بغداد: سنلاحق بكل حزم حراس «بلاك ووتر» المتورطين في قتل 14 عراقيا عام 2007

مصابون وأقارب قتلى لـ «الشرق الأوسط»: قرار المحكمة الأميركية بإسقاط التهم جائر

اثنان من حراس «بلاك ووتر» أثناء مهمة في بغداد (أ.ب)
TT

أعربت الحكومة العراقية أمس عن «الأسف» لقرار قاض فيدرالي أميركي بإسقاط التهم عن عناصر شركة «بلاك ووتر» الأمنية، مؤكدة أنها ستتابع «إجراءاتها بكل حزم لملاحقة» المتورطين في مقتل 14 عراقيا على الأقل في بغداد في سبتمبر (أيلول) 2007.

وقال المتحدث الرسمي علي الدباغ في بيان إن «الحكومة تأسف لقرار القاضي (...) لكنها ستتابع إجراءاتها بكل حزم وقوة لملاحقة الجناة من الشركة المذكورة وحفظ حقوق المواطنين العراقيين من الضحايا وعائلاتهم». وتابع، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «التحقيقات التي أجرتها السلطات العراقية المختصة أكدت بشكل قاطع أن حراس (بلاك ووتر) ارتكبوا جريمة القتل وخرقوا قواعد استخدام السلاح من دون وجود أي تهديد يستدعي استخدام القوة».

وقد اعتبر القاضي الفيدرالي ريكاردو أوروبينا أن «المدعين انتهكوا حقوق المدعى عليهم من خلال استخدام تصريحات أدلوا بها تحت الحصانة خلال تحقيق لوزارة الخارجية لفتح هذه القضية». وقال إن «الحكومة استخدمت الأقوال التي انتزعت من المدعى عليهم لفتح هذا الملف وإجراء تحقيقات وفي نهاية المطاف توجيه التهم». وأضاف أن «التفسيرات التي قدمها المحققون لإقناع المحكمة بأنهم لم يرتكزوا على هذه التصريحات كانت متناقضة وتفتقر إلى المصداقية». وقالت المحكمة إن عناصر الأمن «أرغموا» على تقديم أدلة دامغة خلال تحقيق أجرته وزارة العدل، لكن الدستور الأميركي يمنع المدعين من استخدام «أقوال تم انتزاعها تحت تهديد فقدان الوظيفة».

واتهم عناصر الأمن الخمسة الذين كانوا ضمن قافلة بقتل 14 مدنيا عراقيا وإصابة 18 آخرين بجروح في هجوم غير مبرر في ساحة النسور في منطقة اليرموك في غرب بغداد استخدمت خلاله قنابل يدوية فضلا عن إطلاق النار من أسلحة رشاشة. وفي حين يؤكد الأميركيون مقتل 14 شخصا، يقول العراقيون إن عددهم 17 قتيلا. وبحسب وثائق عرضتها المحكمة، قال أحد الحراس لزميله إنه يريد قتل عراقيين انتقاما لاعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 متباهيا بعدد العراقيين الذين قتلهم. وقال أوروبينا إنه كان أمام المدعين الفيدراليين فرصة خلال جلسات بدأت في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2009 واستمرت ثلاثة أسابيع لإثبات أنهم لم يستخدموا أقوال المدعى عليهم لفتح هذه القضية ولم ينجحوا في ذلك. وأضاف: «على المحكمة إسقاط كل التهم الموجهة إلى المدعى عليهم».

وقد رفضت السلطات العراقية في يناير (كانون الثاني) 2009، تجديد عقد شركة «بلاك ووتر» الأمنية الأميركية الخاصة، في أعقاب الحادث لكن الشركة غيرت اسمها إلى «إكس اي».

يذكر أن جيريمي ريدجواي، أحد عناصر الأمن، أقر بتهمة القتل غير العمد في ديسمبر (كانون الأول) 2008. ويؤكد شهود أن العناصر الأمنيين أطلقوا النار على المدنيين من دون أن يكونوا قد اعتدوا عليهم. وأكدت «بلاك ووتر»، وهي أكبر شركة أمنية خاصة استخدمها الأميركيون في بغداد، من جانبها أن الحراس أطلقوا النار دفاعا عن النفس. وأجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» تحقيقا بالتعاون مع وزارة الداخلية العراقية وشرطة بغداد.

وقد وجهت 35 تهمة أواخر العام الماضي إلى بول سلو (29 عاما) ونيكولاس سلايتن (24 عاما) وإيفان ليبرتي (26 عاما) وداستن هيرد (27 عاما) ودونالد بال (26 عاما). وأثار هذا الحادث غضبا واستنكارا واسعا في العراق.

واستنكر عدد ممن أصيبوا في الحادث وذوي القتلى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قرار المحكمة الأميركية، وقال محمد حسن محمد، الذي تلقى إصابات بالغة، إن القرار «جائر وظالم، وعلى الإدارة الأميركية التدخل، كما أن على الحكومة العراقية التصرف سريعا لأخذ حق العراقيين».

من جانبه، أكد عبد الوهاب عبد القادر، الذي كان بين المصابين، أن «الجرم ثابت على الحراس في هذه الشركة، وشهود العيان والضحايا التقوا بالمدعين العامين الذين سجلوا كل شهاداتهم التي تؤكد ضلوع حراس الشركة في القتل»، مؤكدا أن «الحق المدني لن يضيع كما ضاع الحق الجنائي». أما انتصار عطشان التي قتل ابنها، مشتاق، في الحادث فقالت إن «أي تعويض مادي لن يعوض ابننا».