مبارك يسعى للجمع بين أبو مازن ونتنياهو في القاهرة خلال شهر

على أرضية التزام إسرائيلي بإنهاء المفاوضات خلال سنتين وضمانات أميركية للطرفين

TT

كشفت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى، أمس، أن الرئيس المصري، حسني مبارك، يسعى إلى الجمع بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في لقاء قمة في القاهرة يعقد في غضون شهر واحد، يمهد فيه لاستئناف مفاوضات السلام.

وقالت هذه المصادر إن مبارك اتخذ قرارا بهذا الشأن، بعد لقائه مع نتنياهو يوم الثلاثاء الماضي في القاهرة.

وقالت المصادر: «لقد ترك نتنياهو انطباعا إيجابيا لدى مبارك، إذ أقنعه بأنه جاد في نيته إدارة مفاوضات سلام جدية وناجعة». وأردفت تقول: «نتنياهو قال للرئيس المصري إنه لا يريد استئناف المفاوضات لمجرد المفاوضات، إنما يريد أيضا إنهاء هذه المفاوضات. وهو مؤمن بأنه يستطيع ذلك مع الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس (أبو مازن)، حيث إن مواقفهما متقاربة حول التسوية الدائمة، على أساس حل الدولتين».

وأكدت مصادر فلسطينية هذه الأنباء المتفائلة، قائلة إن نتنياهو وافق أخيرا على الشرط الفلسطيني بأن تقوم الدولة الفلسطينية على أساس حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، مع تبادل أراض، وأن يتم تحديد مدة زمنية للمفاوضات، أقصاها سنتان. وحسب التصريحات الصادرة عن الطرفين، التي تجد غطاء لها من مصادر مصرية فاعلة في إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن الرئيس مبارك دعا الرئيس الفلسطيني إلى لقائه في القاهرة غدا، ليبحث معه في الاقتراح. وسيطلعه على نتائج لقائه مع نتنياهو، ويقترح عليه لقاء القمة الثلاثي ومن ثم استئناف المفاوضات على أساس الشروط الجديدة. وسيكون للإدارة الأميركية، الشريكة في الجهود المصرية الحالية، دور أساسي في إزالة العقبات التي تعترض طريق استئناف المفاوضات اليوم.

يذكر أن العقبة أمام استئناف المفاوضات اليوم هي الموقف الفلسطيني الذي يقول إن إسرائيل لم تكن جادة في مفاوضاتها حتى الآن، فهي تفاوض وتفرض في الوقت نفسه حقائق على الأرض، مثل تهويد القدس وبناء المستوطنات في الضفة الغربية وإدارة مفاوضات بلا حدود زمنية. وإسرائيل من جهتها تضع شروطا مثل الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، والإعلان أن التوقيع على التسوية الدائمة يترافق مع إعلان فلسطيني عن نهاية الصراع وإنهاء المطالب الفلسطينية من إسرائيل.

ويتضمن والاقتراح المصري - الأميركي لتسوية هذه الإشكالية، أن تقدم واشنطن كتاب ضمانات إلى السلطة الفلسطينية تتعهد فيه بأن تتم المفاوضات على أساس حدود 1967، وهو البند الذي يحل مشكلة المستوطنات، إذ إن منظمة التحرير الفلسطينية كانت مستعدة دائما لإبقاء مستوطنات يهودية تحت السيادة الإسرائيلية، شريطة أن تحصل على أراض من تخوم إسرائيل بدلا منها، تكون مساوية لها في المساحة وفي القيمة. كما أن تعهد نتنياهو بأن لا تستمر المفاوضات أكثر من سنتين يحل مشكلة العامل الزمني. أما موضوع إنهاء الصراع والمطالب، فقد أعلنه الرئيس الفلسطيني في المقابلة الخاصة التي أجرتها معه «الشرق الأوسط» قبل أسبوعين، واهتم به الإسرائيليون. وفي المقابل، ستمنح واشنطن إسرائيل كتاب ضمانات آخر تتعهد فيه بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح وتقدم فيها ضمانات أمنية أخرى، وتتعهد باعتبار إسرائيل البيت القومي للشعب اليهودي (وهي الصيغة التي يستخدمها نتنياهو في الشهور الأخيرة بدلا من القول «دولة يهودية»).

وقال مسؤول في مكتب نتنياهو، أمس، إن من السابق لأوانه الحديث عن هذا التوجه قبل اللقاء غدا مع الرئيس مبارك. ومع ذلك فقد أعرب عن تفاؤله من رد إيجابي، وقال: «الفلسطينيون بدأوا يدركون أن التعنت في موقفهم الرافض لاستئناف المفاوضات إلا بتجميد كامل للاستيطان يؤذيهم. فإسرائيل لن توافق بأي حال على التجميد التام، وكل يوم إضافي يزيد من الاستيطان. والفراغ السياسي الذي تتركه السلطة الفلسطينية تعبئه بنجاح حركة حماس، على حساب حركة فتح وسلطتها الوطنية. ولذلك، فإن السلطة تفتش عن سلم ينزلها عن قمة الشجرة التي تسلقتها، ومصر تعطيها اليوم هذا السلم، بمساعدة نتنياهو». جدير بالذكر أن وزير شؤون المخابرات في الحكومة المصرية، عمر سليمان، المسؤول عن ملف العلاقات مع إسرائيل، سيسافر إلى واشنطن، ليطلعها على التطورات في هذه المسألة، ويرتب برنامج الخطوات المقبلة. وفي الأسبوع القادم، سيصل إلى المنطقة جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي الخاص في الشرق الأوسط، وسيلتقي المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين لمواصلة الجهود والترتيبات لاستئناف المفاوضات. وسيزور ميتشل دولا أخرى في المنطقة، بغية تحريك مسار السلام مع سورية أيضا.