباراتي، بعد أكثر من ثمانية أعوام من هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

وأضاف «ولكن واجبي أيضا هو أن أحرص على أن تكون أجهزة الاستخبارات والشرطة والأمن القومي هذه وأعضاؤها يعملون بفعالية، وأن يحاسبوا». وتابع الرئيس الأميركي «أعتزم تحمل هذه المسؤولية وأشدد على المحاسبة على كل المستويات».

وقالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز»: «يوضح غضب أوباما أن المسؤولين الأميركيين كانت عندهم معلومات كافية لمنع المتهم (النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، 23 سنة) من دخول الطائرة الأميركية التي حاول أن يفجرها عندما اقتربت، يوم الكريسماس، من مطار ديترويت. يبدو أن المعلومات كانت كافية، لكنها كانت متفرقة وفي أجهزة مختلفة، وحالت طبيعة العمل البيروقراطي دون جمعها والتنسيق بينها في الوقت المناسب».

ورغم أن أوباما لم ينتقد مسؤولين بأسمائهم أو وظائفهم، فإنه قال إن الأجهزة الحكومية «فشلت» في متابعة أقوال والد عبد المطلب، رجل الأعمال النيجيري، الذي أبلغ السفارة الأميركية في نيجيريا بأن ابنه ذهب إلى اليمن، وأن الابن ينوي القيام بأعمال معادية للولايات المتحدة.

وأيضا، من دون إشارة إلى أسماء أو وظائف، انتقد أوباما أجهزة الاستخبارات الأميركية، وقال «كانت هناك معلومات متفرقة داخل الأجهزة الاستخباراتية عن الخطة، وكان يمكن، ويجب، أن تجمع هذه المعلومات. لو جمعت هذه المعلومات المهمة، ونسقت، كان يمكن أن تشكل صورة كاملة وواضحة عن المتهم (عبد المطلب)». وأضاف «كانت الإشارات والتحذيرات سوف ترفع علما أحمر. وكان يمكن منع المتهم من أن يدخل الطائرة التي نقلته إلى أميركا».

ونشرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» رد مصدر في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» على اتهامات أوباما مع طلب عدم الإشارة إلى اسمه. وقال «يوجد عدد كبير من النيجيريين الذين نشك في أنهم إرهابيون أو لهم صلة بإرهابيين. لكن، ليس صحيحا القول إن هناك وسيلة سحرية لجمع كل المعلومات عن نيجيري واحد خلال فترة وجيزة». لكن، رفض المتحدث الرسمي باسم «سي آي إيه» التعليق على تصريحات أوباما.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن مسؤولين في إدارة الرئيس أوباما قالوا إنهم يفهمون غضبه. لكنهم قالوا إن هناك معلومات عن صلة عبد المطلب بتنظيم «القاعدة» في الجزيرة العربية في رئاستها في اليمن. وأن هذه المعلومات لم تكن ناضجة لربطها مع بعضها البعض، ولمنع عبد المطلب من أن يسافر بالطائرة الأميركية في مطار أمستردام يوم الكريسماس.

وتوقعت الصحيفة أن يتحمل «شخص ما» مسؤولية غضب أوباما. وكانت أخبار أول من أمس قالت إن جانيت نابوليتانو، وزيرة أمن الوطن، ربما ستكون «كبش فداء». وذلك لأنها كانت قالت، بعد يومين من يوم الكريسماس، يوم محاولة عبد المطلب تفجير الطائرة، إن «الأجهزة الأمنية عملت كما يجب». لكنها، بعد هجوم عنيف خاصة من قادة الحزب الجمهوري، وبعد يومين، غيرت رأيها، واعترفت بأن هناك «تقصيرا» حدث.

وتوقعت صحيفة «نيويورك تايمز» أن يجري أوباما «تعديلات ما» في الأجهزة الأمنية، ربما في وزارة الأمن، أو وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» أو المركز الوطني لمكافحة الإرهاب «إن سي إيه» الذي أسس بعد هجوم 11 سبتمبر بهدف تنسيق عمل وكالات الاستخبارات. وهو المركز الذي يبدو أنه، في حالة عبد المطلب، تسلم من وزارة الخارجية معلومات والد عبد المطلب بأن ابنه سافر إلى اليمن وانضم إلى الإرهابيين، لكن يبدو أن المركز لم يتحرك في الوقت المناسب، ولم يرسل المعلومات إلى وزارة الأمن لوضع اسم عبد المطلب في قائمة الممنوعين من السفر بطائرات أميركية.

لم توضح «نيويورك تايمز» متى سيجري أوباما هذه «التعديلات». لكنها أشارت إلى أن أوباما، في «خطاب الغضب» يوم الثلاثاء، قال إنه يتوقع «تقريرا مفصلا» اليوم الخميس عن الجهات التي «قصرت». ولهذا، ربما سيصدر غدا الجمعة قرارات مهمة.

وركزت صحيفة «واشنطن بوست» على حملة عملاقة يخطط لها قادة الحزب الجمهوري يتهمون فيها أوباما بأنه يتساهل مع الإرهاب والإرهابيين. نشرت الصحيفة ملاحظاتها تحت عنوان كبير في الصفحة الأولى يقول: «يرى جمهوريون فرصة سياسية: يرون أن حادث الطائرة فرصة لإثبات أن الديمقراطيين يتساهلون مع الإرهاب والإرهابيين».

وقالت الصحيفة «يخطط قادة الحزب الجمهوري للعودة إلى خطتهم التي انتصروا بها في انتخابات كثيرة خلال السنوات العشر الماضية، وهي أنهم أقدر وأجدر من الديمقراطيين لحماية الوطن». وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس السابق بوش الابن فاز، سنة 2004، للمرة الثانية بالرئاسة حسب شعارات بأنه نجح في مواجهة الإرهاب وأعداء الولايات المتحدة، إشارة إلى غزو العراق، وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، بالإضافة إلى العمليات العسكرية في أفغانستان والصومال. وأشارت الصحيفة إلى نقاط كثيرة سيستعملها الجمهوريون في حملتهم، منها:

أولا: التقصير الذي اعترف به أوباما نفسه في حالة عبد المطلب.

ثانيا: قرار أوباما بنقل محاكمة خالد شيخ محمد وأربعة آخرين في محكمة مدنية في نيويورك وليس في محكمة عسكرية في قاعدة غوانتانامو.

ثالثا: «تردد» أوباما في وصف نضال حسن، الطبيب النفسي العسكري الأميركي الفلسطيني المتهم بقتل 13 عسكريا في قاعدة «فورت هود» (ولاية تكساس) بأنه «إرهابي».

رابعا: أوامر أوباما في بداية السنة لكبار المسؤولين ألا يستعملوا عبارة «الحرب ضد الإرهاب». غير أن أوباما نفسه، قبل شهر، غير رأيه، وبدأ يستعمل العبارة. وأمس، نقلت صحيفة «بوليتيكو» التي تصدر في واشنطن وتهتم بأخبار الكونغرس تصريحات خصها بها ديك شيني، نائب الرئيس السابق بوش، شن فيها هجوما عنيفا على أوباما. قال تشيني «يحاول الرئيس أوباما أن يقنع الشعب الأميركي بأننا لسنا في حالة حرب ضد الإرهابيين».

وأضاف شيني «نحن في حالة حرب ضد الإرهابيين. وعندما يقول الرئيس أوباما غير ذلك، يجعل الشعب الأميركي يحس بالخوف».

هذه أول مرة يعلق فيها تشيني على موضوع عبد المطلب، ويبدو أنه يريد أن يقود حملة الجمهوريين ضد أوباما.