جدل بين وزارة الثقافة المغربية وموظفي المتاحف حول جدوى إنشاء مؤسسة مستقلة للإشراف عليها

جمعية خريجي معهد علوم الآثار والتراث انتقدت إنشاء مؤسسة وتحبذ «وكالة وطنية للتراث»

TT

تباينت المواقف بين وزارة الثقافة المغربية وجمعية خريجي معهد علوم الآثار والتراث حول مشروع قانون لإنشاء مؤسسة مستقلة تتولى الإشراف على المتاحف في المغرب، بعد أن تدهورت أوضاع هذه المتاحف وتدنت مداخليها، مما اضطرها لتلقي دعم مالي من صناديق الدعم والمجالس المحلية.

وكانت وزارة الثقافة تقدمت بمشروع قانون إلى البرلمان لإنشاء المؤسسة، وقالت مصادر وزارة الثقافة إن هذه المؤسسة هي الحل لإخراج المتاحف من الحالة المزرية التي تعيشها حاليا وتنمية مداخيلها المالية من خلال تنوع مصادر الدعم المالي لها، في حين تقول جمعية خريجي معهد علوم الآثار والتراث إن إنشاء هذه المؤسسة غير قانوني في صيغته الحالية، وطالبت بإنشاء جهاز بديل لها.

وقالت الجمعية إن المتاحف تقدم خدمات جيدة بفضل تضحيات محافظيها وموظفيها، في حين «يتم إنفاق مداخيل زيارة هذه المتاحف والمآثر التاريخية، على مهرجانات موسيقية وعلى دعم المسرح والكتاب» على حد قول بيان أصدرته الجمعية. وأضاف البيان أن المتاحف، إلى جانب المآثر التاريخية لم تشكل يوما هما لوزراء الثقافة، ولم يسبق منذ استقلال المغرب أنه تم تسجيل استفادة متحف من دعم من طرف المجالس البلدية. وقال البيان أيضا إن مشروع القانون القاضي بإنشاء «المؤسسة الوطنية للمتاحف» رفضته الوزيرة السابقة ثريا جبران في رسالة رسمية بعثت بها إلى أحد مستشاري العاهل المغربي الملك محمد السادس، وترتب على ذلك ترجيح مشروع إنشاء «وكالة وطنية للتراث»، كما أن تلك الرسالة تضمنت عدة تعديلات على هذا القانون، استندت إلى رأي جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث والسكرتارية الوطنية لهيئة محافظي التراث، مضيفة أن كل المسؤولين في وزارة الثقافة رفضوا القانون. واعتبرت الجمعية المؤسسة «تجاوزا لا أخلاقيا» للمشروع الذي كان قد تقدم به وزير الثقافة الأسبق محمد الأشعري في نهاية عام 2003 لإنشاء «وكالة وطنية لتنمية التراث الثقافي»، وهو ما اعتبرته تناقضا بين الوزير السابق والحالي.

وقالت الوزيرة إن قانون إنشاء «المؤسسة الوطنية» لا يستند إلى مرجعية قانونية، ولا يمنح وزارة الثقافة أي إشراف على مؤسسة المتاحف التي يجعلها خارج سلطة الحكومة والبرلمان والقضاء والمجلس الأعلى للحسابات، أي مؤسسة غير خاضعة لوصاية ومراقبة الدولة، ولا تحتكم إلى مجلس إداري، وإنما إلى مجلس للتوجيه والمتابعة، على غرار الجمعيات المدنية، موضحة أن القانون اعتبر موظفي المؤسسة مجرد «مستخدمين»، بعد أن اقتصر في أغلب بنوده على مصطلح «مستخدمين» بدل موظفين. وفي معرض تعقيبه على هذه الانتقادات تساءل مصدر في وزارة الثقافة قائلا «إذا كانت الوزيرة السابقة ثريا جبران رفضت هذا المشروع، فكيف وضع إذن أمام اجتماع للمجلس الوزاري؟». وأكد المصدر أن مشروع «المؤسسة الوطنية للمتاحف» وضع في تاريخ محدد، بتزامن مع فترة الوزيرة السابقة ثريا جبران، وبالتالي تكلفت الوزارة وجندت كل طاقاتها للدفاع عنه، من أجل إقناع الإطراف الحكومية الأخرى بهدف إقراره. وأوضح المصدر أن بيان الجمعية يشوبه خلط كبير وتقسيم غير مبرر بين «جهات غير وطنية» تتبنى مشروع «المؤسسة الوطنية للمتاحف»، أي البرلمان والحكومة ووزارة الثقافة و«جهات وطنية» هم محافظو المتاحف وأعضاء الجمعية، داعيا إياهم إلى الإقرار والاعتراف بأن هناك فعلا وضعية مزرية تعيشها المتاحف في المغرب، يجب أن تصحح.

وقال المصدر إن الجمعية وقعت في تناقض عندما قالت إن مداخيل المتاحف تنفق على جهات معينة، في حين أن الهدف من إخراج «المؤسسة الوطنية للمتاحف» إلى حيز الوجود هو أن تبقى هذه المداخيل خاصة بالمتاحف فقط، وبالتالي لن تتصرف فيها الوزارة أو أي جهة أخرى، مشيرا إلى أن هذا المشروع قابل للتحسين والتعديل في البرلمان.