الشرطة تصف المعارضة بـ«أعداء الله».. وأقارب ينفون مغادرة موسوي وكروبي طهران

الوكالة الرسمية تعلن مغادرة «رأسي الفتنة» العاصمة.. ورجل دين يدعو قادة المعارضة للتوبة وإلا سيواجهون «كمن يحارب الله ورسوله»

TT

هددت الشرطة الإيرانية بأنها ستكون أكثر حزما مع المتظاهرين المعارضين للحكومة، في وقت ذكرت فيه مواقع تابعة للمعارضة على شبكة الإنترنت، أن أنصار موسوي يخططون للخروج في مسيرات جديدة. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» في وقت متأخر أمس أن زعيمي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي غادرا طهران إلى إحدى مدن شمال إيران، لكن موقع المعارضة «رهسباز» أكد أن السلطات اقتادتهما إلى هناك. وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمس الأربعاء إن زعيمين «للفتنة» في البلاد قد فرا إلى إقليم بشمال إيران. وأضافت الوكالة: «اثنان ممن لعبوا دورا كبيرا في إشعال التوتر في إيران عقب انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) فرا من طهران وتوجها إلى إقليم شمالي لأنهما خافا من الناس الذين طالبوا بمعاقبتهما». ولم تعطِ الوكالة مزيدا من التفاصيل.

لكن الموقع الإلكتروني للمعارضة «رهسباز» أعطى تفسيرا مختلفا لظروف وأسباب مغادرتهما. وذكر الموقع نقلا عن نشرة داخلية لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن «عناصر من الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات اقتادوا موسوي وكروبي إلى مدينة كيلار - عباد (...) لحمايتهما من غضب الشعب». وأضاف الموقع نقلا عن النشرة أيضا أن «موسوي وكروبي هما حاليا تحت سيطرة عناصر من وزارة الاستخبارات والحرس الثوري، ويوجدان في كيلار - عباد».

وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن زعيمين «للفتنة» في البلاد قد فرا إلى إقليم بشمال إيران.

وأضافت الوكالة: «اثنان ممن لعبوا دورا كبيرا في إشعال التوتر في إيران عقب انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) فرا من طهران وتوجها إلى إقليم شمالي لأنهما خافا من الناس الذين طالبوا بمعاقبتهما». إلا أن الوكالة لم تسم الرجلين. ونفى أحد أبناء كروبي التقرير على الفور.

وقال حسين كروبي إن والده وزعيم المعارضة مير حسين موسوي لا يزالان في طهران.

وأضاف لموقع «برلمان نيوز» الإصلاحي: «والدي والسيد موسوي موجودان في طهران وتقرير وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا أساس له.. لا يزالان يسعيان وراء مطالب الشعب».

وأحرقت حشود في طهران علمي الولايات المتحدة وبريطانيا تعبيرا عن إدانة ما قالوا إنه تدخل من جانب واشنطن ولندن في شؤون إيران الداخلية.

وذكرت وكالة «فارس» شبه الرسمية للأنباء أن متشددين تجمعوا أمام السفارة البريطانية في طهران ورددوا: «السفارة البريطانية يجب أن تغلق». ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي قوله «هم واقعون تحت تأثير تقارير وكالات الأنباء الأجنبية والصهيونية التي لها صلة بإسرائيل».

وكان أحمد علام الهدى، وهو رجل دين، قد وجه رسالة في وقت سابق إلى قادة المعارضة في حديث إلى التلفزيون الإيراني، وقال بحسب ما نقلته وكالة «رويترز»: «عليكم أن تتوبوا.. وإلا فسيواجهكم النظام كمن يحاربون الله ورسوله».

وللمرة الأولى منذ مظاهرات الأحد، تحدث المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي عن الحادث. وقالت وكالة «أسوشييتد برس» إن خامنئي اعترف أن النظام خسر بعض مؤيديه في الاشتباكات التي تلت الانتخابات الرئاسية في البلاد. ووجه خامنئي اللوم إلى قادة المعارضة بتراجع الوضع في البلاد، وقال بحسب وكالة «إرنا»: «لو لم تحدث هذه المسألة ولم يبدِ البعض الضعف في منتصف الطريق، لكان وضع البلاد في مختلف المجالات المادية والمعنوية أفضل بكثير مما هو عليه الآن. ولكن مثلما تم التأكيد مرارا فإن حقائق المجتمع تؤشر إلى أنه كلما كان هنالك تساقط في العناصر فإن الاستقطاب والالتحاق يكون ضعف ذلك العدد».

وقال إسماعيل أحمدي مقدم، قائد الشرطة الإيرانية، أمس، إن أنصار زعيم المعارضة مير حسين موسوي سيلقون معاملة قاسية إذا شاركوا في مسيرات غير شرعية.

وأضاف قائد الشرطة الإيرانية لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية «سيواجه المشاركون في المسيرات غير الشرعية معاملة أقسى وستتصدى لهم السلطة القضائية بحزم أكبر». وأضاف «يعتبر بعض المحتجين يوم الأحد أعداء لله وستتم مواجهتهم بحزم».

وجاء ذلك في وقت بثت فيه شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأميركية شريط فيديو يظهر عنف الشرطة الإيرانية في تعاملها مع المتظاهرين. وتظهر لقطات الفيديو المهزوزة سيارة شرطة باللونين الأخضر والأبيض وهي تقتحم جموع المتظاهرين وتدهس أحدهم وسط صرخات باقي المحتجين. ويرجح أن تكون تلك الصور التي نشرت على شبكة الإنترنت قد تم التقاطها يوم الأحد الماضي عندما خرج آلاف المتظاهرين للاحتجاج على نظام الرئيس محمود أحمدي نجاد. وأشارت المحطة إلى عدم إمكانية التأكد من صحة هذا الشريط.

إلا أن أحمدي نفى أن تكون السلطات الحكومية قد صدمت بسيارة تابعة للشرطة حشدا يوم الأحد الماضي، مما أدى لإصابة العديد من المتظاهرين ومقتل اثنين على الأقل منهم كما ظهر في شريط الفيديو. وقال «خلال الاضطرابات صدمت سيارة كانت قد سرقت سابقا شخصين وقتلتهما وتحقق الشرطة في القضية».

وبعد ثلاثة أيام على تظاهرات الأحد الدامية التي قتل فيها نحو 15 شخصا من المعارضة في اشتباكات مع الشرطة، قالت الحكومة الإيرانية في بيان أمس، إن المعارضين للحكومة الذين تظاهروا الأحد في إيران جعلوا أنفسهم «خدما للعدو ويتوهمون أنهم يستطيعون إسقاط النظام الإسلامي».

وأضافت «بشعاراتهم المعادية (...) أرضوا جبهة الصهيونية العالمية ومدوا السجاد الأحمر تحت أقدام الأجانب واستهدفوا الأمن القومي». وتابع البيان يقول «لقد جعلوا أنفسهم خدما للعدو وهم يتوهمون بأنهم يستطيعون إسقاط النظام... إن الشعب الإيراني اليقظ والواعي في إيران الإسلامية (...) سيدفع مرة أخرى بالمغررين وعملاء الاستكبار إلى مواقعهم (...) وسيفقأ عين الفتنة ويفشل مخططات الأعداء المشؤومة».

واعربت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، أمس، عن «صدمتها» إزاء «سقوط القتلى والجرحى والتوقيفات» أثناء قمع المعارضة في إيران. ودعت المفوضة العليا الحكومة الإيرانية في بيان إلى وقف «العنف المفرط الذي تمارسه قوى الأمن». وقالت في بيان صدر في مكتبها في جنيف «الناس من حقهم أن يعبروا عن مشاعرهم وأن ينظموا احتجاجات سلمية دون أن يتعرضوا للضرب بالهراوات أو يلقى بهم في السجون... أنا أشعر بالصدمة من زيادة القتلى والإصابات والاعتقالات. الحكومة لديها واجب في ضمان عدم تصعيد العنف».

وذكّرت بيلاي طهران بأنها دولة موقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يمنع الاعتقال التعسفي ويعلن أن الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي هي حقوق عامة. وأظهرت بيلاي، التي تشغل المنصب منذ عام 2008، استعدادا متزايدا للتحدث ضد ما تنظر إليها على أنها انتهاكات في الدول النامية الأعضاء بالأمم المتحدة الذين يحول مجلس حقوق الإنسان المكون من 47 دولة دون توجيه النقد لهم. كذلك عبرت بيلاي، وهي محامية دفاع سابق عن معارضي نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وأخيرا قاضية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، عن قلقها من اعتقال نشطاء المعارضة والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

ونقل نائب إيراني محافظ أمس عن النائب العام غلام حسين محسني إيجائي قوله إن القضاء باشر ملاحقة عدد من قادة المعارضة. وقال النائب حسن نوروزي، حسب ما نقلت عنه وكالة «إيرنا» للأنباء أن إيجائي أدلى بهذا التصريح خلال اجتماع مغلق لمجلس الشورى عقد أمس. وأضاف نوروزي أن النائب العام «أعلن خلال هذا الاجتماع أن مير حسين موسوي ومهدي كروبي وقادة آخرين للفتنة باتوا ملاحقين قضائيا». وتابع النائب الإيراني أن «المطلب الأساسي للنواب كان محاكمة قادة الفتنة واعتقال أشخاص مثل موسوي وكروبي وحتى فايزة هاشمي (ابنة الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني)». وأضاف نوروزي أن «النائب العام لم يتكلم عن اعتقالات بل قال إن هؤلاء الأشخاص باتوا ملاحقين قضائيا». وقالت وكالة «إيرنا» إن «المحاكمة العلنية لقادة الفتنة مطلب شعبي عام» ونقلت دعوة جهات كثيرة من المتشددين في النظام ومن بينهم الحرس الثوري إلى توقيف القادة الرئيسيين للمعارضة ومحاكمتهم.

ورد النظام الإيراني على التظاهرات المعادية للحكومة بتجمعات حاشدة نظمت أمس في جميع أنحاء البلاد. وبدأت التظاهرات الأولى صباحا في الأرياف حيث تجمعت حشود كبيرة للتنديد بـ«رؤوس الفتنة» وطالب البعض بـ«شنقهم» بحسب صور بثها التلفزيون الإيراني. ونظمت مئات التجمعات بدعوة من السلطات وكذلك الإدارات والهيئات الرسمية على غرار الحرس الثوري والحوزات العلمية والجمعيات المحلية وبعض الأسواق على غرار سوق قم (جنوب طهران) التي أغلقت.

واحتشد أيضا عشرات الآلاف في طهران تنديدا بالمظاهرات المناهضة لأحمدي نجاد التي نظمت يوم الأحد الماضي خلال احتفالات الشيعة بعاشوراء. وجاء في الشعار الرئيسي الذي سمع في مظاهرة طهران «الموت لموسوي» في إشارة إلى واحد من زعماء المعارضة الرئيسيين الذين خسروا أمام أحمدي نجاد في الانتخابات التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي والتي أثير حولها الجدل.

وهناك تقارير غير مؤكدة بأن أنصار أحمدي نجاد يخططون لتنظيم اعتصام أمام أحد مكاتب موسوي حتى اعتقاله. وانتقد الحشد في طهران أيضا رجل الدين مهدي كروبي الذي يرأس حزب «اعتماد مللي» (الثقة الوطنية) المعارض. وحث المتظاهرون الهيئة القضائية على السماح لهم بالانتقام من المعارضة بسبب إفساد الاحتفالات بيوم عاشوراء.