اللجنة المالية في البرلمان: سكتنا عن أرقام في موازنة 2010 تفاديا للخلافات

برلماني لـ «الشرق الأوسط»: توجه لتأخير إقرار الموازنة خشية استفادة الحكومة منها انتخابيا

TT

كشفت عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي شذى الموسوي عن خروقات وعمليات فساد ضخمة جدا جرت في موازنات الأعوام الأربعة الماضية التي لم ترد إلى البرلمان حساباتها الختامية حتى هذه اللحظة، فيما توقع باسم شريف، النائب عن حزب الفضيلة، بأن يخضع إقرار موازنة عام 2010 في البرلمان إلى «مزايدات انتخابية» خلال جلسة البرلمان اليوم.

واستبعدت شذى، النائبة عن الائتلاف العراقي الموحد، إمكانية تأجيل التصويت على الموازنة المالية لعام 2010 لما بعد الانتخابات، وفقا لطلب بعض النواب، وقالت إن هذا الأمر مخالف للدستور الذي نص على أن الفصل التشريعي لا ينتهي إلا بعد إقرار الموازنة.

وتوقعت شذى أن تشهد جلسات البرلمان القادمة خلافات وجدلا حول موازنة 2010، وأشارت في هذا الصدد إلى رفض لجنة المحافظات لتخصيصات المحافظات، قائلة إن هذا الرفض جاء متأخرا وكان يجب تقديمه قبل ستة أشهر على الأقل، وأضافت «ستحدث مشكلات كافية لإعاقة التصويت عليها (أي الموازنة)، لكن كلجنة مالية وضعنا مقترحات على هذه المشكلات وتركنا الأمر لتصويت البرلمان».

وعن هذه المقترحات التي ستقدمها اللجنة المالية، قالت شذى لـ«الشرق الأوسط» «لقد اقترحنا إلغاء مواد معينة وإضافة أخرى، فقد وجدنا أن الحكومة لم تكن موفقة في وضع مواد الموازنة وهناك مشاريع توضع كل عام لكنها لم تنفذ، أي إنها مشاريع محض خيال فقط»، وأوضحت أن الحكومة عاجزة عن تنفيذ فقرات معينة في الموازنة «مثل فقرة المحافظات والوزارات التي تعجز عن تنفيذ موازنتها فيتم تخفيض موازنتها في العام المقبل، لكن هذه فقرة لم تطبق خلال السنوات الأربع الماضية، ولهذا ألغيناها تماما، ولذلك لجأت الحكومة إلى تدوير هذه المبالغ، وهذا من أكبر أبواب الفساد لأن الوزارات لن تنفذ ما تكلف به لكونها مطمئنة بأن الأموال باقية بين يديها».

وأقرت شذى بأن «اللجنة المالية سكتت عن مناقشة الكثير من الأرقام التي لا تقتنع بها، وذلك لأننا لا نريد خلق مشكلات تتحول لمشكلات سياسية وتعطل إقرار الموازنة، ونريد تمشية هذه الموازنة في السنة الأخيرة ونعتقد أن البرلمان القادم سيحاسب الحكومة على كل ما اقترفته من مخالفات وسيظهر حجم المبالغ والأموال المسروقة التي تم تبديدها بشكل غير قانوني، ونتمنى أن يتمكن البرلمان القادم من محاسبة الحكومة على مخالفاتها». وأكدت شذى أن «البرلمان العراقي لم يطلع نهائيا على حسابات ختامية لأي موازنة منذ عام 2005 وحتى الآن. وعلى الرغم من أننا استلمنا حسابات 2005، فإنها تحوي خللا كبيرا، وقد رفض ديوان الرقابة المالية هذه الحسابات وطلب من الحكومة ومجلس الوزراء أن يقوما بإجراء معين، حيث إن هناك مبالغ كبيرة وعلامات استفهام كثيرة فيها، لكن الأخير لم ينفذ هذا الطلب ولذلك فإن مجلس النواب لم يصادق عليها والحكومة بدورها لم تتخذ أي إجراء». وأشارت شذى إلى أن حسابات عام 2006 وما بعدها لم ترسل إلى البرلمان حتى الآن.

وعن حجم الموازنات للأعوام الماضية، قالت إن «مجملها يتجاوز الـ300 مليار دولار يضاف لها المساعدات والمنح الخارجية التي تجاوزت 100 مليار، ومع ذلك لم يشهد الشعب العراقي أي تحسن في أوضاعه الحالية».

وبينت أن «البرلمان الحالي غير ملزم بإعداد تقرير للبرلمان القادم يتضمن هذه الخروقات التي تتعلق بالموازنات، لكنني بجهد شخصي أعددت تقريرا، سواء برلماني أو حكومي، حول هذا الأمر وأدرجت جميع الخروقات وعرضته على قادة الكتل السياسية، وطلبت منهم فقط قراءة التقرير، لكن قيادة أي كتلة لم تسمح لي بتقديم هذا التقرير، وبسبب هذا الأمر رفضت الترشح للبرلمان القادم».

جدير بالذكر أن قيمة الموازنة المالية لعام 2010 ستكون 84 تريليون دينار.

وبحسب رئيسة اللجنة المالية، آلاء السعدون، فإن «زيادة 20% على موازنة 2010 ستنفق في مجال الاستثمار وسيخفض تخصيص تنمية مجالس المحافظات من 4 تريليونات دينار إلى 2.7 تريليون، وسيعوض ذلك من الوزارات الخدمية، وهناك اعتراضات من مجالس المحافظات بهذا الخصوص لأن المواطنين في المحافظات يطالبون مجالس المحافظات بتقديم الخدمات لهم».

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت الموازنة الاتحادية لعام 2010 البالغة 83 تريليون دينار عراقي، وتتضمن الموازنة التكميلية لعام 2009 والبالغة 5 تريليونات و300 مليار التي اعتمدت على أساس أن سعر البرميل الواحد من النفط 60 دولارا، وتم إرسالها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها.

والموازنة التشغيلية ضمن مشروع موازنة العام المقبل تبلغ 55 تريليون دينار، وتشكل 70% من إجمالي الموازنة. وتضمنت الموازنة المالية المقدمة تخصيص قرابة 14 مليار دولار لوزارتي الدفاع والداخلية مقابل تخصيص قرابة 300 مليون دولار للقطاع الزراعي.

إلى ذلك، توقع النائب باسم شريف أن يخضع إقرار موازنة عام 2010 إلى «مزايدات انتخابية» خلال جلسة البرلمان اليوم.

وقال شريف لـ «الشرق الأوسط» إنه «من المتوقع أن تخضع الموازنة لبعض المزايدات الانتخابية من خلال الضغط من أجل إمرار قانون السلوك الانتخابي، كما حصل عندما مرر قانون العفو العام مقابل إقرار موازنة عام 2008».

وأوضح أن «بعض الكتل ستلجأ إلى تأخير إقرار الموازنة خشية استخدام أموالها في الانتخابات المقبلة وبالتالي سيتم طرح قانون السلوك الانتخابي مقابل إقرار الموازنة، وهو أمر يراد منه وضع مزيد من الضوابط المشددة تحول دون استفادة الحكومة من أموال الموازنة في الدعاية الانتخابية»، لكنه حذر من أن «تأخير إقرار الموازنة من شأنه أن يحدث ضررا على تنفيذ المشاريع في المحافظات تحديدا سيما أن عام 2009 شهد انتكاسة في تنفيذ المشاريع بسبب قلة التخصيصات المالية للمحافظات». ومن جانبه، قال سامي الأتروشي، النائب عن التحالف الكردستاني، وعضو اللجنة المالية في البرلمان، إن «هناك خلافات حول إقرار الموازنة، على الرغم من الانتهاء من جميع المواد الفنية فيها من قبل اللجنتين المالية والاقتصادية في البرلمان، حيث تم فرض بعض الضوابط سيما فيما يتعلق بمخصصات المنافع الاجتماعية أو التخصيصات الأمنية فضلا عن استحداث 115 ألف وظيفة جديدة التي لن يتم صرفها إلا بعد تشكيل الحكومة الجديدة لكي لا يتم الاستفادة منها في الدعاية الانتخابية».