الجزائر: تحالفات جديدة قد تعيد ترتيب الخريطة السياسية

حزب الغالبية يحافظ على تفوقه في انتخابات مجلس الأمة رغم خسارته 7 مقاعد

TT

أبقت انتخابات التجديد النصفي لأعضاء «مجلس الأمة» الجزائري (الغرفة البرلمانية الثانية)، على حزب «جبهة التحرير الوطني» في الريادة، وحملت التحالفات التي سبقتها مؤشرات كثيرة على حدوث تغيير في المشهد السياسي عام 2010.

وأعلنت وزارة الداخلية أن الانتخابات التي جرت أول من أمس، أسفرت عن فوز «جبهة التحرير» بـ22 مقعدا وحصول «التجمع الوطني الديمقراطي» (القوة السياسية الثانية في البلاد) على 20 مقعدا. أما الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» فقد حصد مقعدين فقط. ومقارنة بانتخابات التجديد النصفي التي جرت في 2006، خسرت «جبهة التحرير» سبعة مقاعد، بينما زاد رصيد «التجمع الوطني الديمقراطي» بثمانية، وتراجع رصيد «حركة مجتمع السلم» بمقعد واحد. والأحزاب الثلاثة تشكل «التحالف الرئاسي» الذي دعم ترشح بوتفليقة في انتخابات الرئاسة عامي 2004 و2009، وتشارك في الحكومة بعدة وزراء أغلبيتهم من «جبهة التحرير» التي تملك الأكثرية أيضا في الغرفة البرلمانية الأولى.

واقتسم بقية المقاعد التي تم التنافس عليها (48 مقعدا) حزب «الجبهة الوطنية الجزائرية» (مقعدين) وحزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (مقعد). وفاز مرشح مستقل بمقعد. وغاب عن الموعد الذي ينظم مرة كل ثلاث سنوات، «جبهة القوى الاشتراكية» وهو أقدم حزب معارض.

واللافت في انتخابات مجلس الأمة التي يشارك فيها منتخبو المجالس المحلية وليس عامة الشعب أنها شهدت تحالفات غير متوقعة بين أحزاب وكيانات لا توجد بينها قواسم سياسية ولا آيديولوجية، وكان التقارب بينها حاسما في تشكيل خريطة «مجلس الأمة» الذي يعتبر رئيسه ثاني شخصية في الدولة بحسب الدستور. وعقد حزب الوزير الأول (رئيس الحكومة) أحمد أويحيى «التجمع الوطني»، صفقة مع اليسار التروتسكي «حزب العمال» الذي تقوده لويزة حنون. وتسبب ذلك في غضب شريكيه في «التحالف الرئاسي» على أساس أن التنسيق في المواعيد الانتخابية يتم داخل التكتل الحزبي الثلاثي، بحسب النصوص التي قام على أساسها. واستغرب غالبية الملاحظين ما اعتبروه «حلفا هجينا» بين حنون وأويحيى. فقد دأبت الأولى على انتقاد كل قرارات الحكومة بدعوى أنها في غير صالح العمال، واتهمتها صراحة بـ«خدمة مصالح أجنبية عن طريق بيع المؤسسات العمومية بأبخس الأثمان».

وأبرمت «جبهة التحرير» بقيادة وزير الدولة عبد العزيز بلخادم، اتفاقا مع منشقين من «حركة مجتمع السلم» لدعم مرشحيها في الانتخاب. واستاء الحزب الإسلامي لذلك كثيرا واعتبره «طعنة في الظهر»، وكان هو الخاسر الكبير في كل الصفقات.

وتحمل هذه التحالف مؤشرات قوية على تغيير محتمل في الخريطة السياسية عام 2010. ويجري حديث في صالونات مغلقة بالعاصمة، عن «نهاية دور التحالف الرئاسي» ليترك مكانه لحزب يملك من القوة - حتى قبل ولادته - ما يمكنه من اكتساح كل الاستحقاقات المنتظرة في المستقبل خاصة انتخابات البرلمان والانتخابات المحلية 2012. ويتعلق الأمر بـ«حزب شقيق الرئيس»، السعيد بوتفليقة، الذي يعتبر في الممارسة ثاني رجل في الدولة بحكم نفوذه القوي في الكثير من المؤسسات والهيئات.

وتفيد مصادر من «الجبهة» و«التجمع»، بأن حراكا كبيرا يجري داخل الحزبين حول جدوى دورهما في دعم سياسة رئيس الجمهورية، عندما يأتي الوافد الجديد. ويعد الكثير من قياديي الحزبين العدة للرحيل إلى حزب السعيد، بمجرد أن تنطلق التحضيرات الأولية لإطلاقه.