23 قتيلا وعشرات الجرحى بينهم محافظ الأنبار في هجومين انتحاريين بالرمادي

انتحاري يفجر سيارة مفخخة عند التاسعة والنصف صباحا.. وآخر يفجر حزامه الناسف في العاشرة

TT

أوقع هجومان انتحاريان استهدفا مجمعا حكوميا في الرمادي، مركز محافظة الأنبار، أمس 23 قتيلا، بينهم مدير أمن المحافظة، وعشرات الجرحى، من بينهم محافظ الأنبار قاسم محمد عبد، حسبما أعلنت مصادر أمنية وطبية.

وانفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري عند التاسعة والنصف صباحا في حين فجر انتحاري يرتدي حزاما ناسفا نفسه الساعة العاشرة قرب مبنى المحافظة. من جهته، قال نقيب الشرطة أحمد محمد الدليمي: «فور انفجار السيارة وصل المحافظ برفقة معاون قائد شرطة الأنبار العقيد عباس محمد الدليمي، ومدير أمن المحافظة العقيد محمود الفهداوي، عندها قام انتحاري يرتدي ملابس الجيش العراقي، بتفجير نفسه». وأضاف أن «العقيد الفهداوي قُتل بالتفجير في حين أصيب المحافظ في يده وساقه»، مشيرا إلى أن «عناصر الحماية حاولوا منع الانتحاري لكنهم فشلوا». كما دمر التفجيران ما لا يقل عن عشرين سيارة فضلا عن إلحاق أضرار جسيمة بالمباني والمحلات التجارية، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهته، أبدى نائب محافظ الأنبار حكمت جاسم زيدان استياءه «حيال الضعف المزمن بمفاصل الأجهزة الأمنية المخترَقة في محافظة الأنبار». وقال: «من المؤكد أن منفذي العملية هم من الدخلاء والمتطرفين (في إشارة إلى القاعدة) والذين يريدون سوءا بالبلد، وأعوانهم الذين يخترقون الأجهزة الأمنية». وأضاف زيدان أن المحافظ «في حالة مستقرة».

وبدأت موجة العنف بالانحسار في الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، منذ منتصف سبتمبر (أيلول) 2006 عندما نجح تحالف ضم عشائر العرب السنة في طرد عناصر تنظيم «القاعدة» والمجموعات المتشددة التي تدور في فلكه. وقد استطاع هذا التحالف فرض الأمن والاستقرار بشكل شبه كلي تقريبا بدءا من منتصف عام 2007 في جميع أرجاء المحافظة. وشكلت العشائر «مجلس صحوة الأنبار» بقيادة الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي أعلنت «القاعدة» مسؤوليتها عن قتله بانفجار بعد أسبوع من استقباله الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مزرعته في الرمادي في سبتمبر 2007. لكن الأوضاع الأمنية في الأنبار بدأت تتدهور منذ انسحاب القوات الأميركية من المدن والنواحي والقصبات العراقية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

من جهته، حمّل حميد الهايس، رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، الحكومة مسؤولية ما يجري من خروقات أمنية في مدينة الرمادي، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أنه كان على الحكومة «أن تتدخل وتحسم الأمر، سيما أننا أبلغنا في وقت سابق رئيس الوزراء نوري المالكي أن مجلس المحافظة مخترَق من قِبل تنظيم القاعدة ولدينا من الأدلة والأسماء ما يثبت صحة معلوماتنا، وللأسف فإن الحكومة لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الخروقات». وعن كيفية تمكن الانتحاري من الوصول إلى المحافظ واستهدافه بحزام ناسف أوضح الهايس أن «المعلومات تؤكد أن أحد مرافقي المحافظ هو من فجر نفسه عليه، الأمر الذي راح ضحيته عدد من أعضاء مجلس المحافظة ومن بينهم العضو سعدون عبد المحسن فضلا عن إصابة عدد من حماية ومرافقي المحافظ». وعن الأسباب التي أدت إلى هذه العمليات أوضح رئيس مجلس إنقاذ الأنبار أن «الذي يقف وراء هذه الأحداث هو الخروقات الموجودة لدى المسؤولين في المحافظة، فمثلا المحققون في مراكز الشرطة لم يكونوا جادين في انتزاع الاعترافات من عناصر القاعدة، وكذلك قيام بعض القوى الأمنية ومراكز الشرطة في المدينة بحماية الأشخاص بدلا من حماية المنطقة، بالإضافة إلى أن دور الصحوات في المدينة ضعف جدا، وبدأت تجامل قيادة (القاعدة) في المدينة حيت لدينا معلومات بعقد عدد من الاجتماعات بين الطرفين أخيرا». لكن محمود العيساوي، مدير شرطة الأنبار، استبعد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الانتحاري الذي استهدف المحافظ من أفراد حمايته، وقال: «سننتظر انتهاء التحقيقات لمعرفة ملابسات الحادثة». وحول الاتهامات بوجود خروقات داخل أجهزة الشرطة بالمدينة قال العيساوي: «لدينا نقاط تفتيش وسيطرات أمنية في مداخل المدينة التي تقوم بعملية التفتيش الدقيق، فضلا عن نقاط التفتيش الداخلية والعناصر الأمنية المنتشرة في المدينة والتي تقوم بدورها أيضا، وعليه لا يوجد أي تقصير من قِبل الأجهزة الأمنية»، مضيفا: «لا يوجد أي خرق أمني للأجهزة الأمنية، لكن الإرهابيين لديهم بالمقابل خطط عديدة ومن ضمنها اللجوء إلى ارتداء نفس الملابس التي يرتديها أفراد الشرطة والجيش أو كما حصل من خلال استهداف المحافظ الذي جاء عن طريق انتحاري يرتدي نفس ملابس طقم الحماية الخاص به».

إلى ذلك، نفى أبو عزام، مستشار عام «الصحوات» في العراق، وجود أي دور أمني لـ«الصحوات» في الأنبار أو أي مدينة أخرى، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «(الصحوات) الآن ليس لديها الملف الأمني الذي يمسك بزمامه في الوقت الراهن أجهزة الشرطة والجيش»، مضيفا أن «عناصر الصحوة أغلبها أُدمجت في الأجهزة الأمنية»، مشددا على أن «الشرطة ليست مخترقة فقط من القاعدة وإنما من أطراف أخرى أيضا»، لافتا إلى أن «الخروقات باتت تحصل في كل مكان وفي كل المؤسسات».

من جهتها، رجعت مصادر مطلعة من داخل المحافظة أسباب التدهور الأمني إلى النزاعات السياسية بين الكتل المكونة لمجلس محافظة الأنبار وهي كتلة «الحوار الوطني» التي يتزعمها صالح المطلك و«الصحوات» التي يتزعمها أحمد أبو ريشة والحزب الإسلامي الذي لم يحصد في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت بداية هذا العام سوى 6 مقاعد من بين 29 مقعدا كانت غالبيتها لـ«الصحوات» والقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي وكتلة «الحوار الوطني» وكذلك «الصحوات» التي رشحت المحافظ كمستقل.

وفي تطور أمني آخر، أعلن مسؤول عراقي رفيع مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة عشرين آخرين بجروح بانفجار استهدف موكبا حسينيا وسط قضاء الخالص (60 كلم شمال بغداد). وورد أن مدير شرطة الخالص العقيد شاكر الزهيري أصيب في الانفجار. يشار إلى أن إحياء ذكرى عاشوراء بلغ ذروته الأحد الماضي في كربلاء لكن الشيعة يواصلون تسيير مواكب اللطم حتى أربعين الإمام الحسين.