العيساوي: صراع بين الرئاسات العراقية.. والمحاصصة أحد أسباب فشل الحكومة

نائب رئيس الوزراء العراقي لـ«الشرق الأوسط»: أحزاب سياسية لها سلطان على المؤسسات الأمنية

TT

يسمونه في الأوساط السياسية بـ«عراب حل الأزمات العراقية».. رافع العيساوي، الطبيب القادم من مدينة الفلوجة، وبعد أن رشح عن جبهة التوافق العراقية السنية في الانتخابات النيابية السابقة كوزير للدولة للشؤون الخارجية، وبعد أن تولى منصب النائب السني لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلفا لسلام الزوبعي، الذي استقال من منصبه، يراه السياسيون وهو يجتمع بجميع الكتل السياسية لتوحيد آرائهم والوصول إلى قرارات مشتركة تحل الأزمات السياسية، فتارة تجده في مدينة الموصل لحل الخلافات بين الكتلتين العربية والكردية، وتارة في مدينة الرمادي لحل الخلافات بين العشائر والأحزاب السياسية. وبرز اسم العيساوي أخيرا بقوة في الساحة السياسية العراقية بحيث يعتقد البعض أنه سيكون من رجال العراق المهمين في المرحلة المقبلة، وأنه سيشكل رقما صعبا في العملية السياسية المقبلة بعد الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مارس (آذار) القادم. ويشارك العيساوي في الانتخابات المقبلة ضمن كتلة العراقية التي تضم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي والسياسي السني البارز صالح المطلك. وطرح اسم العيساوي كأحد الأسماء التي ربما ترشح لشغل منصب رئاسة الوزراء في الحكومة القادمة. وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مكتبه في المنطقة الخضراء ببغداد، أكد العيساوي أن ملف المصالحة الوطنية يعد أحد الملفات التي تمثل تحديا أمام الحكومة القادمة، وأنه إن لم يكتب النجاح لهذا الملف فإن العملية السياسية «لن تكون مستقرة»، ودعا إلى المصالحة حتى بين الحكومة والبرلمان، والحكومة وهيئة الرئاسة، متحدثا عن «صراع» بين تلك الرئاسات، وأن جوهر الخلاف هو الصلاحيات والمشاركة في القرار. وقال العيساوي إن «تجربة المحاصصة في الحكومة الحالية سيئة جدا» وإن مؤسسات «عبئت بعناصر وميليشيات وأحزاب وفق هذا المبدأ دون الالتفات إلى الكفاءة»، مؤكدا أن أحد أسباب الخروقات الأمنية «وجود دالة وسلطان من قبل الأحزاب السياسية على المؤسسة الأمنية». وأضاف أن نجاح أو إخفاق الحكومة الحالية يجب ألا يحسب على شخص واحد بل على الجميع، في إشارة ضمنية إلى المالكي. وفيما يلي نص الحوار:

* بعد مرور نحو 4 سنوات على الحكومة الحالية وقبل حزم حقائبها لرحلة انتخابية جديدة، ما تقييمكم لعملها خلال هذه الفترة؟

- كنت أتمنى أن يسأل البرلمان العراقي أو المواطن الذي هو بتماس مع الملفات بشكل مباشر، وهو سيستطيع أن يقول كم استطعنا أن نحقق له من تغيير، فمن خلال تقييم البرلمان أو المواطن تستطيع الحكومة أن تصحح بوصلتها باتجاه الخدمات. لكن الحكومة القادمة ستواجه تحديات كبيرة استغرقت من الحكومة الحالية، التي أنا جزء منها، معظم وقتها كالملف الأمني. إن أي شخص يريد أن يقيم أداء الحكومة سواء كان هذا الأداء يمثل نجاحا أو إخفاقا، فالحكومة وجميع من فيها، هم شركاء ومتضامنون في هذا الوصف، نجاحا أو إخفاقا. فقد درج السياسيون العراقيون على تحويل النقد إلى جهة معينة أو إلى شخص معين.

وبما أننا اتفقنا على الصراحة فلنبدأ ببرنامج الحكومة، أو حكومة الوحدة الوطنية، الذي تلي في أول يوم من تشكيلها، وكان أول ملف شائك ومعقد هو ملف المصالحة الوطنية، وهو ملف سياسي. وعندما يذكر الملف تظهر مفرداته كاجتثاث البعث والجيش العراقي السابق والمصالحة الوطنية والصحوات والمهجرين، وعلينا أن نسأل كم تحقق من هذه الملفات الخمسة المرتبطة مع بعضها، فهو يساوي كم تحقق من المصالحة الوطنية. ربما بدأت جهود مبكرة للعمل على هذا الملف، لكن هذه الجهود لم تكن كافية قط، وبالتالي لا يزال ملف المصالحة الوطنية أحد الملفات التي تمثل تحديا وواجبا أمام الحكومة القادمة ما لم يثبت أو يتحقق نجاح في هذا الملف، وأعتقد أن العملية السياسية لن تكون مستقرة، وأن التركة على الحكومة القادمة ستكون كبيرة جدا ما لم يتم حل الملف.

وإذا توقفنا قليلا عند المهجرين، فحسب الأرقام التي أعلنتها مفوضية اللاجئين هناك نحو مليوني مهاجر عراقي. وحسب أرقام غير رسمية هناك 4 ملايين مهجر في الداخل والخارج، وهم أناس خارج مساكنهم، وهذا عبأ كبير لم يجد حلا إلى الآن، وهو تحد كبير أمام الحكومة القادمة لإرجاع المهجرين إلى مناطق سكناهم.

* إذن التركة كبيرة على الحكومة القادمة؟

- كبيرة جدا، وربما ستكون التركة على الحكومة القادمة أثقل أو أكثر من التركة الأمنية على هذه الحكومة عندما استلمت مهامها.

* نلاحظ ويلحظ العديد من المراقبين أنه كلما ظهرت أزمة في العراق انبرى رافع العيساوي لمحاولة حلها، فهل كلفتم بمهمة حل الأزمات؟ أم أنكم أخذتم الأمر على عاتقكم؟

- إنه جزء من واجبي كعضو في الحكومة العراقية المتضامنة، وأنا مؤمن أنه يجب أن تثبت العملية السياسية على أسس صحيحة مبنية على المشاركة والمصالحة الوطنية، ومبنية على الشعور الحقيقي بالتمثيل. نحن لا نريد أن تغبن مكونات ولا نريد أن يحصل شعور في العراق بالهيمنة لأي جهة على حساب الأخرى، لأن ذلك لن يؤدي إلى دعم العملية السياسية. لذلك تحركنا على ملفات الخدمات والملفات السياسية في عدة مواقع ومناسبات، وتم الحصول على أهداف ضمن هذه التحركات فمثلا في الأنبار عندما تحركنا بعد انتخابات مجالس المحافظات إثر حصول صراعات وتهديد، أكدنا أنه لا يجوز الاحتكام إلى العشائريات ومنطق القوي والضعيف، ويجب الالتزام بالعرف المؤسساتي لأنه الحل الوحيد في العراق، واقترحنا الاتفاق على معيار نتائج الانتخابات التي تظهرها نتائج المفوضية العليا المستقلة، وعندما ظهرت التزم بها الجميع. وفي نينوى برزت مشكلة المناطق المتنازع عليها وانسحاب قائمة نينوى المتآخية الكردية من مجلس المحافظة، فقدمنا مبادرة للتحرك في الملف الذي أسميناه الملف العربي - الكردي في نينوى، وعرضت المبادرة في مجلس الأمن الوطني، وشكلت لجنة برئاستنا سميت اللجنة العليا لمحافظة نينوى بعضوية الوزارات ذات العلاقة، وشكلت فيها 4 لجان فرعية: لجنة للملف المالي والاقتصادي، ولجنة للملف الأمني، ولجنة للملف القانوني والعدلي، ولجنة للملف السياسي لفتح الحوار بين قائمتي نينوى المتآخية والحدباء.

وفي الملف الاقتصادي اتفقنا مع وزارة المالية والرقابة المالية على إطلاق ما قيمته 25% من المبالغ غير المدورة والعائدة إلى وزارة المالية، والتي لم تستخدمها المحافظة في الأعوام 2006 و2007 و2008، والبالغة 570 مليون دولار، وهذا أدى إلى تشغيل أيد عاملة، وينتهي إلى محاربة الإرهاب، وفي الملف العسكري والأمني اتفقنا على فتح باب التطويع لسد النقص في القوات الموجودة في المحافظة، وعرض المقترح على مجلس الوزراء، وتمت الموافقة على تطويع 8 آلاف في وزارة الداخلية، و6 آلاف في وزارة الدفاع بينهم 2000 ضابط، وقد تم تطويع 13 ألف لحد الآن لكلا الوزارتين اللتين ستباشران بإصدار أوامر تعيينهم قريبا جدا للاستفادة منهم في بسط الأمن في المحافظة. وبالنسبة للملفات الباقية فما زال الحوار حول المناطق المتنازع عليها قائما بين أربيل ونينوى مع وجود بعض المصاعب لاقتراب الموسم الانتخابي، والجميع يشعر بالحرج الشديد في قضايا عليها خلاف. ربما بعد اكتمال موسم الانتخابات واكتمال التطوع سيتواصل الجهد بين الحدباء (القائمة العربية) ونينوى المتآخية (الكردية) حول الإشكالات العالقة وحول المناطق المتنازع عليها، وأنه بعد حسم قضية تلك الخلافات بإمكان نينوى المتآخية العودة إلى مجلس المحافظة. إن قائمتي الحدباء ونينوى المتآخية لديهما شروط وقد قطعنا شوطا بينهما، ولكن قرب الانتخابات والشد على الأرض عطل قليلا من مهمتنا، لكننا سنصل إلى حل.

* في قضية أزمة قانون الانتخابات ونقضه من قبل نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، والمشكلات التي حصلت، تلاحظ وجود السفيرين الأميركي والبريطاني معكم بشكل لافت للنظر لحل الأزمة آنذاك، فهل كانا في الاجتماعات من أجل تبادل وجهات النظر؟ أم أن إملاءات أميركية وبريطانية فرضت عليكم؟

- في حال عدم إقرار القانون كان البلد سيتعرض إلى فراغ دستوري وفوضى سياسية، فحرصنا وبمبادرة منا، مع الائتلاف الوطني العراقي (بقيادة المجلس الأعلى الإسلامي) والتحالف الكردستاني، على تشكيل لجنة باشرت إعمالها حتى في عطلة العيد، وكانت الجهود هي بين هذه الأركان الثلاثة، إضافة إلى مشورة المفوضية العليا للانتخابات وفريق الأمم المتحدة بصفته فريق يقدم النصائح، ولم تكن هناك أي علاقة على أقل تقدير في لجنتنا، لا بالسفارة الأميركية ولا بالبريطانية. وكان أصحاب العلاقة هم الشركاء الثلاثة، وبعد أكثر من عشر اجتماعات توصلنا إلى أننا لن نستطيع أن نقدم القانون مرة أخرى للبرلمان دون أن يكون هناك توافق سياسي، وهذا بحد ذاته إشارة جديدة قبل انتهاء عمر الحكومة ومجيء حكومة جديدة، لأن الحديث يجري الآن حول هل ستكون الحكومة القادمة هي حكومة وحدة وطنية أو حكومة أغلبية سياسية (حسب الحزب أو الكيان الذي سيتقدم)، إن قانون الانتخابات أثبت على أقل تقدير أنه في الدورة القادمة لن تستطيع القوى السياسية أن تشكل حكومة إلا إذا كانت حكومة مشاركة لأنه لم يستطع أحد أن يمرر قانون الانتخابات إلا باقتناع جميع الأطراف، بالتالي لا أعتقد أن هناك جهة أو كيان يمكن أن يشكل حكومة دون الرجوع إلى بقية المكونات ودون أن تكون حكومة مشاركة أو حكومة وحدة وطنية. أما الإشارة الثانية، فهي أن التناقض الذي حصل في القانون كان في إحدى النقاط التي سهلت نجاحنا في المهمة، وهما (المادتان الأولى والثانية). المادة الأولى تتحدث عن إحصاء البطاقة التموينية لعام 2005، والمادة الثانية تتحدث عن أرقام وإحصاءات 2009، وكلتاهما لم تنقض، والتطبيق كان مستحيلا أمام المفوضية، لذلك كانت الأمم المتحدة والمفوضية معنا في ظل الحوار السياسي لتحقيق توافق لإعادة مقاعد المحافظات إلى وضعها السابق قبل النقض، وقد نجحنا. وكانت الأمم المتحدة والمفوضية تبديان المشورة في كيفية الجمع بين المادتين، وهما لأرقام مختلفة، فكانت المشورة هي أن تتفق الكيانات السياسية على المحافظة على مقاعد المحافظات كما كانت قبل النقض، وترجع للبرلمان للتصويت عليها فيكون عدد المقاعد جزءا من القانون.

إن القانون لا يمكن التلاعب به، وهكذا ثبتت المحافظات ومقاعدها، وقد سعينا إلى الحفاظ على المقاعد لكي لا تعطى إشارة سلبية بأن هناك مقاعد أخذت من محافظات لتعطى إلى أخرى. وتعاونت اللجنة رغم الولادة العسيرة جدا في الخمس دقائق الأخيرة من وقت البرلمان، ومضى القانون ومرر بالشكل الذي اتفق عليه جميع السياسيين.

* حول موضوع الحكومة وفقا لمبدأ المحاصصة، فهل يمكن أن تنجح الحكومة المقبلة وفقا لهذا المبدأ؟ وماذا حققت المحاصصة في الحكومة الحالية؟

- بودي أن أميز بين المشاركة والمحاصصة، فالحكومة لا يمكن أن تكون، وحسب قراءتي، إلا أن تكون حكومة مشاركة، أما كيف ستكون؟ لننتظر ونرَ. وبسبب التحديات الكبيرة لأي حكومة ستأتي فهي بحاجة إلى دعم الجميع، وأي حكومة ستأتي لا بد أن يكون أكبر عدد من الكيانات السياسية مساندا لها حتى لا يكون العدد الأكبر هو المعارض، بحيث يعرقل عمل الحكومة، هذه هي المشاركة. أما المحاصصة فهي مسألة ثانية، فالحكمة يمكن أن تكون حكومة مشاركة، لكنها لا تعتمد المحاصصة بل الكفاءة، وهذا الأمر ليس بمستحيل، وخاصة أن لدينا تجربة سيئة جدا في موضوع المحاصصة، فوزارات عبئت بالأعضاء الحزبيين، حتى ليس على مبدأ المحاصصة، بل على حساب الحزب أو جناح من الحزب. وبالتالي لاستقرار العملية السياسية والمشاركة في صنع القرار لا بد أن يكون ضمن أهداف حكومة المشاركة اختيار العناصر والكفاءات والحكوميين التنفيذيين ووكلاء الوزارات والمديرين العامين، أن يكون ضمن معيار الكفاءة ولا يفتح موضوع المحاصصة إطلاقا، لأن أحد العوامل التي أفشلت جهود الحكومة الحالية هي المحاصصة. والمحاصصة لم تكن شيعية سنية كردية؛ بل كانت حزبية.

* هل تعتقد أن الحكومة فشلت لأنها اتبعت مبدأ المحاصصة؟

- أنا أعتقد أن ملفات كثيرة نجحت فيها الحكومة لكن ما زالت هناك تحديات أمامها وأمام الحكومة المقبلة، فالنقاط التي عرقلت عمل المؤسسات الخدمية ومن ضمنها الوزارات والمحافظات هو عدم اختيار الكفاءات، والذهاب إما إلى المحاصصة أو إلى أعضاء الحزب الواحد، وبالتالي يسكت عن تقصيرهم حزبيا أو سياسيا. وأعتقد أن أي حكومة قادمة لا يمكنها القبول بهذا المعيار، لا معيار المحاصصة ولا معيار الاختيار الحزبي، وإذا لم يتم إرجاع الكفاءات لتمسك الوزارات فلن تبنى مؤسسات الدولة.

* اتهمت حكومتكم بأنها حجمت دور هيئة الرئاسة، هل فعلا هناك تحجيم لدور تلك الهيئة؟ وهل كنتم تعرضون قراراتكم على الرئاسة؟ وهل يمكن القول إن هناك صراعا بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية؟

- نعم هناك صراع، وإذا لم يكن هناك صراع، فهناك حاجة حقيقية إلى بناء المؤسسات وأن يوضح بدقة دور رئاسة الجمهورية ودور رئاسة الوزراء. هناك كلام كثير يدور حول تعديل وإصلاح صلاحيات هيئة الرئاسة ورئاسة الوزراء ومن ضمنها قانون السلوك الانتخابي المقدم الآن، وهو جزء من هذه الحملة. وهنا يجب أن نؤكد أن ملف المصالحة الوطنية ما زال بحاجة إلى جهد أكبر بكثير مما بذل، وجزء من هذه المصالحة يجب أن يمتد إلى الحكومة والبرلمان، وإلى الحكومة وهيئة الرئاسة، فما زال الخلاف قائما بين رئاسة الجمهورية وبين رئاسة الوزراء، وبين حتى الحكومة والبرلمان في أجزاء كبيرة في العمل اليومي، وبالتالي فإن الدستور يكلف الحكومة التنفيذية بالأعمال التي تقوم بها، لكن الدستور (يتضمن) أيضا أن الجهاز التنفيذي يشمل رئاسة الجمهورية. وما لم تثبت الحكومة القادمة هذه النقطة، وتتفاهم كيف يمكن أن تمضي كفريق واحد متناغم ومتفاهم ومتناسق؛ فالعمل سيكون صعبا.

* هل هناك خلاف شخصي بين رئيس الوزراء وأحد أعضاء هيئة الرئاسة؟

- إن تحويل الخلاف إلى خلاف شخصي يقزم قصة الخلاف، كل الخلاف الدائر بين الرئاستين هو خلاف على الصلاحيات وعلى المشاركة في القرارات والإدارة. ربما لم تكن كل المؤسسات في البداية منتبهة إلى ما كتب في الدستور لذلك بدأ الكلام عن تعديل الدستور أو حول المقترحات المتعددة؛ كتشكيل المجلس التنفيذي الذي يشمل رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والمجس السياسي للأمن الوطني، ثم عندما شكل (المجلس السياسي) قيل إنه لا يمتلك القرار لأنه لم يثبت في الدستور. كل هذه المقترحات هدفها واحد، وإن جميع المشاركين يريدون الشعور بأنهم شركاء، وإذا حققت هذه القضية فسينتهي الصراع في العراق.

* اتهمت حكومتكم بالإخفاق في الملف الأمني الذي ربما سيفشل بسببه بعض مرشحي الحكومة الحالية في الانتخابات المقبلة.

- من الملفات التي نجحت فيها الحكومة هو الملف الأمني، فالملف الأمني اليوم إذا ما قورن بالعام 2006؛ وبعد تفجيرات سامراء، لا يمكن أن يقارن الأمران، فالتغيير كبير، لكن التحدي كبير أيضا، وهو ناتج عن خروقات في المؤسسة الأمنية، وإلا فإن تكرار التفجيرات (تفجيرات بغداد الأخيرة) في نفس المكان لا يعبر إلا عن خرق أمني واضح. وأن الخرق الكبير هو على المستوى المعلوماتي وعلى مستوى بناء المؤسسة الاستخبارية، والجهد الذي يبذل في هذا المجال كبير، وجزء من الإخفاقات التي حصلت هو بسبب وجود ميليشيات مع بناء متسرع للمؤسسة.

وهذا الأمر سيكون شوطا جديدا للحكومة المقبلة لإعادة بناء المؤسسة الأمنية مهنيا، وأؤكد على كلمة مهنيا، لأن في الفترة الماضية كان هناك دالة وبعض السلطان للأحزاب السياسية على المؤسسة الأمنية.

* التدخلات الخارجية في العراق كان أبرزها الاحتلال الإيراني لبئر الفكة في ميسان، أوساط كثيرة لم ترض عن الحلول الحكومية حول الموضوع.. ما رأيكم؟

- الموضوع عرض في مجلس الأمن الوطني (يتألف من قادة الرئاسات الثلاث)، ونرى أن هناك خللا في قوات الحدود التي تمسك بالبئر. ابتداء وقبل أن نتكلم، لماذا تقدم الإيرانيون على البئر ورفعوا العلم؟ علينا أن نسال، أين كانت القوات العراقية حتى يتقدم الإيرانيون هل يمكن أن تستباح الحدود بهذه الطريقة؟

الآن مجلس الأمن الوطني اتخذ قرارا لتحريك قوات الحدود لمسك البئر 11 و13، حتى لا تتكرر الإشكالية، وكلفت وزارة الخارجية بالتواصل مع الخارجية الإيرانية لأن بئر الفكة عراقي، ومحفور أصلا بعد اتفاقية الجزائر عام 1975، وهذا يعني أن لا خلاف عليه، بالتالي لم يكن مقبولا بأي شكل من الأشكال لا التحرك عليه من قبل إيران ولا رفع العلم. هذا كان موقف الحكومة لكن كان الإجراء هو أن تكلف وزارة الخارجية بهذا الأمر لأن الحكومة لا تريد جر البلاد إلى المزيد من الإشكالات الأمنية والعسكرية مع وقت اقتراب الانتخابات.

* هل تعتقد أن بئر الفكة سيكون خاصرة العراق الضعيفة لتوجيه ضربات أخرى باحتلال إيراني آخر؟

- لا أعتقد ذلك، فمجلس الأمن الوطني كلف قوات الحدود أن توجد وتمسك بما تبقى من الآبار، ووزارة الخارجية تتواصل مع الجانب الإيراني لانسحاب القوات من بئر 4 العراقي.

* هل انسحبت القوات الإيرانية فعلا من البئر؟

- أنا أعتقد، بداية، أنزل العلم الإيراني من البئر، ولا تزال القوات موجودة فيه، لكنهم سينسحبون في نهاية المطاف لأن الأرض عراقية، ولا نسمح بأي تجاوز على سيادتنا.

* وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أوضح في مذكرة أنه يجب توحيد الآبار المشتركة بين إيران والعراق، هل هذا رأي الحكومة؟

- لا يوجد لدى الحكومة شيء اسمه توحيد الحقول المشتركة، أنا لم أسمع به قط، إن الثروات العراقية جزء من سيادة العراق، ولا نسمح لأي شراكة فيها مع دول الجوار.. هذا مال صرف للشعب العراقي.

* هل تعتقد أن هناك تدخلات وأجندات خارجية ستتضح مع الانتخابات القادمة؟

- الانتخابات القادمة انتخابات مفصلية في العراق ومعظم السياسيين لديهم علاقات صداقة، وعلاقات تأثر وتأثير بالخارج. رغبتنا وطموحنا أن نرى انتخابات عراقية لا يوجد فيها تدخلات لأن التدخلات ستطعن في شرعيتها، ثم إن على العراقيين اليوم إذا أرادوا أن تكون هناك تنازلات فلتكن التنازلات متبادلة للعراقيين داخل العراق، أي أن يتنازل الشركاء العراقيون لبعضهم، حتى يقر مبدأ الشراكة، وكلما منع التدخل الخارجي كانت العملية السياسية أكثر استقرارا فنحن لا نقبل أن يكون هناك قتال أو انتخاب بالنيابة داخل العراق.

* كتلتكم (المستقبل الوطني)، التي انبثقت لتشكل مع كتل أخرى قائمة «العراقية» لخوض الانتخابات المقبلة، هل تعتقدون أنها ستشكل رقما صعبا؟ وهل ستكون منافسة لقائمة رئيس الوزراء؟

- الكتلة (العراقية) سجلت في المفوضية، وتضم نحو 20 كيانا وكتلة وحزب، وستعلن خلال أيام عن برنامجها الانتخابي. من خلال استبيانات الرأي ستكون هذه الكتلة من الكيانات والأرقام الصعبة في الانتخابات المقبلة. وفي السياسة يبقى الأصدقاء ورفاق العمل، لكن التنافس في العملية السياسية في ظل الدستور، وفي ظل احترام قواعد اللعبة السياسية مشروع ومسوغ، لكن أي كلام عن نتائج مسبقة سيكون متعجلا ولا يستطيع أحد أن يعطي معالم العملية السياسية القادمة، وكيف ستشكل الحكومة ومن سيكون رئيسا للوزراء، ولكن من الواضح الآن أن الكتل الرئيسية هي: الائتلاف الوطني العراقي (بقيادة المجلس الأعلى)، والعراقية، وائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) والتحالف الكردستاني (تضم الحزبين الكرديين الرئيسيين).