اليمن: السفارتان الأميركية والبريطانية تغلقان أبوابهما تحسبا لهجمات لـ«القاعدة»

القربي: لا اتفاق مع واشنطن على استخدام الأراضي اليمنية في قصف صاروخي أو مرور طائرات

جندي يمني يقف حراسة في صنعاء (أ. ف. ب)
TT

أعلنت السفارتان الأميركية والبريطانية في اليمن، أمس، إغلاق أبوابهما أمام المتعاملين وصرفتا الموظفين وذلك في أعقاب تهديدات أمنية، وكانت البداية بإعلان سفارة الولايات المتحدة الأميركية إغلاق أبوابها، معللة ذلك بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يستهدف المصالح الأميركية في اليمن.

وقالت السفارة في بيان لها على موقعها على شبكة الإنترنت إنها وجهت الخميس الماضي، تحذيرا جديدا للرعايا الأميركيين في اليمن وذلك لـ«تذكيرهم بخطر الأعمال الإرهابية المستمرة ضد الرعايا والمصالح الأميركية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف البيان: «وعليه تذكر سفارة الولايات المتحدة الرعايا الأميركيين بتوخي درجة عالية من الحيطة والحذر وأن يبقوا على إلمام كبير بالظروف الأمنية»، وبعد ساعات قليلة على بيان السفارة الأميركية، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية إغلاق سفارتها في صنعاء وذلك لـ «أسباب أمنية»، وهذه ليست المرة الأولى التي تغلق فيها السفارتان أبوابهما خشية أعمال إرهابية وتهديدات تنظيم القاعدة.

وفي مدريد قالت الحكومة الإسبانية أمس إن السفارة الإسبانية في اليمن تفرض قيودا على الدخول إليها ولكنها ما زالت مفتوحة. ويأتي ذلك بعدما أغلقت الولايات المتحدة وبريطانيا بعثتيهما الدبلوماسيتين لأسباب أمنية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسبانية إن سفارة إسبانيا في اليمن ما زالت مفتوحة وتعمل كالمعتاد ولكنها قيدت الدخول إليها لأسباب أمنية. وقالت صحيفة «الموندو» إن السفارة ستغلق بالنسبة إلى الجمهور اليوم.

وجاء إغلاق سفارتي واشنطن ولندن بصنعاء، بعد يوم واحد على المحادثات التي أجراها الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة الأميركية الوسطى، مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وكبار مساعديه العسكريين والأمنيين، والتي تعلقت بتطورات الحرب على الإرهاب والتنسيق المشترك في توجيه ضربات جديدة إلى عناصر تنظيم القاعدة الذين ينتشرون في المناطق الشرقية، بحسب المعلومات الحكومية، وانعقدت تلك المباحثات في ظل أنباء تسربت من واشنطن حول الإعداد لتوجيه ضربة عسكرية جديدة لـ«القاعدة».

السلطات اليمنية والتي لم تعلق رسميا، حتى اللحظة، على إعلان مكتب رئيس الوزراء البريطاني حول تشكيل وحدة شرطة خاصة بمكافحة الإرهاب، أعلنت اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في المحافظات الشرقية كمحافظات الجوف، مأرب وشبوة، وتشمل تلك الإجراءات نشر المزيد من قوات الأمن وتكثيف عملية الملاحقة لتلك العناصر، إضافة إلى تنشيط العمل الاستخباراتي في تلك المناطق.

ومنذ ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001م، والتحاق اليمن بركب التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ساعدت الدول الكبرى الحكومة اليمنية في تشكيل قوات يمنية حديثة لمكافحة الإرهاب، حيث أنشأت القوات الخاصة في الحرس الجمهوري، إضافة إلى وحدات خاصة بمكافحة الإرهاب في قوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية، وكذا قسم مكافحة الإرهاب في المباحث الجنائية وشرطة خفر السواحل.

ويأتي إغلاق سفارتين أجنبيتين في صنعاء، في خضم الأحداث والتطورات المتعلقة بمحاربة الإرهاب وتصريحات مسؤولين أميركيين حول معلومات استخبارية تفيد بأن تنظيم القاعدة يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية في العاصمة صنعاء، وربما هذا يفسر العمليات التي نفذتها أجهزة الأمن اليمنية بتنسيق استخباراتي مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول، وذلك بمهاجمة ما تقول السلطات إنها أوكار ومعسكرات تدريب لـ«القاعدة».

ورغم أن السلطات اليمنية تقر بوجود تنظيم القاعدة في البلاد وتعاظم دوره وأنشطته، خاصة خلال العام الماضي، فإن علي محمد الآنسي، رئيس جهاز الأمن القومي اليمني (المخابرات) نفى أن يكون اليمن «وكما يروج له البعض ملاذا آمنا لـ(القاعدة)»، معتبرا «هذه التوصيفات نوعا من المبالغة المبنية على مناكفات سياسية«.

وكشف الآنسي في برنامج تلفزيوني على فضائية اليمن، فشل 60% من إجمالي العمليات الإرهابية التي نفذت في اليمن منذ عام 1992، وعددها 61 عملية، ولمح المسؤول اليمني، إلى أن اليمن مستهدف من خلال المبالغة في الحديث عن «القاعدة» في اليمن وقال إن «هذا الأمر يذكر باستهداف اليمن عقب أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، حيث كانت اليمن ضمن الدول المستهدفة، باكستان وأفغانستان»، وأضاف «غير أن الرئيس علي عبد الله صالح بادر بزيارة واشنطن وأوروبا ونقل اليمن من مركز الاستهداف إلى وضع الشراكة»، مؤكدا أن «مساعدة اليمن لمكافحة ظاهرة الإرهاب تتطلب معالجة أسبابه وليس النظر من زاوية ضيقة». وكان ستة من انتحاريي تنظيم القاعدة هاجموا بأسلحتهم وسيارات مفخخة السفارة الأميركية بصنعاء في 17 سبتمبر (أيلول) عام 2008م، رغم الحراسة الأمنية المشددة، وذلك عندما وصلوا فوق سيارات مطلية بنفس الألوان التي تطلى بها السيارات العسكرية اليمنية، هذا عوضا عن ارتدائهم أزياء عسكرية، ورغم أن ذلك الهجوم فشل في تحقيق هدفه باقتحام السفارة ونسفها، فإنه أوقع 16 قتيلا، من حراس السفارة والمعاملين، إضافة إلى المهاجمين الستة، ومنذ ذلك الحين ضاعفت أجهزة الأمن اليمنية من إجراءاتها المشددة حول السفارة إلى درجة أدت إلى قطع نصف الشارع الذي تقع فيه السفارة بحي الشيراتون بشرقي العاصمة صنعاء.

ونفى وزير الخارجية اليمني، الدكتور أبو بكر القربي ما تحدثت عنه بعض التقارير الصحافية حول اتفاق صنعاء وواشنطن على تنسيق أمني ‏للحرب على «القاعدة» يتيح للولايات المتحدة استخدام الأراضي اليمنية من خلال قصف صاروخي أو مرور طائراتها المقاتلة لضرب ‏أوكار «القاعدة» في اليمن، وأكد أنه لا توجد أية اتفاقيات بين اليمن ‏والولايات المتحدة من هذا النوع وعدم وجود ‏مشاريع مطروحة للتوقيع بين البلدين.‏ وقال القربي في حوار مع صحيفة «السياسية» اليومية الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» إن اليمن ‏بصدد رفع قدرات قوات مكافحة الإرهاب لتتمكن من صد أي ‏اعتداءات على مصالحها والمصالح الغربية من قبل ‏عناصر تنظيم القاعدة، وأنها بحاجة إلى دعم دولي من ‏أجل رفع قدراتها في مجالي التدريب ووسائل الاتصال ‏والنقل برا وبحرا، وجدد التأكيد على أن الحكومة اليمنية ماضية في ‏ملاحقة عناصر «القاعدة»، مشيرا إلى أن كشف السلطات اليمنية عن إقامة المتّهم النيجيري عمر ‏الفاروق عبد المطلب في اليمن لأشهر قبل تنفيذه عملية ‏تفجير الطائرة الأميركية، «يكشف حقيقة أن تنظيم القاعدة ‏في اليمن، ليس إلاّ جزءا من تنظيم دولي كبير، ما يؤكد ‏الحاجة إلى تعزيز تنسيق الجهود بين دول المنطقة والعالم ‏من أجل مواجهة خطر الإرهاب».‏ وذكر الوزير اليمني أن الضربات الأخيرة التي وجهت للتنظيم، جاءت ‏بعد «جهود استخبارية رصدت تحركات عناصر (القاعدة) ‏منذ فترة طويلة»، وأن «الجهود المخابراتية وفرت الكثير من ‏المعلومات لأجهزة الأمن، وكشفت عن مخططات خطيرة ‏لعناصر (القاعدة) تستهدف المصالح اليمنية والأجنبية ‏والمرافق الاقتصادية واغتيال مسؤولين أمنيين وعسكريين».‏