بارزاني يدعو إلى وقف الحرب الإعلامية بين طالباني والمعارضة.. ويحذر: لا عودة لحرب داخلية

أقر 4 إجراءات فورية لتطويق الأزمة.. وبرهم صالح يدعو إلى حماية السليمانية

جنود عراقيون أثناء مراسم حفل تخرجهم في كلية قلاجوالان العسكرية شمال مدينة السليمانية أمس (أ.ف.ب)
TT

واصل الزعيم الكردي مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، مساعيه الحثيثة لتطويق الأزمة الناشبة بين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، وحركة التغيير المعارضة بقيادة السياسي الكردي البارز نوشيروان مصطفى. وعقد لهذا الغرض اجتماعا مطولا أمس مع ممثلي القوى والأحزاب الكردستانية الممثلة في البرلمان الكردستاني بهدف ترطيب الأجواء وحشد الجهود لاحتواء الأزمة. وخيم جو من القلق البالغ على إقليم كردستان مع دخول السجال الإعلامي بين الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي، وحركة التغيير المعارضة، بزعامة مصطفى النائب السابق لطالباني، إلى مرحلة ساخنة إثر دخول شخص قائديهما طالباني ونوشيروان مصطفى إلى خط المواجهة الأمامية للحملة الإعلامية المكثفة التي خلقت جوا من الترقب والحذر من تداعيات تلك المواجهة وتطورها إلى حالة من العنف، خصوصا بعد توجيه حركة التغيير للعديد من الاتهامات إلى قوات الأمن المحلية التابعة لسلطات الاتحاد الوطني في السليمانية بالقيام بحملة منظمة لاغتيال وملاحقة أنصار الحركة في حدود محافظة السليمانية.

وأشار بارزاني في حديثه مع ممثلي القوى الكردية إلى أن «الحركة التحررية الكردية منذ ثورة سبتمبر (أيلول) ولحد الآن، مرت بتجارب مريرة نتيجة الصراعات السياسية بين بعض قواها، وكنا نتمنى أن لا تحدث تلك الصراعات، وتجرعنا جميعا آلام القتال الداخلي، وتحملنا تداعياتها الخطيرة، لذلك لا نتمنى أن تتكرر تلك التجارب، ويجب أن نسعى جميعا لإنهاء هذه الحوادث غير المرضية التي تشهدها الساحة السياسية في كردستان، وينبغي على جميع القوى الكردستانية أن تحافظ على وحدة الصف الكردي، وأن تحل مشكلاتها بطرق سلمية بعيدا عن العنف، فليس هناك شيء غير قابل للحل». يذكر أن اقتتالا داخليا اندلع أواخر عام 1994 بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة بارزاني، والاتحاد الوطني قبل أن تنجح وزارة الخارجية الأميركية بمصالحتهما في واشنطن عام 1998. وقد أودى النزاع بأكثر من ثلاثة آلاف قتيل وفقا لتقديرات مصادر كردية مستقلة.

وشدد بارزاني على أنه لن يسمح بإراقة دماء أي كردي بعد الآن وقال «صحيح لدينا توجهات مختلفة، ولكننا لن نسمح بإراقة دماء أي كردي بيد أخيه الكردي بعد الآن، فهناك برلمان بإمكان أي قوة سياسية أن يلجأ إليه لبحث خلافاته مع الآخرين، فلا يمكن أن نسمح لأعداء شعبنا أن يستغلوا هذه الخلافات للإضرار بمصالح شعبنا، وندعو جميع وسائل الإعلام إلى أن تؤدي رسالتها وفقا لقانون الصحافة، وأن تحرص على تعزيز وحدة البيت الكردي». وأقر الاجتماع أربعة إجراءات فورية لتطويق الأزمة وهي، الوقف الفوري للحملات الإعلامية بين جميع الأطراف السياسية الكردستانية، ومواصلة اللجنة المشكلة لمعالجة مشكلة أصحاب الرواتب المتوقفة والإسراع بإعادة صرفها لهم، وإنهاء مظاهر العنف من خلال تشكيل لجنة برئاسة وزير الداخلية بحكومة الإقليم، وتفعيل المجلس الأعلى للأحزاب الكردستانية، والتشاور معه لإيجاد الحلول لأية مشكلات قد تقع مستقبلا». وحول تطورات الموقف الأمني في السليمانية ومغزى تأكيدات رئيس الإقليم المتكررة على ضرورة التهدئة وضبط النفس، قال الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «تأكيدات رئيس الإقليم تأتي في إطار التذكير بكارثة الاقتتال الداخلي وتداعياته والأضرار الجسيمة التي ستلحق بشعبنا في حال تكراره، لذلك فهو يشدد دائما على ضرورة تجاوز الصراعات السياسية ونبذ العنف، والتأكيد على وحدة الموقف لجميع القوى الكردستانية بهدف حماية مكاسب شعبنا». وأشار حسين إلى أن «الأزمة الحالية تم تضخيمها من قبل وسائل الإعلام، فالوضع الأمني ليس متأزما لهذه الدرجة، ولكن هذه الحملة الإعلامية تثير القلق لدى رئاسة الإقليم، عليه فإن السيد رئيس الإقليم يشدد دائما على ضرورة التهدئة وضبط النفس لكي لا تتطور الأمور أكثر من ذلك بما يعيد إلى أذهان شعبنا مراحل الاقتتال الداخلي». من جهته، أكد سعدي أحمد بيرة عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني أن «الوضع الأمني في السليمانية مستقر وآمن، وليس هناك ما يبعث على القلق» مشيرا إلى أن «الحوادث والاعتداءات تقع في كل لحظة في أي مكان بالعالم، في برلين وباريس وغيرها من عواصم العالم، فلماذا إذن تشاجر اثنين في السليمانية يعطى للمشاجرة صبغة سياسية». وقال بيرة إن «هناك بعض الأطراف تستغل هذه الأمور كدعاية انتخابية مبكرة، وإلا فإن الوضع الأمني في السليمانية مستتب ومستقر ولا خوف عليه».

وكان برهم صالح رئيس حكومة إقليم كردستان قد اجتمع أول من أمس مع القادة الأمنيين في محافظة السليمانية وأمرهم بمباشرة التحقيقات القانونية مع جميع المتورطين باعتداءات على المواطنين وتسليمهم إلى القضاء. وقال صالح أثناء اللقاء إن «الأجهزة الأمنية عليها أن تعمل جاهدة على حماية أرواح وممتلكات المواطنين، وأن تحرص على سلامتهم، ولا ينبغي الخلط بين مهام تلك الأجهزة في حماية المواطنين والوضع الأمني للإقليم مع الخلافات السياسية». مؤكدا أن «حكومة الإقليم لن تسمح مطلقا بتعكير الوضع الأمني المستقر في محافظة السليمانية» داعيا القادة الأمنيين إلى «وضع الخطط واتخاذ الإجراءات الفورية لمعالجة الأزمة الراهنة».