مسؤولون: أوباما ذهب لتنصيبه وسط تحذيرات من مخطط هجوم لجماعة صومالية على الحفل

متطرفون صوماليون بثوا معلومات خاطئة بعد معرفتهم أن منافسين لهم سيسافرون لأميركا

TT

كشف مسؤولون أميركيون أن مواجهة الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الإرهاب بدأت قبل يوم من تنصيبه، عندما خرج من بيت الضيافة الرسمي «بلير هاوس»، واستقل سيارة ليموزين مصفحة؛ لكي يذهب لحضور عشاء يحضره الحزبان كلاهما. وكان يجلس إلى جانب أوباما في المقعد الخلفي للسيارة، مستشاره الجديد لمكافحة الإرهاب، جون برينان، بالإضافة إلى اثنين من مستشاري السياسة الخارجية وهما: دينيس ماكدونو، ومارك ليبرت.

وخلال مسيرة الركب، أخبر المستشارون أوباما بأحدث المعلومات حول الأدلة المتعلقة بالمؤامرة الإرهابية لمهاجمة مراسم التنصيب. كما أخبره هؤلاء الرجال بأن رجال الهيئات الاستخبارية يعتقدون، بعد أسبوع من البحث والتقصي الدقيق، أن تلك التهديدات حقيقية.

وحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، كانت هناك تقارير استخباراتية قد أشارت إلى وجود مؤامرة من المتوقع أن تقوم بها مجموعة من المتطرفين الصوماليين، الذين سوف يحاولون دخول الولايات المتحدة عبر الحدود الكندية، للقيام بعملية تفجيرية أثناء مراسم تنصيب الرئيس.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن خوان كارلوس زاراتي، نائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب في إدارة جورج بوش في نوفمبر (تشرين الثاني) قبل الماضي: «كانت كل البيانات المتوافرة لدينا تشير إلى وجود خطر حقيقي يتطور بمعدلات متسارعة، ويشتمل على عناصر خارجية. وكلما اقترب موعد مراسم التنصيب، كانت الدلالات على صدق وجود مؤامرة إرهابية تتزايد».

كما قال مسؤول بارز بإدارة بوش، كان مطلعا على تلك الأحداث: «إن توفير الحماية القصوى للرئيس في الخريف الماضي لم يكن كافيا، فحتى عملية إرهابية فاشلة سوف تجعلنا نظهر بمظهر الضعفاء أمام العالم». وأضاف المسؤول: «فإذا ما حدث أي شيء خلال المراسم وحدثت فوضى، وهذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الناس.. فأنت لا تريد قطعا أن يحدث ذلك».

ولم يكن في وسع أوباما أن يفعل شيئا بخلاف طرح الأسئلة والاعتماد على الآخرين، الذين كانوا يخوضون تلك المعركة منذ سنوات بعيدة، فقد كان مستشاروه يعملون جنبا إلى جنب مع الإدارة السابقة.

وكان الفريقان يعملان معا في غرفة الطوارئ بالبيت الأبيض بعد وقت قصير من مراسم التنصيب؛ لكي يفكروا مليا في المعلومات الموجودة لديهم، بالإضافة إلى النظر فيما يجب فعله، حيث كان فريق بوش يجلس على الطاولة في مقابل فريق أوباما؛ فقد كانت كوندوليزا رايس، وستيفن هادلي وزملاؤهما يجلسون على جانب من الطاولة، في مقابل هيلاري كلينتون وجيمس جونز وزملائهما.

ووضعت كلينتون يدها مباشرة على جوهر المشكلة، فوفقا للمشاركين في ذلك الاجتماع، سألت كلينتون: ما الذي يجب على أوباما أن يفعله إذا ما كان يلقي خطابه الافتتاحي، وانفجرت قنبلة في جانب ما من الساحة التي يقف فيها؟ «هل سيقوم رجال الاستخبارات بسحبه من الساحة حتى يرى الشعب الأميركي رئيسهم الجديد وهو يختفي وسط الخطاب الافتتاحي؟ لا أعتقد أن ذلك يجب أن يحدث».

وكان من بين الحضور في تلك الغرفة روبرت غيتس، الذي عمل لعامين متواصلين وزيرا للدفاع في عهد بوش، والذي سيظل في المنصب نفسه خلال ولاية أوباما. وبعد اللقاء، كان الجميع قد اتفق على أنه يجب أن يبقى غيتس بعيدا عن مراسم الافتتاح في مكان سري؛ وذلك نظرا إلى أن مجلس الشيوخ لم يكن قد أقر بعد أي عضو آخر من أعضاء مجلس وزراء أوباما، وبالتالي فإن غيتس - العضو الوحيد في مجلس الوزراء الذي يحظى بموافقة رئيس الأركان الذي تم انتخابه أخيرا - كان هو الشخص التالي المرشح لتولي الرئاسة في حال إذا ساءت الأمور.

وفي خضم الجدل الدائر حول ما الذي يجب عمله، ظهر جون برينان، المسؤول السابق بالاستخبارات الأميركية، وهو الخبير في شؤون الشرق الأوسط، والمعروف بإنشائه المركز القومي لمكافحة الإرهاب في عهد بوش، والذي عاد بعد ثلاث سنوات ابتعد فيها عن المناصب الحكومية، لكي يصبح أكبر مسؤولي مكافحة الإرهاب في إدارة بوش. كان برينان يرغب في أن يصبح مديرا للاستخبارات الأميركية، ولكن الليبراليين أبدوا اعتراضا شديدا على ترشحه لذلك المنصب؛ نظرا إلى علاقته بالنظام القديم، وبالتالي فقد أصبح نائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب، وهو المنصب الذي لم يكن يقتضي موافقة مجلس الشيوخ.

وفي الوقت الذي كان يساعد فيه على إدارة تهديدات مراسم التنصيب، ويفند التقارير، ويدير العلاقات بين الإدارتين، كان برينان قد أصبح بالفعل أكثر الأصوات أهمية بالنسبة إلى الرئيس الجديد، في الوقت الذي كان يعيد فيه تشكيل الصراع مع الإرهابيين. وإذا ما أصبحت تلك الحرب «حرب أوباما»، فسيكون برينان جنرال تلك الحرب. وقد حسمت المعركة الأولى إيقاع تلك المعركة. وحسب التقرير، كان لدى برينان شكوك تتعلق بأن تلك التهديدات ليست تهديدات حقيقية، بل إنها تتعلق بأن إحدى الجماعات الراديكالية ترغب في التخلص من جماعة أخرى منافسة لها، وكان محقا في ذلك؛ حيث قال المسؤولون المطلعون على الموقف إن المتطرفين الصوماليين كانوا يعرفون أن الجماعة المنافسة لهم سوف تسافر إلى الولايات المتحدة، وبالتالي بثوا إلى الأميركيين معلومات خاطئة حول نيات تلك الجماعة. وفي النهاية، فإن ما بدا لمدة 72 ساعة تهديدا خطرا، تحول فجأة إلى إنذار كاذب.

وقد عززت محاولة تفجير الطائرة المتجهة إلى ديترويت في أعياد الميلاد الجدال الذي كان دائرا خلال الاثني عشر شهرا الماضية، والذي كان يتعلق بما يجب أن تكون عليه مقاربة أوباما تجاه الإرهاب؛ حيث كان البعض يرى أنها يجب أن تكون النقيض التام لسياسات بوش، فيما كان يرى فريق آخر أنها ينبغي أن تكون استئنافا لها. وفي الحقيقة، تبنى الرئيس الجديد خلال عامه الأول معظم استراتيجيات مكافحة الإرهاب، التي وجدها جاهزة على مكتبه عندما وصل إلى المكتب البيضاوي، وهي الاستراتيجيات التي كانت أكثر اعتدالا من الأيام الأولى التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.