«سي آي إيه»: سننتقم لمقتل ضباطنا في خوست

قاعدة الاستخبارات المتقدمة كانت تُستخدم لجمع المعلومات عن «طالبان» لضربهم بطائرات دون طيار

TT

بينما اعترف مسؤولون في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أن القاعدة السرية التي أسسها عملاء الوكالة في مقاطعة خوست، شرق أفغانستان، قرب الحدود مع باكستان، وسموها قاعدة «شابمان»، كانت تستعمل لجمع معلومات عن مقاتلي «طالبان» ولضربهم بطائرات دون طيار، حذر المسؤولون بأن «سي آي إيه» سترد «بعمليات انتقامية ناجحة».

وأمس، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» أن مسؤولين في «سي آي إيه» أقسموا بأنهم سينتقمون لعملية «طالبان». وقال مسؤول في الوكالة، طلب عدم نشر اسمه: «سنقدر على الانتقام من هذا الهجوم بعمليات ناجحة، وهجومية».

وبينما رفضت رئاسة الوكالة في ماكلين، ضاحية في العاصمة واشنطن، تقديم تفاصيل، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الطالباني الذي قام بالهجوم دخل القاعدة بعد أن تطوع ليكون جاسوسا. وأنه قتل سبعة من عملاء الوكالة، ومن التابعين لشركات تجسس تعاقدت مع الوكالة، بما فيهم مديرة القاعدة، وجرح ستة آخرين. وأن كبيرة الجواسيس أم لديها ثلاثة أطفال.

وقالت الصحيفة إن الهجوم هو ثاني أعنف هجوم في تاريخ الوكالة بعد هجوم على مكتب «سي آي إيه» في بيروت عام 1983، حيث دمرت السفارة الأميركية وقتل ثمانية من جواسيس الوكالة.

ولاحظت الصحيفة أن «سي آي إيه»، حتى بعد مرور أكثر من سنتين على عمليات الطائرات دون طيارين، وقتل أكثر من ثلاثمائة شخص خلال السنة الماضية فقط، تظل ترفض الاعتراف بأي دور فيها. رغم أن تقارير صحافية قالت إن مركزا في رئاسة الوكالة في ماكلين يشرف على جمع المعلومات وتوجيه الطائرات دون طيار. وأن في المركز شاشات تعرض مباشرة الصور التي تلتقطها كاميرات الطائرات وهي تجمع معلومات على الأرض، أو هي تضرب مواقع بصواريخ «هيل فايار» (نار الجحيم).

وكان ليون بانيتا، مدير «سي آي إيه» اعترف، يوم الخميس، بهجوم «طالبان» في نشرة وزعها على العاملين في الوكالة، وأرسل نسخة منها إلى الصحف. وقال إن ما حدث يوضح «الخطر الحقيقي» الذي يواجه جواسيس الوكالة «في حربين» (أفغانستان والعراق). ووصف جواسيس الوكالة بأنهم «يضحون بأرواحهم في أماكن بعيدة لحماية وطننا من الإرهاب». وأضاف: «نتعهد بأننا لن نوقف الحرب أبدا حتى نقضى على أعدائنا، وحتى تبقى أميركا آمنة».

لكن، حسب تقليد الوكالة، لم يعلن بانيتا أسماء الجواسيس الذين قتلوا. ولم يفعل ذلك دينيس بلير، مدير الاستخبارات الوطنية، الذي يشرف على المركز الأمني لمكافحة الإرهاب (إن سي تي سي) الذي ينسق بين وكالات الاستخبارات كلها. ولم يفعل ذلك الرئيس أوباما الذي أرسل خطابا داخليا إلى العاملين في الوكالة، قال فيه إن الضحايا «جزء من صف طويل من وطنيين ضحوا في سيبل وطنهم، ولحماية طريقتنا في الحياة».

ويشكل الهجوم الانتحاري في أفغانستان الذي أودى بحياة سبعة من موظفي وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) ضربة موجعة لهذه المؤسسة التي تتعزز مشاركتها على جبهات الحروب الأميركية. وأعلنت الوكالة أول من أمس الحداد على سبعة من موظفيها قتلوا في الهجوم، في واحد من أكثر الاعتداءات دموية ضدها. ونكست الوكالة الأعلام في مقرها في إحدى ضواحي واشنطن لكنها لم تكشف أسماء القتلى السبعة الذين تبقى أسماؤهم سرية حتى بعد وفاتهم. وعبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تعازيه إلى العاملين في «سي آي إيه». وقال في رسالة وجهها إلى الوكالة إن «إنجازاتكم، وحتى أسماؤكم، قد لا تكون معروفة لدى الأميركيين، لكن عملكم يلقى تقديرا كبيرا». وأضاف أوباما أنه منذ اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة «واجهت (سي آي إيه) اختبارا لا سابق له». وتابع أوباما: «بفضل عملكم تم إحباط مؤامرات وأنقذت أرواح أميركيين وأصبح حلفاؤنا وشركاؤنا أكثر أمانا». وأكد الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة «ما كانت لتحافظ على هذه الدرجة من الحرية والأمن، لولا العقود الطويلة من العمل الذي قام به رجال ونساء متفانون في عملهم في (سي آي إيه)». وأوضح أن أسماءهم ستضاف إلى أسماء تسعين عميلا آخر على جدار في مقر وكالة الاستخبارات الأميركية لتكريم الذين يسقطون أثناء تأدية الواجب.

وعلى كل حال، كان هذا الهجوم الأسوأ لوكالة الاستخبارات المركزية والأكثر دموية منذ الاعتداء الذي استهدف السفارة الأميركية في بيروت في 1983 وأدى إلى مقتل ثمانية من ضباط «سي آي إيه». وقد أدى هذا الهجوم إلى توقف عمليات وكالة الاستخبارات المركزية في لبنان. أما الهجوم الأخير فقد أودى بحياة عناصر متمرسين في الحرب ويمكن أن يؤثر على سرية عمل الوكالة التي تواجه ازدياد المخاطر في هذا المجال.

وقالت الصحف الأميركية إن بين القتلى السبعة قائدة القاعدة وهي أم لثلاثة أطفال. وأكد مدير الوكالة ليون بانيتا أن ستة عناصر آخرين جرحوا ونجح أطباء وممرضات أميركيون في إنقاذ حياتهم. وأكد جاك رايس الضابط السابق في الوكالة الذي عمل في أفغانستان أن «هذا الهجوم لن ينسى في لانغلي» في فيرجينيا. وأضاف أن «التأثير قد يكون هائلا ليس فقط على صعيد قدرات هؤلاء الأشخاص المحددين بل في العلاقات التي قاموا ببنائها». وتابع: «لا يمكن العثور على خمسة أو عشرة أشخاص غيرهم بكل بساطة، وإنهم الأفضل على الأرجح في العالم في ما يفعلونه وقد رحلوا».