إيران تمهل الدول الكبرى شهرا للموافقة على شروطها لمبادلة الوقود النووي باليورانيوم

نجل منتظري يدعو أحمدي نجاد إلى الاستقالة ويحذر من «عواقب كارثية» في حال قتل موسوي أو اعتقاله

TT

في خطوة متشددة، أمهلت إيران أمس الدول الكبرى الست المتابعة لملفها النووي، شهرا للموافقة على شروطها لمبادلة الوقود النووي الذي تحتاجه لمفاعل البحث الطبي في طهران باليورانيوم الذي تمتلكه، ملوحة بأنها ستقوم بإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب بنفسها، إذا لم تقبل هذه الدول، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، بالشروط الإيرانية حتى نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي.

وقال وزير الخارجية منوشهر متقي في تصريح نقله التلفزيون إن «أمام الأسرة الدولية شهرا فقط.. حتى نهاية يناير الحالي لاتخاذ قرارها» بشأن شروط طهران، وقال إن «على الدول الغربية الاختيار بين مقترح الشراء (من الخارج) أو مقترح المبادلة.. وإلا فسوف تقوم طهران بنفسها بتخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى». وأضاف: «هذا تحذير.. وهو الإنذار الأخير».

وينص المقترح الإيراني حسب متقي على أن طهران ستكون مستعدة لخيارات ثلاثة، هي: «شراء اليورانيوم» المعالج بنسبة 20% من الخارج بالكامل لمفاعل البحث في طهران، «أو إنتاجه بنفسها» من خلال معالجة اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.5% الذي تمتلكه، إلى النسبة المطلوبة وهي 20%، أو «مبادلته على مراحل داخل أراضيها كسبيل لضمان العملية». وهو أن تقوم إيران بتقديم نحو 70% من إنتاجها من اليورانيوم إلى طرف ثان على أن تتسلم ما يقابله من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية بشرط أن تتم هذه الخطوة داخل أراضيها، وهو ما ترفضه القوى العالمية والوكالة الدولية للطاقة الدولية.

ويوم الثلاثاء الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمنبارست إن إيران على استعداد «لتبادل الوقود على مراحل. وهذا العرض يمكن أن يكون فرصة للجانبين» لإحلال الثقة. وأضاف: «إذا قبل الطرف الآخر (مجموعة الدول الست) هذا المبدأ فسيكون بالإمكان مناقشة تفاصيل أخرى، لا سيما مكان هذا التبادل» وقال: «لقد طرح البعض اليابان، والبرازيل، وتركيا، أو حتى جزيرة كيش (جنوب إيران). وكل ذلك يمكن أن يناقش». ورفضت إيران بدورها في السابق مشروع اتفاق قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقضي بتسليم إيران القسم الأكبر من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب ليتم رفعه إلى نسبة 20% في روسيا ثم تحويله إلى وقود في فرنسا. ويشكل تخصيب اليورانيوم الذي تقول إيران إنها بحاجة إليه لإمداد مفاعل البحث الطبي في طهران، محور اختبار قوة بينها وبين الدول الكبرى التي تخشى أن تنتج الجمهورية الإسلامية اليورانيوم المخصب لأهداف عسكرية. وانتهت المهلة التي قدمتها الدول الست إلى إيران لقبول عرضها بنهاية العام الماضي، وينتظر أن يجتمع ممثلو هذه الدول في 20 يناير الحالي لبحث تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران. ونددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية برفض إيران عرضها، فيما لوحت الأسرة الدولية بتشديد العقوبات المفروضة على طهران. وأصدر مجلس الأمن الدولي خمسة قرارات بحق إيران نصت ثلاثة منها على عقوبات، بسبب رفضها تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم.

واعتبرت وزارة الخارجية الألمانية في أول رد فعل على تصريحات متقي، أن مهلة الشهر التي حددتها إيران للقوى الكبيرة للموافقة على تبادل لليورانيوم، لن تغير شيئا في الوضع القائم. وقال متحدث في الوزارة لوكالة الصحافة الفرنسية: «بالنسبة لبرلين، الوضع لم يتغير. إن اقتراح المجتمع الدولي (اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية) يبقى قائما وعلى إيران أن تستفيد من هذه الفرصة».

إلى ذلك، قال نجل رجل الدين الراحل آية الله العظمى حسين علي منتظري في تصريحات نشرت أمس، إن على القيادة السياسية في إيران محاولة التوصل إلى حل وسط مع رموز المعارضة من أجل تفادي ازدياد الاضطراب السياسي في البلاد. وقال منتظري في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية إنه يأمل في أن يعود قادة إيران إلى رشدهم، ودعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى الاستقالة.

ونقلت المجلة عن منتظري عبر حوار تم بالهاتف الجوال من منزله في قم: «الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا الحال لوقت طويل». وقال: «أعتقد أن البنية المستقبلية لمجتمعنا ليست على درجة كبيرة من الأهمية. من الممكن أن تكون جمهورية إسلامية، ومن الممكن أن تكون جمهورية علمانية، أو فيما يخصني أن تكون حتى مملكة. والأمر الرئيسي هو أن يستطيع الشعب العيش في حرية ورخاء».

واندلعت الاحتجاجات المناوئة للحكومة بشكل متكرر منذ الانتخابات المتنازع على نتيجتها التي أجريت في يونيو (حزيران)، مما دفع إيران إلى أعقد أزماتها الداخلية في تاريخ الجمهورية الإسلامية الممتد منذ 30 عاما. ووقعت الأسبوع الماضي مواجهات دامية وحملات اعتقالات، كما جرت مطالبات من جانب المتشددين بقمع أشد لمعارضي الحكومة. وسئل منتظري عما إذا كان يتوقع أن يتحول الموقف إلى حمام دم فقال: «آمل ألا يصل الأمر إلى هذه النقطة. لا أزال آمل أن يعود الحكام إلى رشدهم وأن يصلوا إلى حلول وسط وأن يتخذوا مسار المصالحة الوطنية. وإذا لم يفعلوا فسوف تصبح بلادي في حال أسوأ بكثير خلال سنة عما هي عليه الآن».

كما أصر منتظري على ضرورة استقالة أحمدي نجاد. وقال: «يجب على الأشخاص المسؤولين أن يعتذروا عن أخطائهم والقمع الذي جرى في الأشهر الأخيرة. سيكون ذلك شرطا لاستمرار الجمهورية الإسلامية. وبعد استقالة محمود أحمدي نجاد يجب أن يسلم المكتب الرئاسي إلى المرشح الفائز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات. السيد مير حسين موسوي». ويزعم موسوي زعيم المعارضة الإيرانية أن الانتخابات الرئاسية التي أجريت في يونيو (حزيران) وخسرها أمام أحمدي نجاد قد زورت، وهو ما تنفيه الحكومة. وحذر منتظري الابن، من «عواقب كارثية» على بلاده في حال اعتقال موسوي أو اختفائه.

وقال سعيد منتظري إن مقتل ابن شقيقة موسوي بالرصاص خلال مظاهرة معارضة للحكومة في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي كان عملا متعمدا من السلطات الإيرانية و«بمثابة تحذير أخير» موجه إلى موسوي. وتابع: «لا أدري إن كان سيقتل بدوره ذات يوم، أو إن النظام سيوقفه»، محذرا من أنه «سيكون لذلك عواقب كارثية».

وقال موسوي أول من أمس إنه مستعد للموت فداء لحملته الإصلاحية متحديا النداءات المتشددة المطالبة بالقبض عليه وإعدامه، وطالب بالإفراج عن المسجونين السياسيين واحترام حرية الصحافة وتغيير قانون الانتخابات. وحث محسن رضائي المرشح الرئاسي المحافظ في انتخابات يونيو الماضي قادة إيران أول من أمس الجمعة على اعتبار مطالب موسوي مطالب «بناءة» من شأنها أن تقلل التوتر، وذلك حسب ما نقلته وكالة العمال الإيرانية شبه الرسمية للأنباء. ورضائي هو أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام وهو هيئة التحكيم القوية التي يرأسها الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني.

وقالت مواقع إصلاحية على الإنترنت إن قوات الأمن الإيرانية تصادمت مع أنصار رجل الدين آية الله العظمى منتظري بعد وفاته في ديسمبر عن عمر 87 عاما. وكان منتظري من أشد المنتقدين للنظام الديني المتشدد الذي شارك في تأسيسه، ومؤيد بشدة للمعارضة. وكان الخليفة المعين لمؤسس الثورة الإسلامية آية الله روح الله الخميني في عام 1979، غير أن تنديده المتكرر بتجاوزات النظام أدت إلى إقصائه عام 1989 ووضعه في ما يشبه الإقامة الجبرية في قم وقد تحول إلى أحد أبرز وجوه المعارضة الإصلاحية داخل النظام. من جهة ثانية، وصف رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أمس الاضطرابات الأخيرة التي وقعت في إيران بـ«السير في حقل ألغام». ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) عن لاريجاني قوله خلال زيارة لمدينة قوجان شمال شرقي إيران: «في البرلمان نعتبر مثل تلك الخطوات (الاضطرابات) كالسير في حقل ألغام سيتسبب فقط في تعميق الصدوع والإضرار بهيبة البلاد».

ووصف إيران بأنها دولة ديمقراطية بها حق حرية التعبير، ولكنه أشار إلى أنه لا يجب استخدام مثل تلك الحريات لتقويض المؤسسة الإسلامية ودور القيادة الإسلامية. وتواجه جماعات المعارضة، على رأسها حركة الخضر بقيادة مير حسين موسوي، اتهامات ليس فقط باستهداف الرئيس محمود أحمدي نجاد ولكن أيضا باستهداف نظام ولاية الفقيه.

وقال لاريجاني الذي يعتبر نفسه من منتقدي أحمدي نجاد ولكنه موالٍ لنظام الملالي: «لقد قادت القيادة الإسلامية البلاد إلى الاستقرار لثلاثة عقود، ولذلك فإننا في البرلمان سنقف بجانب هذا الحكم حتى آخر أنفاسنا».