«القاعدة في جزيرة العرب».. حضور بارز في الإنترنت عبر المواقع الأصولية والمنتديات المتعاطفة

TT

بمجرد أن اعترف الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب المتهم بمحاولة نسف طائرة دلتا للمحققين الأميركيين الأسبوع الماضي, بأن نشطاء بتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» قاموا بتدريبه وجهزوه بالأسلحة والمتفجرات وأخبروه عن مهمته, انفتحت طاقة من المعلومات عن التنظيم الإرهابي الذي روع الآمنين في اليمن والسعودية. وحذر عبد المطلب من أن هناك آخرين مثله قد يشنون هجمات في القريب العاجل.

وتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» هو الاسم الذي أطلقته «القاعدة» على فرعها في السعودية واليمن، ولقد شغل هذا التنظيم حيزا كبيرا في الدراسات المتعلقة بالإرهاب. ليس فقط لنوعية العمليات التي نفذها على الرغم من حداثة تأسيسه نسبيا، وإنما لخصوصيات عدة استأثر بها هذا التنظيم دون غيره من التنظيمات الفرعية سواء التي انبثقت عن «القاعدة» الآن أو تلك التي سبقتها في النشأة والممارسة. ومن أهم الخصوصيات التي ينفرد بها تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» أنه التنظيم الفرعي الأول الذي تفرع عن «القاعدة»، وأنه نشأ بأمر مباشر من قائدها بن لادن، وكانت ولادته على أيدي محاربين سابقين من الأفغان العرب. كما انفرد التنظيم بماكينة إعلامية مكنته من الانتشار في بيئة كانت جاهزة لإفراز متعاطفين ومن ثم أعضاء فاعلين معه. إلى أن قصر دوره في نشاط التنظيم نسبيا، حيث إن عمر عملياته لم يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، يعد خصيصة أخرى انفرد بها التنظيم. وتلقى التنظيم لطمة قوية بعد مقتل زعيم التنظيم اليمني الجنسية خالد الحاج، والذي كان يعمل كحارس خاص لأسامة بن لادن على أيدي قوات الأمن السعودية.

ولكن التنظيم استرد عافيته سريعا بعد أن تولى السعودي عبد العزيز المقرن ذو الخبرة العسكرية الزعامة، فشن سلسلة من الهجمات داخل البلاد. ومما لاشك فيه أن الإنترنت أداة طبيعة لبثّ الأفكار وتجنيد العناصر، وهذه المرونة كانت مغرية جدا لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب». ولذلك فقد سخر كل طاقته لكي يكون له حضور بارز في مواقع الإنترنت عبر المواقع المستقلة أو المنتديات المتعاطفة لاحقا عبر تأسيس مطبوعتين هامتين جدا، سواء على صعيد التجنيد واستقطاب الآخرين أم على صعيد التدريب على شن العمليات الجهادية، وهما «صوت الجهاد» ذات الطابع الفكري «والبتار» ذات الطابع العسكري. في غضون ذلك استطاع المسلحون السنّة في اليمن، مسقط رأس أسامة بن لادن زعيم «القاعدة»، استغلال ضعف الحكومة المركزية اليمنية التي لا تمتد سلطتها خارج العاصمة صنعاء، وشكلوا معاقل لهم في المناطق القبلية التي تتمتع بالحكم الذاتي. وعلى الرغم من أن خلايا «القاعدة» كانت مسؤولة عن عدد من الهجمات في اليمن منذ أن استهداف المدمرة الأميركية «كول» في عام 2000، وهو الحادث الذي أسفر عن مقتل سبعة عشر بحارا أميركيا، فإن الأمر استغرق نصف عقد لتشكيل مجموعة تابعة ومنتمية إلى التنظيم. ومع انتهاء تلك الفترة التي شهدت مقتل أحد قادة التنظيم في غارة أميركية أثارت جدلا ظهر التنظيم ضعيفا بصورة ملحوظة.

ومن أهم قيادات التنظيم الإرهابي يوسف العييري مؤسس التنظيم، وكان المسؤول الإعلامي الأول عن خدمات الإنترنت لتنظيم القاعدة الأم. وقد لعب العييري دورا مهما على المستوى التنظيمي في التأسيس, ومثّل الحلقة الأهم والوسيط المحلي الفاعل بين بن لادن وبين خلايا الأفغان العرب منذ عام1999، وأيضا على المستوى الفكري والعلمي، وقتل العييري في مواجهة أمنية في الأول من يونيو (حزيران) عام 2003 في منطقه حائل. ومن قياداته أيضا خالد الحاج.. يمني الجنسية عمل إلى جوار بن لادن في أفغانستان, وقتل في مواجهة أمنية بالرياض في 15 مارس (آذار) عام 2004، وكذلك هناك عبد العزيز المقرن، شارك في عدة جبهات قتال في الخارج، حيث تلقى تدريبات في أفغانستان قبل أن ينتقل إلى الجزائر في منتصف التسعينات، كما شارك في القتال في البوسنة والصومال في إقليم أوغادين ضد القوات الإثيوبية. وتم القبض عليه ثم سلم إلى السعودية, ثم تولى قيادة التنظيم خلفا لخالد الحاج الذي قتل أيضا. وقد قتل المقرن عام 2004 بعد مواجهة مسلحة مع قوات الأمن السعودي.

والتعاون بين السعودية واليمن لمواجهة «القاعدة» أتى بثمار بعد أن فر ثلاثة وعشرون سجينا من عناصر «القاعدة»، من أحد السجون بصنعاء، من بينهم جمال بدوي، العقل المدبر للهجوم على المدمرة الأميركية «كول». وقد تم اعتقال وقتل معظم السجناء الفارين، لكن استعصى على قوات الأمن الإمساك باثنين من السجناء الأقل شهرة، وهما عبد الكريم الوحيشي الذي كان مساعدا شخصيا لابن لادن في أفغانستان، والآخر هو قاسم الريمي.