فرنسا تحمل السلطات الإيرانية مسؤولية سلامة قادة المعارضة

باريس تؤكد وقوفها إلى جانب الساعين إلى الحرية والديمقراطية في إيران

TT

حملت فرنسا، أمس، السلطات الإيرانية مسؤولية المحافظة على سلامة أبرز وجهين من وجوه المعارضة الإيرانية، وهما رئيس الوزراء السابق، المرشح لرئاسة الجمهورية في انتخابات يونيو (حزيران) الماضي مير حسين موسوي، ورئيس البرلمان السابق الإصلاحي مهدي كروبي.

وجاء التحذير الفرنسي بسبب الغموض الذي أحاط أمس مكان وجود السياسيين اللذين يتزعمان الحركة الاحتجاجية ضد إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد، وضد ممارسات النظام الإيراني بشكل عام، وقالت كريستين فاغ، الناطقة المساعدة باسم الخارجية الفرنسية «إن باريس تعتبر السلطات الإيرانية المسؤولة عن سلامة قادة المعارضة». وحثت فرنسا الحكومة الإيرانية على احترام حق التعبير الديمقراطي للمواطنين وللأحزاب السياسية، وإطلاق كل الأشخاص المحتجزين اعتباطيا.

ومجددا، وبعد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، أكدت باريس أمس وقوفها «إلى جانب كل الذين يسعون في إيران إلى الحرية والديمقراطية». وكان رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي قد أدان في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بشدة «القمع الأعمى» الذي تمارسه السلطة ضد المتظاهرين، وحذر من قيامها باعتقالات إضافية في صفوف المعارضة «تكون من نتيجتها استفحال الوضع». وطالبت فرنسا أمس القادة الإيرانيين بـ«الاستماع لنداء الأسرة الدولية، وتلمس حل سياسي يقوم على الحوار واحترام المبادئ الديمقراطية ويتواءم مع التزامات إيران الدولية».

وتنهج فرنسا موقفا لعله الأكثر تشددا في مسألة حقوق الإنسان في إيران، وهو الأمر الذي برز في الأشهر الأخيرة، بعد الانتخابات الرئاسية. ويعتبر وزير الخارجية برنار كوشنير أن الحركة الخضراء (المعارضة الإيرانية) حركة عميقة وواسعة، وتمثل الجزء الأكبر من الشعب الإيراني، ولذا فإنه يجاهر بدعم فرنسا لها، ويدعو الدول الغربية إلى توفير الدعم الدولي ويؤكد أنها ستنتصر، وتتخوف المصادر الفرنسية مما سيؤول إليه الوضع في إيران ومن تحول الحركة المطلبية إذا تبنت العنف، إلى حرب أهلية، خصوصا أن النظام الإيراني «لن يتردد في قمعها».

وأعرب كوشنير أكثر من مرة عن قلقه إزاء حدة القمع ولجوء السلطة وأجهزتها إلى العنف، وتكاثر عمليات الاحتجاز والتوقيف الاعتباطي، ومنع الإعلام العالمي من القيام بواجبه، وقد سبق له أن حيى شجاعة كل الذين يدافعون عن حقوق الإنسان في إيران، رغم القمع الذي يلاحقهم، معتبرا أنها تعكس «تمسكا عميقا» بالقيم الديمقراطية.

وتتابع باريس عن كثب تطور الأوضاع الإيرانية الداخلية التي تتوالى منذ الانتخابات الرئاسية في شهر يونيو الماضي، ثمة تيار في فرنسا يعتبر أن هذه الحركة الاحتجاجية تحمل في طياتها «بذور التغيير» في إيران، وأن استمرارها رغم القمع وقساوة الأحكام التي صدرت بحق الذين ألقي القبض عليهم سابقا «يعكس» تجذرها العميق في المجتمع الإيراني والرغبة في التغيير.

ولا تخفي فرنسا دعمها للمعارضة ودعوتها لتأييدها، رغم مشكلاتها مع إيران، وتحديدا بخصوص مصير الجامعية الفرنسية كلوتيلد ريس التي تنتظر صدور حكم بشأنها من القضاء الإيراني في العاصمة طهران في الأيام القادمة.

وكما في الملف النووي الإيراني، حيث تبدو باريس اليوم أكثر تشددا من الولايات المتحدة الأميركية، فإن باريس تريد أن تكون «سباقة» في الدعوة إلى «عدم التساهل» مع إيران في موضوع حقوق الإنسان. وعلى الرغم من دعوة كوشنير الغرب إلى دعم المعارضة، فإنه ينبه إلى ضرورة تفادي صب الزيت على النار، وتأجيج العنف والحرب الأهلية، مما يعني أن الوزير الفرنسي يحث على تكثيف الضغوط السياسية على النظام الإيراني، وتأليب الرأي العام الدولي بالتركيز على ضرورة احترام الحقوق الأساسية وحرية التعبير والإعلام.