الرئيس اللبناني بعد لقاء ساركوزي: متمسكون بـ 1701 ولم نبحث 1559

الرئيس الفرنسي عبر عن ارتياحه لتطور العلاقات اللبنانية - السورية

الرئيس نيكولا ساركوزي يستقبل نظيره اللبناني ميشال سليمان في قصر الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
TT

وفر اللقاء الذي دام خمسين دقيقة بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونظيره اللبناني ميشال سليمان، والذي تم عصر أمس في قصر الإليزيه، الفرصة لجولة واسعة من التداول في الشؤون اللبنانية والعلاقات الثنائية مع فرنسا وتطور العلاقات اللبنانية السورية، فضلا عن موضوع جهود السلام في الشرق الأوسط وسعي باريس للدعوة إلى قمة يمكن أن تعقد في العاصمة الفرنسية. وتريد باريس أن تلتئم القمة في الأسابيع القليلة المقبلة، علما بأن الدبلوماسية الفرنسية تسعى لإقناع واشنطن بجدوى القمة. وحتى تاريخه، ووفق مصادر فرنسية واسعة الاطلاع، لا تزال باريس تبذل جهودا في هذا الشأن، بينما تتساءل الإدارة الأميركية عما إذا كانت القمة «أفضل الوسائل» لمعاودة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية التي تريد باريس التئامها في الأسابيع القادمة.

وأفادت مصادر الإليزيه أن اللقاء تم بناء على طلب لبناني بمناسبة وجود سليمان في باريس في زيارة خاصة، وأن الرئيس ساركوزي استجاب بكل طيب خاطر. ووصف الإليزيه اللقاء بأنه كان «خاصا» رغم أنه أدرج على أجندة الرئيس الفرنسي الذي استقبله وودعه على مدخل الإليزيه كما أدت له التحية ثلة من الحرس الجمهوري.

وفي إجابته على بضعة أسئلة صحافية عقب اللقاء، نفى الرئيس سليمان أن يكون قد ناقش موضوع سحب القرار الدولي رقم 1559 الذي يدور بشأنه سجال واسع في بيروت بعد مطالبة المعارضة وحزب الله تحديدا بتشجيع من سورية باعتباره «منتهيا». وبالمقابل، شدد الرئيس اللبناني على تمسك بيروت بتنفيذ القرار «1701 بحذافيره» مضيفا أنه «يغطي كافة المواضيع». وحذر سليمان من الخروقات الإسرائيلية المستمرة للقرار 1701، كذلك أبدى تحفظه إزاء ما تقوله إسرائيل حول عزمها على الانسحاب من النصف الشمالي. وقال سليمان «نحن ننتظر لنرى ما إذا سيكون هناك تنفيذ، حيث إن القرار بالانسحاب كان يجب أن ينفذ قبل ثلاث سنوات». وكان واضحا أن الرئيس اللبناني يريد تفادي الخوض في موضوع القرار 1559 في باريس باعتباره مسألة «خلافية». وما يزيد من «حساسية» الطرح أن لبنان أصبح مع بدء العام عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي للعامين 2010 و2011. وفي هذا الخصوص، أفاد سليمان أن باريس وبيروت متفقتان على «ضرورة التنسيق» بينهما في مجلس الأمن الدولي حول «الأمور المهمة للبنان والمنطقة العربية والعالم».

وهذه الزيارة هي الثالثة التي يقوم بها سليمان إلى باريس بعد زيارة الدولة في شهر مارس )آذار) الماضي والزيارة الرسمية في يوليو (تموز) من العام 2008.

وأبدى الرئيس اللبناني ارتياحه لتطور العلاقات اللبنانية - السورية التي وصفها بأنها «طبيعية وجيدة كما كانت في السابق في ظل التبادل الدبلوماسي وسيادة كل دولة على أراضيها»، مضيفا أنها «جيدة جدا ونحن ننظر إلى تحسينها».

وأفادت المصادر الفرنسية أن الرئيسين تباحثا بشأن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أخيرا إلى دمشق. ونقلت أوساط الإليزيه أن سليمان أكد أنه ينظر إلى العام الجديد على أنه «عام التجديد» في لبنان، فيما أعرب ساركوزي عن «ارتياحه» للتطور الإيجابي للأمور في لبنان، مجددا دعم فرنسا «للسلطات اللبنانية». كذلك عبر الرئيس الفرنسي عن ارتياحه لتطور العلاقات اللبنانية - السورية وللتطبيع الذي وصلت إليه، وشدد على «تشجيعه» للسير في هذه الطريق. وأشاد ساركوزي بالدور الذي لعبه الرئيس اللبناني على هذا الصعيد. وينتظر أن يقوم الحريري بزيارة رسمية إلى فرنسا يرجح أن تحصل في الثاني والعشرين من الشهر الجاري. غير أن الإليزيه نفى أن يكون قد تحدد تاريخ لها.

وفي المواضيع الإقليمية، ذكّر الرئيس الفرنسي بموقف باريس الرافض لحصول إيران على السلاح النووي وبعزمها والدول الأخرى على منع حصول هذا التطور الذي تعتبره باريس خطرا على الخليج والشرق الأوسط والعالم.

وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن الرئيس الفرنسي عبر عن قلقه لدخول الوضع في الشرق الأوسط وجهود السلام في «طريق مسدود»، مغتنما الفرصة لعرض الاتصالات عالية المستوى التي قام بها في الأسابيع الأخيرة مع عدد واسع من قادة المنطقة. وكرر ساركوزي استعداد بلاده للدعوة إلى قمة في باريس أو «في مكان آخر» بهدف خلق «دينامية سلام» يكون من شأنها تسهيل العودة إلى التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين. غير أن المصادر الفرنسية اعترفت بأن «بطاقة الدعوة» لم تعد بعد وأن الاتصالات «مستمرة» لتوفير ظروف الدعوة. ومعلوم أن المشروع الفرنسي يقوم على الدعوة إلى قمة تضم، إلى جانب الرئيس الفرنسي، اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي) ومحمود عباس وبنيامين نتنياهو والرئيس مبارك والعاهل الأردني عبد الله الثاني. وحرص ساركوزي على التأكيد على «أهمية» شمولية مسار السلام. لكنه أوضح أن الملف السوري «يعالج في إطار آخر» في إشارة إلى جهود الوساطة التركية. ومعلوم أن باريس ترغب في القيام بدور ما على هذا الصعيد.