سليمان كلف فريق عمله الإعداد لطاولة الحوار الوطني والتعيينات الإدارية على جدول أعمال مجلس الوزراء

2010 عام عودة لبنان إلى العمل المؤسساتي

TT

يدخل لبنان عام 2010 مع كثير من التغييرات التي حصلت العام الماضي، وتركت تداعياتها على الحياة السياسية. ولعل أهمها الانتخابات النيابية، ومن ثم تأليف حكومة الوحدة الوطنية التي تحمل ملفات لا يستهان بها للعودة بالبلاد إلى العمل المؤسساتي شبه المتوقف منذ عام 2005.

هي إذن مرحلة جديدة وتحديات كبيرة واستحقاقات في ظل المستجدات الإقليمية والعالمية التي لا بد أن تنعكس على الساحة اللبنانية. وفي حين ثمة معطيات تدعو إلى التفاؤل، أهمها تذليل الصعاب التي واجهت رئيس الكتلة البرلمانية الأكبر سعد الحريري في تأليف حكومته الأولى، وسط تناقضات وعقد تتعلق بالتوزيع الطائفي والحزبي والمناطقي، تبقى زيارة الحريري إلى سورية هي الحدث الذي يترقب الجميع ترجمته في الداخل اللبناني على صعيد الوجه الجديد للعلاقة بين لبنان وسورية.

أما أهم الملفات الداخلية فترتبط بالتعيينات، وما سوف تكشفه من سلوكيات قد تناقض الكلام المعلن لأكثر من طرف سياسي. وكان واضحا في الأيام القليلة الماضية أن ثمة تحركا يقوم به الحريري في هذا الإطار، وذلك من خلال اجتماعاته مع رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط. كذلك كانت واضحة حركة استقبالاته التي شملت العديد من النواب والوزراء الذين أودعوه «مطالبهم». في موضوع التعيينات يقول النائب في تكتل لبنان أولا، أمين وهبي لـ«الشرق الأوسط» «إذا أردنا أن نأخذ الوضع اللبناني برمته، لا يمكن أن ننكر أننا لا نزال نعيش عز الأزمة المذهبية والطائفية. هذا الاستنفار المذهبي لا يمكن أن ينتج إلا محاصصة مذهبية في التعيينات. ولا أوهام تتعلق باقتصارها على الكفاءة والجدارة ونظافة الكف». وأضاف «هناك إمكانية للدفع باتجاهين، وذلك بأن تراعى الحصص الطائفية، وفي الوقت نفسه يتم اختيار ذوي الكفاءة من ضمن هذه الحصص. والأهم هو عدم عودة الأمور إلى مبدأ الترويكا، فنحاول الاعتماد على السير الذاتية أكثر مما نعتمد على التوصيات». ولفت وهبي إلى ما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، في تصريحه الأخير المتعلق بـ«المقاومة من الداخل لمحاربة اللصوص واجتثاثهم بغية الإصلاح»، وقال «دور المقاومة معروف، وهو التصدي للعدو. لكن عندما يصبح دور المقاومة اجتثاث اللصوص في الداخل، حينها لا بد أن نسأل: من هم اللصوص؟ وهل يقتصرون على فئة بعينها؟ البديهي أن اللصوص والفاسدين تحاسبهم الأجهزة الرقابية والقضائية. إلا أن هذا الكلام يشي بأن النية تتجه إلى رغبتهم فرض من يريدون في أجهزة الدولة. هم يعرفون أن الفساد ظاهرة عالمية، والمجتمعات لا يسودها النقاء. والمطلوب العمل للحد من منسوب الفساد، والوصول بالإصلاح إلى منسوب الدول التي تحترم نفسها. لكن لا يمكن للمقاومة أن تلعب دورا في هذا المجال».

الاستحقاق الثاني على أجندة العام الجديد عنوانه طاولة الحوار. وكانت بعض المصادر قد أشارت إلى أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان كلف فريق عمله من المستشارين للإعداد لطاولة الحوار، وفق المعايير المعلنة»، وأضافت أن «أركان طاولة الحوار السابقة سيعود منهم 9 من أصل 14»، ورجحت «توسيع إطار هذه الطاولة لتضم ممثلين عن جميع الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والحقوقية والاجتماعية». إلا أن مصادر مقربة من سليمان أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «لا شيء نهائي بشأن المشاركين في طاولة الحوار حتى الآن». ومعروف أن عددا من الذين كانوا على الطاولة في المرحلة السابقة لن يعودوا إليها، منهم الوزير والنائب السابق إيلي سكاف، كذلك النائب السابق غسان تويني، وربما لن يعود بعض الذين لا يزالون في مواقع نيابية، بسبب التوزيع الذي قد يعتمد للكتل، بسبب التمثيل الذي يفترض أن يراعى في هذا الشأن. وفي ظل المواقف الأخيرة المتصاعدة لحزب الله بشأن سلاحه، فإن هذا يعطي انطباعا بأن مفاعيل طاولة الحوار لن تغير في واقع «الاستراتيجية الدفاعية» المنشودة شيئا. ويقول النائب أمين وهبي «نحن لا نريد أن نثقل طاولة الحوار بالاستنتاجات المسبقة. وإن كان طبيعيا أن يحاول الطامحون حجز موقع لهم حولها. حتما لن يستطيع جميع هؤلاء أن يوفروا لأنفسهم مكانا. لكن المهم أن يبدأ الحوار بشأن الاستراتيجية الدفاعية، فلو أن اللبنانيين باشروا حوار طرشان قبل الغرق في حروبهم الأهلية لكانوا استغنوا عن السلاح، فالإصرار على الحوار هو عمليا تجميد للكلام العنفي والاستفزازي للعصبيات. وإن بقي غير مأمول إحراز أي تقدم». وأضاف «أما بشأن الخطاب الذي يعتمده حزب الله حاليا، فأنا أستشف منه رغبة وسعيا لمحاولة حسم المسألة مسبقا، وفي هذا المجال لا بد من التوقف عند طلب الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، هدنة تستمر عاما. استخدام نصر الله هذا التعبير ليس مناسبا، وفي غير محله، وكان على نصر الله أن يدقق أكثر في اختياره. فالهدنة تعلن بين عدوين. نحن لا نطمح إليها، لأن إدارة الخلافات يجب أن تتم بشكل حضاري. مع الإشارة إلى أن الخلافات أمر طبيعي وصحي في الحياة السياسية لأي مجتمع، فاللبنانيون لا يريدون حروبا ولا هدنة. المطلوب طغيان التهدئة وخطاب العقل والولاء للبنان والكف عن إلغاء الآخر».

وأضاف «لا أحد يريد أن تحل مسألة سلاح حزب الله بالقوة. لكننا لا نريد وضعه خارج النقاش بشكل مسؤول ووفاقي. بالتالي يبدو طرح حزب الله لمسألة سلاحه وكأنه محاولة لحسم نتائج طاولة الحوار قبل انطلاقتها. وتقديري أن لا أحد يستطيع أن يفرض على المجتمع اللبناني سياقا معينا».

في حين يبدي وهبي قلقه من محاولات استباق الحوار بقمع المعارضين للحزب، ويلفت إلى استخدام رعد لعبارة «الألسنة التي تتكلم لم تكن تستطيع ذلك لولا المقاومة»، فيقول «إذا كنا نشدد على أهمية طاولة الحوار، فيبدو الحديث عن الألسنة في هذا المجال منافيا للحريات الديمقراطية التي ناضل اللبنانيون للحصول عليها حتى قبل وجود حزب الله. ولولا هذه الحريات لما استطاع اليسار في لبنان أن يطلق مقاومته ومن بعده حزب الله».