كلينتون تشرف على جمع تبرعات لإنقاذ مشاركة بلدها في معرض شنغهاي

تقترب من هدف 61 مليون دولار رغم القيود والمناخ الاقتصادي الكئيب

TT

قبل أسبوع من توليها منصب وزيرة الخارجية الأميركية، كانت هيلاري رودهام كلينتون منشغلة بحفل خيري يهدف لجمع التبرعات أقامته فرقة «بون جوفي» في نيويورك في إطار محاولة حثيثة لسداد الديون المتبقية على حملتها الانتخابية. وبمجرد وصولها إلى الوزارة، اكتشفت كلينتون أنها في حاجة لبدء حملة جديدة لجمع التبرعات. في هذه المرة لم تكن تحتاج المال من أجل حملة انتخابية خاصة بها، بل كان المستفيد من هذه التبرعات هي الولايات المتحدة نفسها التي تحتاج إلى 61 مليون دولار لتمويل إنشاء جناح لها في معرض عالمي يقام بمدينة شنغهاي الصينية. وبموجب القانون الفيدرالي، لا يمكن استخدام الأموال العامة في هذا المشروع. كما لم تعد كلينتون، بحكم منصبها، قادرة على جمع تبرعات مالية خاصة لنفسها.

وعليه، فقد اتجهت كلينتون إلى شبكة المتبرعين، وبعد مناقشة الأمر مع محامي وزارة الخارجية لمعرفة ما يمكن أن تقوم به قانونيا من أجل دعم المشروع، دشنت حملة طموحة لجمع التبرعات بلغ صافي ما تمكنت من تجميعه 54 مليون دولار خلال تسعة أشهر فقط. وبتعهدات تبلغ عدة ملايين من الدولارات من «بيبسيكو» و«جنرال إلكتريك» و«شفرون» وغيرها من المؤسسات الأميركية، تمضي الولايات المتحدة في طريقها لافتتاح جناح أنيق على مساحة 60 ألف قدم مربع داخل معرض شنغهاي «إكسبو» 2010، الذي يبدأ في مايو (أيار) المقبل ويستمر حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول). ويقول مسؤولون إن فكرة قيام أكبر مسؤولة دبلوماسية داخل البلاد بطلب التبرعات كانت مبعث قلق للمحامين الحكوميين. وفي إشارة إلى وزير الخارجية الأول، قال أحد المحاميين: «هل كان توماس جيفرسون سيقوم بذلك؟». ووضع المحامون قيودا صارمة على طبيعة المكالمات وغيرها من الاتصالات التي قد تجريها، وسمحوا لها بالترويج للجناح ولكنهم حظروا عليها طلب تبرعات وجها لوجه. وعلى الرغم من هذه القيود والأوضاع الاقتصادية الكئيبة، فإن كلينتون تقترب من الوصول إلى هدفها بجمع 61 مليون دولار. وتشعر كلينتون بالفخر للجهد الذي تقوم به، الذي فوت ما كان يحتمل أن يصبح قطيعة في العلاقات الأميركية - الصينية. وفي عام سعت في أغلبه للبرهنة على ولائها لفريق الرئيس باراك أوباما، جاءت الحملة لتظهر جاذبتيها السياسية الدائمة. وقالت كلينتون في مقابلة أجريت معها: «كانت فكرة جمع أكثر من 50 مليون دولار مثبطة للهمة بالنسبة لكثيرين. ولكن ربما بسبب مشاركتي في جمع كثير من التبرعات في السابق، لم أشعر بالرهبة. كنت أعلم أن ذلك سيكون صعبا على ضوء الظروف».

وبكل المقاييس، كان السعي من أجل بناء جناح على وشك الفشل في نهاية إدارة الرئيس السابق جورج بوش، فلم يكن لدى مجموعة «يو إس إيه بافيليون» غير الربحية المسؤولة عن المشروع سوى مقدار قليل من الدعم والتمويل بسبب الوضع الاقتصادي العالمي الذي كان مشرفا على الانهيار وقرب المعرض من أولمبياد بكين في 2008 والتناقضات العامة التي كانت تعاني منها وزارة الخارجية. وقال نيك ويندسلو، وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركة «وارنر براذرز» ورئيس مجموعة «يو إس إيه بافيليون»: «هناك شعور داخل الولايات المتحدة بأن الأميركيين تحرروا من سحر» المعارض الدولية. ومع انقضاء المواعيد النهائية، عرض الصينيون على الأميركيين مالا لإجراء العمل الفني الخاص بالجناح. وأثاروا هذه القضية مع الرئيس السابق جيمي كارتر عندما قام بزيارة الصين في يناير (كانون الثاني) الماضي. وظهرت كلينتون، التي قامت بأول زيارة لها كوزيرة للخارجية إلى بكين في فبراير (شباط) الماضي، وكانت متحمسة للحديث عن التجارة والتغير المناخي والتهديد النووي الكوري الشمالي. وبدلا من ذلك، سمعت كلاما شديدا حول عدم مشاركة الولايات المتحدة في معرض شنغهاي وأن ذلك سيكون أمرا سيئا. وبالنسبة للصينيين، فإن المعرض بمثابة دعامة للأولمبياد، حيث تنفق شنغهاي 46 مليار دولار على تغيير المدينة، وهو أكثر مما أنفقته بكين من أجل الأولمبياد. وقد وقعت قرابة 200 دولة للمشاركة. وكانت هناك دولتان يحتمل عدم مشاركتهما هما الولايات المتحدة ودولة صغيرة هي أندورا. وقالت كلينتون: «صعقت لأنه لم يكن هناك اهتمام كبير بذلك، فالجميع يعلمون أن الصين ستكون لاعبا قويا إلى حد كبير في القرن الحادي والعشرين. وسيقيمون معرضا، وهو مناخ ستستخدمه الدول لتؤكد على أنها قد وصلت. ولكن لن نكون هناك؟ ماذا سيكون معنى ذلك؟». وأضافت أنها لم تكن تميل إلى جمع مزيد من الأموال. ومع ذلك وعدت المسؤولين الصينيين بأنها ستحاول جمع التبرعات. كان هناك دعم ضعيف داخل وزارة الخارجية، ولذا اتجهت كلينتون إلى اثنين من المتبرعين الكبار لهما صلات قديمة مع عائلة كلينتون هما إليزابيث باغلي وجوز فيلاريل. وكانت باغلي، وهي متزوجة من سميث باغلي وريث ثروة آر جاي رينولدز، سفيرة لدى البرتغال إبان إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون. وعينتها كلينتون لتكون مندوبة خاصة للإدارة ومسؤولة عن الشراكات العالمية، وهي وظيفة تتضمن السعي للحصول على دعم من القطاع الخاص لمشروعات عامة. وشارك فيلاريل، وهو محام من مدينة سان أنطونيو له علاقاته الواسعة، في جمع تبرعات من أجل كلينتون ومن أجل زوجها ونائب الرئيس السابق آل غور والسيناتور جون كيري. وفي يوليو (تموز) الماضي، اختارته كلينتون ليكون المفوض العام إلى المعرض. ولبدء الحملة، عقدت كلينتون مؤتمرا بحضور 10 رؤساء تنفيذيين بارزين. وتعهدت «شفرون» و«بيبسيكو» و«جنرال إلكتريك» بالتبرع بـ5 ملايين دولار لكل منها. وأجرى آندرا نوي، المسؤول التنفيذي الرئيسي في «بيبسيكو» اتصالات مع مسؤولين تنفيذيين آخرين. وقامت باغلي وفيلاريل بإجراء اتصالات مع شركات لديها مشروعات داخل الصين. وكانت بعض الجهات التي يحتمل أن تقدم تبرعات خارج الحسابات، مثل البنوك، لأنها كانت تحصل على أموال إنقاذ فيدرالية. ويقول كريس بالدرستون، نائب باغلي: «في البداية، كان علينا أن نستخدم مبررات وطنية. وكان الجزء الثاني من المبرر هو الدبلوماسية التجارية. وفجأة فهمت الشركات أن ذلك سيكون أمرا جيدا بالنسبة لها».

وعلى الرغم من أن باغلي موظفة في وزارة الخارجية، فإنه قيل لها إنه يمكنها طلب الحصول على مساهمات. وأشارت إلى أن أي متبرع محتمل يجب أن يفحصه المحامون. ويقول فريد ورثيمر، الذي أيد وضع قواعد أكثر حزما لضبط حملة جمع التبرعات، إنه يشعر بالرضا وإن وزارة الخارجية تعاملت مع موقف صعب بالصورة المناسبة. وعلى الرغم من أنه تم منع كلينتون من طلب تبرعات من أفراد، فإنها اجتمعت مع عدد من الرعاة داخل شنغهاي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما كانت تقوم بزيارة موقع المعرض. ويقول فيلاريل، إن خبرتها في العمل السياسي أحدثت هناك فارقا. وأضاف: «كان من الصعب على أي دبلوماسي آخر أن يكون له قاعدة اتصالات واسعة كهذه».

وتقول كلينتون إن جمع التبرعات لهذا المشروع كان أسهل من جمع التبرعات لسداد ديون الحملة. وأضافت: «أكون في حال أفضل عندما أجمع المال لأشخاص آخرين وقضايا أخرى مقارنة بالحال الذي أكون عليه عندما أجمع تبرعات لنفسي. ومع ذلك، فمن الواضح أني جمعت كثيرا من التبرعات».

* خدمة «نيويورك تايمز»