الصومال: سباق محموم لتشكيل أقاليم مستقلة على غرار «أرض الصومال» و«بونت»

الحكومة تتخوف من محاولات استقلال الأقاليم.. وتجدد الاشتباكات بين «الشباب» وميليشيات صوفية بالوسط

TT

تشهد الأقاليم الجنوبية والوسطى من الصومال سباقا محموما لتشكيل أقاليم تتمتع بالحكم الذاتي على غرار إقليمي «أرض الصومال» بشمال البلاد و«إقليم بونت» بشمال شرقي الصومال، وهناك الآن ثلاث قوات تتصارع في الجنوب تريد كلها تشكيل الإعلان عن أقاليم حكم ذاتي تابعة لها. فتنظيم الشباب الذي يسيطر على معظم جنوب الصومال بدأ بتشكيل ما سماه بالولايات الإسلامية في كل من إقليمي جوبا الوسطى وجوبا السفلى وكذلك إقليم شبيلى الوسطي. وتسعى جماعات الطرق الصوفية المعروفة محليا بأهل السنة والجماعة إلى إنشاء إقليم يتمتع بالحكم الذاتي في المحافظات الوسطى من البلاد والتي يخضع جزء كبير منها لسيطرتهم، وينعقد حاليا مؤتمر لهذا الغرض في مدينة «عابد واق» بوسط الصومال بالقرب من الحدود الإثيوبية. وأنهى سياسيون ونواب في البرلمان الصومالي ومسؤولون حكوميون وشيوخ عشائر ينتمون إلى الأقاليم الجنوبية الغربية مؤتمرا موسعا في مدينة «دولو» بجنوب غربي الصومال على الشريط الحدودي مع إثيوبيا لبحث الإعلان عن تشكيل إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تحت اسم «إقليم جنوب غربي الصومال» ويشمل 6 محافظات صومالية بمنطقة جنوب البلاد التي تسيطر عليها حاليا حركة الشباب المجاهدين المعارضة، وتبدأ هذه الخطة، كما يقول المنظمون، بعمل عسكري لإخراج مقاتلي حركة الشباب من هذه المناطق أولا ثم الإعلان عن إنشاء الإقليم المذكور. وقد أبدى الرئيس الصومالي الشيخ شريف تخوفه الشديد إزاء المحاولات المتزايدة الهادفة إلى إنشاء إدارات وولايات إقليمية مستقلة عن الحكومة. وفي تعليق على هذه التحركات قال الرئيس الصومالي إن تزايد الولايات الإقليمية في البلاد سيؤدي إلى مزيد من تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، وإن من شأنها أن تخلق صراعا جديدا في المناطق الحدودية بين المحافظات، لكنه لم يعلن عن موقف حكومته تجاه هذه التحركات. وينص الدستور الصومالي الانتقالي على اعتماد النظام الفيدرالي في الصومال في المرحلة المقبلة، لكن القوانين واللوائح المنظمة لهذه الفيدرالية لم تتم صياغتها بعد، وهناك جدال حام بين أنصار الفيدرالية المناطقية وأنصار الفيدرالية القبلية سواء داخل الحكومة الصومالية وخارجها. وتريد الأطراف السياسية والقبائل أيضا فرض أمر واقع للتفاوض عليه عند تطبيق نظام الفيدرالية. إلى ذلك اندلعت معارك عنيفة في مدينة «طوسا مريب» عاصمة إقليم «جل جدود» بوسط الصومال، ودار القتال بين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين ومقاتلين تابعين لجماعات الطرق الصوفية المعروفة أيضا بأهل السنة والجماعة التي كانت تسيطر على المنطقة.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي حركة الشباب استولوا على المدينة بعد ساعات من المعارك العنيفة، وأسفرت هذه المعارك عن مصرع 10 أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 30 آخرين من الميليشيات المتقاتلة ومن المدنيين أيضا. وانفجر القتال بعدما شن مقاتلو حركة الشباب هجوما مفاجئا فجر أول من أمس، على مدينة طوسامريب – أحد المعاقل الرئيسية لأهل السنة. وكانت المناطق الوسطى من الصومال، وتحديدا إقليم جل جدود، قد شهد اشتباكات متكررة بين ميليشيات أهل السنة ومقاتلي حركة الشباب، وكانت ميليشيات أهل السنة تسيطر على طوسامريب منذ أن أزاحت مقاتلي الشباب عن عدة مدن وبلدات تابعة لإقليم جل جدود. وتزامنت هذه المعارك في الوقت الذي لا يزال فيه مؤتمر قادة الطرق الصوفية والجماعة يواصل أعماله في مدينة «عابد واق» القريبة من «طوسامريب». وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من الاستعراض العسكري الذي أقامته حركة الشباب لمئات من مقاتليها أنهوا تدريبات عسكرية في مقديشو، حيث أعلن الشيخ مختار روبو، القيادي البارز في حركة الشباب، إرسال مقاتلين من الحركة إلى اليمن لمؤازرة «المجاهدين» هناك. وقال الشيخ روبو في خطابه أمام مقاتلي الحركة «إن الحرب التي تدور في اليمن بداية لتغييرات شاملة في الجزيرة العربية بأكملها خلال هذا القرن. ودعا روبو المقاتلين العرب إلى التوجه إلى اليمن والانضمام إلى القتال. وقال موجها الخطاب إليهم «أدعوكم للتوجه إلى اليمن، هبوا إلى اليمن، انصروا إخوانكم المجاهدين في اليمن، إن الراية التي تخفق في اليمن الآن هي الراية التي ستتغير الجزيرة العربية كلها تحت ظلها خلال هذا القرن، نحن مددكم وأنصاركم ونحن المجاهدون الصوماليون مستعدون لعبور البحر لمؤازرتكم».

على صعيد آخر اختطف قراصنة صوماليون أمس سفينة شحن كانت ترفع علم سنغافورة لتصبح رابع سفينة يستولي عليها القراصنة في غضون 5 أيام، وقالت القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي العاملة في إطار مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال وخليج عدن في بيان لها إن سفينة شحن الكيماويات «إم في براموني» التي كانت تحمل 20 ألف طن من الكيماويات تعرضت للخطف حين كانت في طريقها إلى كاندلا في الهند، وأنها تتجه حاليا باتجاه ساحل الصومال، وعلى متن هذه السفينة 24 شخصا من طاقمها، بينهم 17 إندونيسيا و5 صينيين ونيجيري وفيتنامي واحد.

في الوقت نفسه تصاعدت هجمات القراصنة الصوماليين في الفترة الأخيرة، واستولوا خلال هذا الأسبوع فقط على 4 سفن، فقد اختطفوا أولا ناقلة بريطانية، تدعى «سانت جيمس بارك» وعلى متنها 23 بحارا، تعرضت للخطف خلال مرورها بخليج عدن، ثم قاموا في الوقت نفسه بخطف سفينة أخرى كانت تحمل علم بنما، وتعود ملكيتها لشركة يونانية، وتدعى «نافيوس أبولون»، وعلى متنها 19 بحارا، واستولى عليها القرصنة أثناء إبحارها هي الأخرى بمياه خليج عدن، كما اختطفوا سفينة يمنية تدعى «المحمود 2»، وأخيرا سفينة شحن الكيماويات «إم في براموني» السنغافورية. وحصد القراصنة الصوماليون أيضا خلال هذا الأسبوع 8 ملايين دولار مقابل الإفراج عن سفينتين كانتا محتجزتين لديهم وهما سفينة صينية تدعى «دي شين هاي» كانت تنقل نحو 76 ألف طن من الفحم وعلى متنها 25 بحارا، والثانية هي سفينة حاويات سنغافورية تدعى «كوتا واجار».