أوباما يحمّل «القاعدة» في اليمن مسؤولية محاولة تفجير الطائرة الأميركية ويتوعد بضربها

قال: سنوثق علاقاتنا أكثر مع اليمن لمحاربة الإرهاب والإرهابيين

طلبة في معهد الدراسات العربية بالعاصمة صنعاء الذي كان يدرس فيه المتهم النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب يستخدمون اجهزة الانترنت امس (ا.ب)
TT

في خطابه الأسبوعي بالتلفزيون والإذاعة، للشعب الأميركي، شن الرئيس باراك أوباما هجوما عنيفا على تنظيم القاعدة في اليمن. ووعد بحملة أميركية قوية ضدها، خصوصا لصلتها بخطة النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب (23 عاما)، لتفجير طائرة أميركية يوم عيد الميلاد كانت في طريقها من أمستردام إلى ديترويت. واتهم أوباما للمرة الأولى، أمس، تنظيم القاعدة في اليمن بتجهيز وتدريب النيجيري الشاب الذي حاول تفجير طائرة ركاب أميركية يوم عيد الميلاد. وفي لهجة حادة، قال أوباما: «صار واضحا أنه (عبد المطلب) انضم إلى مجموعة تابعة لـ(القاعدة)، وأن هذه المجموعة، التي تسمى (القاعدة في الجزيرة العربية)، دربته، وزودته بتلك المواد التفجيرية، وطلبت منه الهجوم على تلك الطائرة المتجهة إلى أميركا».

وحذر أوباما من أن أي شخص له صلة بهجوم يوم عطلة الميلاد «سيحاسب حسابا عسيرا»، وأن الولايات المتحدة ستوثق علاقاتها أكثر مع اليمن لمحاربة الإرهاب والإرهابيين. وقال: «صار من أهم الأشياء بالنسبة لي تقوية شراكتنا مع حكومة اليمن، وذلك في مجالات التدريب، وتسليح قواتهم الأمنية، ومشاركتهم في المعلومات الاستخباراتية، والعمل معهم لضرب إرهابيي (القاعدة)». وأضاف: «حتى قبل يوم الميلاد، بدأنا نشاهد نتائج هذا التعاون. ضربت معسكرات تدريب، وقتل قادة، وعرقلت خطط». ولاحظت وكالة «أسوشييتد برس» أن هذه أول مرة يشير فيها أوباما، في خطاب رسمي، إلى اسم «منظمة القاعدة في الجزيرة العربية» ولاحظ مراقبون في واشنطن أن هذه أول مرة يضع فيها البيت الأبيض عنوانا مباشرة لخطاب أوباما الأسبوعي، وهو: «الحرب ضد (القاعدة)». وعلى الرغم من أن أوباما لم يذكر اسم عبد المطلب، فإنه أشار إليه أكثر من مرة بطريقة غير مباشرة، مثلا عندما قال: «تدريجيا نعرف المزيد عن المتهم. عرفنا أنه سافر إلى اليمن، وهناك انضم إلى مجموعة تابعة لـ(القاعدة). وعرفنا أن هذه المجموعة، (القاعدة في الجزيرة العربية)، دربته، وأعطته تلك المتفجرات، وأرشدته إلى الهجوم على تلك الطائرة المتجهة إلى أميركا». ولاحظ المراقبون أن أوباما انتهز فرصة خطابه الأسبوعي ليرد على قادة الحزب الجمهوري، بقيادة ديك تشيني، نائب الرئيس السابق، الذين شنوا هجوما عنيفا عليه، واتهموه بالتقصير في مواجهة الإرهاب والإرهابيين. وقال أوباما: «مرت سنة منذ أن وقفت على عتبات الكونغرس وأديت القسم لأكون رئيسا لكم. ومع هذا القسم جاءت مسؤولية أتحملها كل لحظة وكل يوم، وهي مسؤولية حماية الشعب الأميركي». وأضاف: «في ذلك اليوم، قلت في وضوح إن وطننا في حالة حرب ضد شبكات عنف وكراهية تعمل ضدنا في أماكن بعيدة، وإننا سنفعل كل ما في وسعنا لهزيمتهم، مع المحافظة على القيم التي تميز الولايات المتحدة دون غيرها». ولاحظ مراقبون وصحافيون في واشنطن أن أوباما لم يقل، أو يستعمل، في ذلك الخطاب عبارة «الحرب ضد الإرهاب»، وأنه بعد أسابيع في البيت الأبيض، أمر بعدم استعمال عبارة «الحرب ضد الإرهاب».

منذ هجوم يوم عطلة الميلاد، استغل قادة الحزب الجمهوري هذه الحقيقة للهجوم على أوباما، ويوم الخميس، سأل تشيني في تهكم واضح: «كيف يحمينا الرئيس أوباما وهو لا يعترف بأننا في حالة حرب ضد الإرهاب؟». لهذا، صار واضحا أن أوباما يريد الرد على قادة الحزب الجمهوري بالعودة إلى عبارة «الحرب ضد الإرهاب». بل أضاف أنه «سنتابع الإرهابيين في أي مكان حتى نقضي عليهم». وفي جزء آخر من خطابه، أمس، علق أوباما على «التقصير» الذي كان اعترف به في خطاب، الأسبوع الماضي، عن فشل الأجهزة الاستخباراتية الأميركية في منع عبد المطلب من السفر بالطائرة الأميركية من أمستردام إلى ديترويت. وكان أوباما قال إنه أمر بالتحقيق في الموضوع، بينما نشط صحافيون ومراقبون في التنبؤ بمن سيكون «كبش الفداء»، جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن، أو دينيس بلير، رئيس المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، أو ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).

وقال أوباما، أمس: «تسلمت تقريرا تمهيديا عن التحقيق الذي كنت أمرت به. وأمرت جون بينان، مسؤول الحرب ضد الإرهاب في البيت الأبيض، بمتابعة الموضوع وتقديم تقرير نهائي لي خلال الأيام القادمة. لهذا، يبدو أن بينان سيلعب دورا كبيرا في تحديد من سيكون (كبش الفداء)».

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قالت، أول من أمس، إن أوباما، سيعود يوم الاثنين من هاواي إلى واشنطن، وإنه، يوم الثلاثاء، سيجتمع مع قادة أجهزة الاستخبارات العسكرية والمدنية (جملة أربعة عشر جهازا).

وفي خطابه، أمس، تطرق أوباما إلى هجوم «طالبان»، يوم الأربعاء، على قاعدة مدنية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) شرق أفغانستان، قرب الحدود مع باكستان، وأدى الهجوم إلى مقتل 7 من جواسيس الوكالة منهم رئيستهم، وهي أم لثلاثة أطفال. وقال أوباما: «ضحى أميركيون شجعان في أفغانستان لحماية الشعب الأميركي، ومنهم 7 رجال ونساء يتبعون وكالة الاستخبارات المركزية، وكانوا يعملون في نزاهة ومشقة لحماية وطننا».

وفي الجزء الخاص من خطابه بإعلان الحرب ضد «القاعدة في الجزيرة العربية»، وعن التعاون مع حكومة اليمن في هذا الموضوع، قال أوباما إن خطة عبد المطلب لم تكن أول خطة إرهابية تخرج من اليمن. وأشار إلى أن الإرهابيين هناك هاجموا فنادق ومطاعم وسفارات غربية، «بما في ذلك سفارتنا سنة 2008، حيث قتلوا أميركيا واحدا». وأضاف أنه أمر بزيادة التعاون مع حكومة اليمن «لضرب إرهابيي (القاعدة)».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قالت الأسبوع الماضي إن أميركا قدمت مساعدات لحكومة اليمن لضرب مواقع إرهابية هناك. وعلى الرغم من أن أوباما لم يشر إلى ذلك مباشرة، وأنه لم يشر إلى الحوثيين الذين قاموا بعمليات إرهابية على الحدود بين اليمن والسعودية، قال أوباما، في غموض متعمد: «ضربت معسكرات تدريب، وقتل قادة، وعُرقلت خطط».

وعلى الرغم من أن أوباما لم يشر إلى اسم أنور العولقي، الأميركي – اليمني، المولود في أميركا ويعيش في اليمن ويدير شبكة إرهابية في الإنترنت، قال أوباما: «أقول لكل من اشترك في الهجوم الإرهابي علينا يوم الكريسماس بأننا سنحاسبكم حسابا عسيرا». وكانت «واشنطن بوست» قالت، الأسبوع الماضي، إن التحقيق مع عبد المطلب أوضح أنه ربما قابل العولقي، وجها لوجه أو عبر التليفون.

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن أوباما ربما حذر العولقي مباشرة، وذلك لأن تلفزيون «سي إن إن» كان نقل الأسبوع الماضي أن طائرات أميركية دون طيار ضربت موقعا في اليمن، في شبا، قرب حضرموت. وقال لها مسؤولون استخباراتيون، طلبوا عدم الإشارة إلى أسمائهم، إن الهدف كان ضرب العولقي. غير أن «سي إن إن» أضافت أن حكومة اليمن أصدرت بيانا قالت فيه إن الهجوم لم يكن أميركيا، وكان يمنيا. وفي وقت لاحق، نقلت «واشنطن بوست» من اليمن أن العولقي لم يقتل.

وقال مراقبون في واشنطن إن هذا يعني أن أوباما سيأمر بالتخطيط مع اليمن، وربما دول مجاورة أخرى، لتنسيق عمليات جمع معلومات عن الإرهابيين، وضرب مواقعهم. وقال هؤلاء إن اليمن ربما سيكون مثل أفغانستان وباكستان في الاستراتيجية الأميركية لمحاربة الإرهاب. لكن، لا يتوقع هؤلاء أن يأمر أوباما بإرسال قوات برية إلى اليمن، وذلك لأن طائرات «بريديتو» دون طيار يمكن أن تدار، لالتقاط صور، ولضرب مواقع، من رئاسة «سي آي إيه» من ماكلين، ضاحية قرب واشنطن، مثل الحال بعمليات هذه الطائرات في باكستان والصومال.