واشنطن علمت باستعداد «نيجيري» لتنفيذ هجوم إرهابي

وزارة الأمن الداخلي بدأت إعادة النظر في لوائح مراقبة الإرهابيين المحتملين وإجراءات التفتيش

TT

كشفت تقارير أميركية أن الولايات المتحدة كانت قد علمت باستعدادات «نيجيري في اليمن» لشن هجوم إرهابي على أراضيها، حتى قبل أسابيع من محاولة إسقاط طائرة الركاب فوق ديترويت مؤخرا. فقد ذكرت كل من محطة «إيه بي سي» التلفزيونية الإخبارية وصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركيتين أن ثمة معلومات استخباراتية كانت بالفعل متوافرة بهذا الشأن، لكن مصدرها ظل غير معروف. وحاول النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب تفجير طائرة أميركية يوم عيد الميلاد بينما كانت متجهة من أمستردام إلى ديترويت (شمال الولايات المتحدة) في هجوم تبناه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وذكرت شبكة «سي بي إس» نقلا عن مسؤول في الاستخبارات الأميركية طلب عدم الكشف عن هويته أن وكالات الاستخبارات الأميركية «كانت تعرف أن (القاعدة) تحضر لمفاجأة بمناسبة عيد الميلاد». وأضاف «كنا على علم بهذا الأمر منذ أشهر كثيرة لكننا لم ننجح في إجراء الربط المناسب وتوقع ما الذي سيحصل». وبالنسبة إلى هذا المسؤول فإن المشكلة تكمن في أن المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، المكلف بتحديث لائحة الأشخاص المشتبه بارتباطهم بالإرهاب «يتلقى ثمانية آلاف رسالة يوميا». وأضاف أنه قبل الهجوم «لم يتوافر لدينا أي عنصر» يشير إلى أن هناك اعتداء وشيكا «فاعتقدنا أن (القاعدة) لا تزال في مرحلة التحضير له».

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» دافعت عن نفسها أول من أمس، بعدما وُجهت إليها أصابع الاتهام بعدم نشر المعلومات التي كانت في حوزتها بشأن عبد المطلب كما يجب، وحاولت أجهزة الاستخبارات الأميركية الرد على انتقادات الرئيس باراك أوباما بسبب الفشل «غير المقبول» في التدابير الأمنية بعد محاولة الاعتداء على طائرة أميركية، بينما تم تعزيز الإجراءات الأمنية في عدد من المطارات الدولية. وغداة خطاب أوباما الذي قال فيه إن «إخفاق إجراءات» وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) «غير مقبول إطلاقا»، دافعت الوكالة الأميركية عن نفسها بالقول إنها نشرت بشكل كاف المعلومات التي قدمها قبل محاولة الهجوم والد منفذه عمر الفاروق عبد المطلب إلى السفارة الأميركية في نيجيريا. وقال الناطق بول جيميليانو «عملنا مع السفارة الأميركية لنتأكد من أنه كان ضمن قاعدة البيانات الحكومية للأشخاص المشتبه في أنهم على صلة بالإرهاب، ومن أنه تمت الإشارة إلى ارتباطات ممكنة له مع متطرفين في اليمن». وأضاف «أرسلنا أيضا معلومات أساسية حول سيرته إلى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب»، وهو الوكالة الحكومية التي تنسق نشاطات الاستخبارات الأميركية. وقال مسؤول في الاستخبارات الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية إن اللقاء مع والد المشبوه لا يتضمن أي «عنصر أساسي» كان يمكن أن يسمح بإدراج اسم الشاب على لائحة تضم نحو أربعة آلاف شخص ممنوعين من السفر إلى الولايات المتحدة.

وأوضح أن الرجل كان «يبحث عن خيط يقوده إلى ابنه» الذي كان حتى ذلك الحين غير معروف من قبل الأجهزة الأميركية. وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن السفارة الأميركية في لندن منحت عبد المطلب تأشيرة دخول سياحية مدتها سنتان في 2008. وأضاف أن وزارة الخارجية لا يمكنها إلغاء التأشيرة بسبب مخاوف بشأن أمن الولايات المتحدة. وفي الواقع كانت الاستخبارات الأميركية تعرف أن «القاعدة» التي تبنت محاولة الاعتداء تعد «مفاجأة لعيد الميلاد»، لكنها لم تكن قادرة على التكهن بنوعية هذا العمل بالتحديد، حسبما ذكر أحد رجال الاستخبارات لشبكة «سي بي إس» أول من أمس.

من جهتها، قالت وزير الأمن الداخلي الأميركية جانيت نابوليتانو إنه «بدأت إعادة النظر في لوائح مراقبة الإرهابيين المحتملين وإجراءات التفتيش»، مؤكدة أن واشنطن «مصممة على كشف الثغرات ومعالجتها». ورأت أن هذا الهجوم يدل على «قدرة الإرهابيين على بذل جهود كبرى للإفلات من الإجراءات الأمنية التي فرضت منذ اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001». وبينما تفرض شركات جوية ومطارات دولية إجراءات جديدة قبل الصعود إلى الطائرة، بدأت فكرة إخضاع المسافرين لأجهزة المسح (سكانر)، تشق طريقها. فقد أعلنت إدارة الطيران المدني في نيجيريا أن المطارات الدولية ستزود بأجهزة سكانر «ثلاثية الأبعاد». من جهته، أعلن مطار أمستردام الذي مر فيه النيجيري أن هذا الإجراء سيستخدم «في الأسابيع الثلاثة المقبلة» لمراقبة الركاب المتجهين إلى الولايات المتحدة. وسيزود 15 جهازا ببرنامج معلوماتي يظهر شكل جسم الإنسان مثل دمية حتى «لا نتهم بالتلصص»، على حد تعبير وزيرة الداخلية الهولندية غوسيي تير هورست. وقد أكدت هذه الوزيرة أن الهجوم «أعد بشكل احترافي إلى حد ما لكن منفذه هاو»، موضحة أن المتفجرات التي كانت مع عمر الفاروق عبد المطلب «إنتاجها ليس سهلا، واستخدامها ينطوي على مجازفة».