2009 نهاية عقد: استحقاقان انتخابيان مهمان في مصر 2010

يسبقان انتخابات الرئاسة في 2011

جمال مبارك خلال مؤتمر صحافي في المؤتمر السنوي للحزب الوطني المصري الحاكم يوم 2 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

يشهد عام 2010 استحقاقين انتخابيين على مستوى عال من الأهمية، هما انتخابات مجلس الشورى خلال شهر يونيو (حزيران) من عام 2010، وانتخابات مجلس الشعب في شهر سبتمبر (أيلول) من العام ذاته، إلا أن التركيز الدولي والعربي على مسألة «الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية عام 2011»، أعطى زخما سياسيا وقانونيا كبيرا، خاصة بعد أن أصبح التساؤل عن هذه الانتخابات قاسما مشتركا في أغلب لقاءات الدبلوماسيين العرب والأجانب، مما فرض على الساحة السياسية المصرية المحلية تناول الملف مبكرا.. وأصبح «حديث الصباح والمساء» لدى الساسة والمعنيين بالحكم في البلاد.

ودخل اسما الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، دائرة الترشيحات من قبل بعض الأحزاب والمنظمات المدنية، والحركات الاحتجاجية، خاصة بعد تجاوبهما مع هذه المبادرات وتناولهما «المسألة» من وجهة نظرهما الداعية إلى إدخال تعديلات دستورية واسعة تتيح للمرشح لهذا المنصب الرفيع، أن يخوض منافسة قوية وحقيقية مع مرشح الحزب الوطني الحاكم.

وبعكس المراقبين الأجانب، تتعاطى الأحزاب السياسية الرسمية في مصر، وهي الجهات المعنية رسميا وسياسيا وقانونيا بتقديم مرشحين لخوض الانتخابات، مع «المسألة» بواقعية تتسع لتشمل الحالة السياسية في البلاد بشكل عام، مفضلة التريث انتظارا لنتائج الانتخابات البرلمانية (مجلسي الشورى والشعب على الترتيب)، المقرر إجراؤها عام 2010، التي تحدد موقعها على الخريطة السياسية، وتؤشر في الوقت ذاته لجدية الحزب الحاكم فيما يتعلق برغبته في خوض انتخابات جادة.

وتصف تلك الأحزاب، التركيز على الانتخابات الرئاسية حاليا، بأنه محاولة لـ«حرق مراحل».. الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي (يسار)، يبدى دهشته من اتجاه بعض السياسيين لـ«حرق المراحل».. ويضيف متسائلا: «كرئيس حزب سياسي.. كيف أفكر في انتخابات الرئاسة قبل انتخابات مجلسي الشورى والشعب؟!»، وتابع معلقا «لا يمكن أن نفكر تفكيرا جديا وعاقلا في انتخابات 2011 قبل انتخابات 2010، وقبل أن نتأمل نتائجها.. فعلى ضوء نتائج انتخابات مجلسي الشورى والشعب يمكن أن نفكر في الانتخابات الرئاسية.. لذلك أقول: دعونا نركز على الانتخابات البرلمانية أولا، حيث تحتاج تلك الانتخابات إلى نضال سياسي ومجتمعي جاد، من أجل تعديلات دستورية توفر فرصة حقيقية لإجراء انتخابات ديمقراطية جادة في البلاد.

ويتفق منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد (ليبرالي)، مع الدكتور رفعت السعيد فيما يتعلق بما أسمياه «حرق المراحل» ويضيف «لكم أن تعلموا أنه لا يحق لأي حزب تقديم مرشحين للانتخابات الرئاسية إلا إذا كان له نواب منتخبون في مجلسي الشعب والشورى.. لذا دعنا ننجح أولا في الانتخابات التشريعية، وبعد ذلك نفكر في الانتخابات الرئاسية».

وتساءل عبد النور: هل يمكن في ظل المناخ الحالي (الدستور بمادته 76) والقوانين الانتخابية التي لا يشرف عليها أحد.. هل يمكن أن يكون هناك من يستطيع منافسة مرشح الحزب الوطني الحاكم في الانتخابات الرئاسية؟.. ويجيب السياسي الوفدي جازما: لا أعتقد أن هناك أحدا يمكنه ذلك.

وعن تفسيره للجدل حول الانتخابات الرئاسية في 2011 قال عبد النور: المهتمون بالشأن العام يشعرون بقلق يدفعهم للبحث عن بدائل.. ويتابع: حالة القلق ليست فقط من المستقبل.. بل تمتد إلى الحاضر المليء بالمشكلات.

أما مسألة ترشح الدكتور محمد البرادعي أو عمرو موسى في الانتخابات الرئاسية من عدمه، واقتران اسم حزب الوفد بهذا الأمر في بعض الأحيان، فيرى عبد النور أن مرجعه إلى ما وصفه بـ«اتجاهات ليبرالية» لدى موسى والبرادعي، هي أقرب للوفد.. لكنهما على أي حال لم يتصلا بنا، ونحن لم نتصل بهما.

إلى ذلك، تبقى الساحة السياسية المصرية خالية أمام الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه حسني مبارك، وهو في الوقت ذاته رئيس الدولة.. إذ إنه الحزب الوحيد المؤهل تنظيميا وتاريخيا وشعبيا وعمليا لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية طوال الوقت.

بقي أن نعلم أن الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى لا يملكان عمليا حق الترشح في الانتخابات الرئاسية، بالنظر إلى أنهما شخصيتان مستقلتان ولا ينتميان إلى أحزاب سياسية.. ويتطلب ترشيحهما خطوات قانونية عديدة، في مقدمة تلك الخطوات، الحصول على موافقة 250 شخصية نيابية من مجلسي الشعب والشورى (البرلمان) والمجالس المحلية الشعبية بنصاب معين في كل محافظة.. وهو أمر صعب المنال لأي طامح في خوض انتخابات الرئاسة، إذ يسيطر الحزب الوطني الحاكم على تلك المجالس.. لكن طرح اسميهما (موسى والبرادعي) حرَّك المياه الراكدة في بحيرة التعديلات المطلوب إدخالها على المادتين 76، الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، والمادة 77 من الدستور الخاصة بفترة بقاء الرئيس في موقعه. وتنص المادة 76 من الدستور على الآتي: «يُنتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر، ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح ‏250‏ عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات،‏ على ألا يقل عدد المؤيدين عن 65 من أعضاء مجلس الشعب و25 من أعضاء مجلس الشورى،‏ و10 أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من 14 محافظة على الأقل»‏.‏ ويزداد عدد المؤيدين للترشيح من أعضاء كل من مجلسي الشعب والشورى، ومن أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء أي من هذه المجالس‏.‏ وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح،‏ وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله‏.‏ وللأحزاب السياسية، التي مضى على تأسيسها 5 أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح‏، واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة ‏5%‏ على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى،‏ أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقا لنظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل‏.‏ واستثناء من حكم الفقرة السابقة‏،‏ يجوز لكل حزب سياسي أن يرشح في أول انتخابات رئاسية تجرى بعد العمل بأحكام هذه المادة أحد أعضاء هيئته العليا المشكلة قبل العاشر من مايو (أيار) ‏2005‏ وفقا لنظامه الأساسي‏.

وبالإضافة للمآخذ الجوهرية المشار إليها فيما يتعلق بنص المادة 76، يأخذ فقهاء الدستور والقانون على هذه المادة «طول نصها وتضمنها تفصيلات.. كان يجب ذكرها في القانون المنظم لعملية الانتخابات الرئاسية».

كما تنص المادة 77 من الدستور على أن «مدة الرئاسة 6 سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى».. وتريد المعارضة قصر مدة بقاء الرئيس في موقعه على فترتين فقط. يذكر أن الرئيس المصري حسني مبارك خاض عام 2005، أول انتخابات رئاسية تنافسية تتم بالاقتراع الحر المباشر على المقعد الرئاسي، وفاز فيها بنسبة 88.6% من الأصوات، ليبدأ فترة رئاسة سادسة تنتهي عام 2011، فيما حصل أقرب منافسيه، أيمن نور زعيم حزب الغد المعارض، على 12% من الأصوات، بينما حصل نعمان جمعة رئيس حزب الوفد على 7.5% من إجمالي الأصوات.. وفي السابق كان مجلس الشعب (البرلمان) يُسمي الرئيس ويتم طرح الاسم للاستفتاء العام.