2009 نهاية عقد : السعودية في 2009: الانضمام لأكبر 20 اقتصادا في العالم

تفعيل ملف القطارات وتعزيز صناعة البتروكيماويات ودعم الاقتصاد المعرفي

TT

يمثل تتويج المجتمع الاقتصادي الدولي، بضمه السعودية ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، أبرز المحطات الاقتصادية التي تسجلها السعودية في أجندة ما تحقق خلال عام 2009 بعد أن دعت كبرى الدول الصناعية في العالم لانضمام السعودية لوضع حلول يمكن أن تجابه زحف آثار الأزمة المالية العالمية.

واستعادت السعودية نشاط النقل من جديد؛ حينما فعّلت بشكل ملموس مشاريع القطارات بين المدن السعودية وبرز في مقدمتها توقيع عقد إنشاء قطار الحرمين السريع، في حين واصلت دعمها لقيام صناعة البتروكيماويات بشكل أقوى من خلال مشروعات جديدة في هذا الجانب ووقوفها بجانب الشركات المحلية في مواجهة دعاوى الإغراق التي وجهت إليها خلال العام، لتضاف إلى بيئة الأعمال لديها التي سجلت قفزة لتتاخم بوابة أفضل عشر دول في بيئة الاستثمار على مستوى العالم. وتمكن خادم الحرمين الشريفين في دعم وقيادة تعزيز دور بلاده في الشأن الإقليمي والعالمي اقتصاديا وتجاريا، حتى أصبح للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي ومن ذلك انضمامه لمجموعة العشرين الاقتصادية خلال اجتماعاتها التي عقدت في أبريل (نيسان) الماضي بالعاصمة البريطانية لندن، إذ اعتبر الاقتصاديون أنها شكلت عنصر دفع قوي للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته.

وفي المجال الاقتصادي، تحركت الحكومة السعودية بأوامر من الملك عبد الله نحو تكثيف الإصلاح الاقتصادي الشامل وتكثيف الجهود من أجل تحسين بيئة الأعمال في البلاد وإطلاق برنامج شامل لحل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية بالتعاون بين جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة عن حصول السعودية على جائزة تقديرية من البنك الدولي تقديرا للخطوات المتسارعة التي اتخذتها في مجال الإصلاح الاقتصادي ودخول المملكة ضمن قائمة أفضل 10 دول أجرت إصلاحات اقتصادية.

وفي هذا الصدد، دعمت السعودية الصورة الإيجابية لأداء الأعمال ضمن بيئة مساعدة على تصنيف المملكة في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي إلى تصنيف السعودية كأفضل بيئة استثمارية في العالم العربي والشرق الأوسط في المركز الـ13 من أصل 183 دولة ضمن برنامج تقوم عليه الهيئة العامة للاستثمار أطلقت عليه 10 في 10.

وتصدرت السعودية دول العالم العربي والشرق الأوسط كما أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي كأفضل بيئة استثمارية وفقا لتقرير أداء الأعمال 2010، الذي صدر عن مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي؛ حيث احتلت المملكة المركز الـ13 على مستوى العالم بعد أن كانت حققت عام 2008 المركز الـ16 بين الدول المقيمة. وقال عمرو الدباغ حينها إنه تبقت خطوات كبرى تحتاج إلى تضافر جهود الجميع من جهات حكومية وخاصة من أجل إنجازها ضمن برنامج 10 في 10 الذي يستهدف حل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية بالتعاون بين جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار.

من جانب آخر، تقف ميزانية العام المالي الحالي شاهدا على الطموح والإنجاز للسعودية حيث بلغت فعليا 475 مليار ريال، مشكلة بذلك أكبر ميزانية تنفق رغم الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم وبما تضمنته من بنود مخصصة لجميع أوجه التنمية في المملكة من تعليمية وصحية واجتماعية وغيرها، فيما ستكون موازنة العام المقبل بقيمة تاريخية كذلك؛ بقيمة إنفاق مقدر بنحو 540 مليار ريال.

وفي يناير (كانون الثاني) بداية عام 2009، أعلن المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، أن شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) تمكنت من اكتشاف 5 حقول جديدة للزيت، و3 حقول جديدة للغاز في المنطقة الشرقية من المملكة.

وأوضح النعيمي أن سياسة المملكة في استثماراتها في مجال زيادة الإنتاج تتسم ببعد النظر ولا تتأثر بالاضطراب الذي ينتاب السياسات المتعلقة بالطاقة وأسواقها، مؤكدا على مواصلة بلاده تنفيذ استثماراتها الحالية في قطاعات التنقيب والإنتاج والتسويق والتكرير من أجل ضمان استمرار تدفق الإمدادات عندما يتعافى الاقتصاد العالمي من جديد. وسعت السعودية لفتح باب التنمية المختص بالنقل، حينما تم الإعلان عن أكثر من مشروع يخص القطارات والسكك الحديدية، إذ أعلن الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف وزير المالية رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة والدكتور جبارة بن عيد الصريصري وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية ممثلين عن حكومة السعودية ليوقعا عقدا مع ائتلاف الراجحي لتنفيذ الأعمال المدنية لمشروع قطار الحرمين السريع الذي ستبلغ قيمته 6.7 مليار ريال. وكان العساف أبرم في أبريل المنصرم 3 عقود للشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) بقيمة إجمالية قوامها 2.3 مليار ريال (637 مليون دولار) تمثل عقد نظم الاتصالات وإشارات التحكم وعقد توريد القاطرات، وعقد توريد العربات «المقطورات» وذلك لمشروع سكة حديد الشمال - الجنوب الممتد من حزم الجلاميد في شمال السعودية، إلى رأس الزور على سواحل الخليج العربي مرورا بمدن الجوف وحائل والقصيم والرياض بطول 2400 كيلومتر. وكان شهر يونيو (حزيران) الماضي شاهدا على عناية واهتمام حكومة المملكة بقيام المشاريع العملاقة المهتمة بالصناعات البتروكيماوية؛ حيث رعى خادم الحرمين الشريفين الحفل الكبير الذي أقامته الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة «سابك» وشركة «مرافق» وشركات القطاع الخاص، لتدشين عدد من المشروعات التنموية والصناعية في مدينة الجبيل الصناعية، ويبلغ الحجم الإجمالي لاستثماراتها أكثر من 54 مليار ريال. وفي صدد مقارب، اندفعت حكومة السعودية ممثلة في وزارة التجارة والصناعة بالذود عن مصالح المصدرين السعوديين في مجال الصناعات البتروكيماوية حينما أعلنت حكومتا الصين الشعبية والهند عن فرض ضريبة حمائية على منتجات بترو كيماوية تصدرها الشركات السعودية إلى السوقين، في وقت تلوح في الأفق إشارات إيجابية حول انفكاك تلك القضايا العالقة قريبا. وتؤكد السعودية مضيها بقوة نحو زيادة الاهتمام بملف الاقتصاد المعرفي وقد بلغ ذروته في افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول على ساحل البحر الأحمر، وسط اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالاقتصاد المعرفي، والذي كان أبرز محاور حديث منتدى الرياض الاقتصادي الذي انتهى الأسبوع المنصرم بتوصية إنشاء جهاز حكومي يتبع للمجلس الاقتصادي الأعلى لتفعيل مبادرات الاقتصاد المعرفي.

وكان خادم الحرمين الشريفين قال في كلمة له خلال ترؤسه الاجتماع الأول لمجلس أمناء الجامعة في أبريل الماضي «إن من بين الأهداف التأسيس لقيام اقتصاد معرفي يهدف لتنويع مصادر اقتصادنا الوطني». وشهدت نهاية العام الحالي، تأكيد اهتمام السعودية بتنمية استثمارات قطاع التعدين حينما وقعت شركة التعدين العربية السعودية «معادن» وشركة «الكوا» الأميركية بحضور وزير المالية باعتباره رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات (يمتلك حصة 50 في المائة من «معادن») اتفاقية شراكة لإنشاء مشروع «معادن» المتكامل لصناعة الألمنيوم في المملكة بنسبة 60 في المائة للشركة السعودية و40 في المائة للشركة الأميركية بتكلفة تقديرية تبلغ 40.5 مليار ريال (10.8 مليار دولار). ويشتمل المشروع في مراحله المتدرجة على صناعة متكاملة تتضمن منجما للبوكسايت بطاقة إنتاجية أولية قدرها 4 ملايين طن متري سنويا، ومصفاة لإنتاج الألومينا بطاقة أولية قدرها 1.8 مليون طن متري سنويا، ومصهر للألمنيوم لإنتاج قضبان وسبائك وألواح الألمنيوم بطاقة أولية قدرها 740 مليون طن سنويا، ومصنع للدرفلة بطاقة إنتاجية أولية تتراوح ما بين 250 ألفا إلى 460 ألف طن سنويا.