ماليزيا: الاعتداءات ضد الكنائس تتوسع وسط دعوات للهدوء

وزير الداخلية: الموقف تحت السيطرة > برلمانية تدعو علماء الدين المسلمين للتحرك

TT

تعرضت كنائس في ماليزيا إلى اعتداءات جديدة أمس، وسط دعوات للهدوء بعد التوتر الذي سببه حكم قضائي سمح لصحيفة مسيحية باستخدام لفظ الجلالة «الله». ووقع هجومان لم يسفرا عن سقوط قتلى، مثل الهجمات السابقة، في تايبينغ في ولاية بيراك الشمالية. وقال قائد الشرطة المحلية، ذو الكفلي عبد الله، أن زجاجة مولوتوف ألقيت على كنيسة «كل القديسين» صباح أمس قبل وصول المؤمنين. وأضاف «كانت هناك بقع سوداء على الجدار. نعتقد أن حريقا صغيرا اندلع لكن لم تحدث أضرار». وفي الهجوم الثاني، ألقيت زجاجة كيروسين على كنيسة لكن المبنى لم يتضرر، حسبما ذكر المصدر نفسه. وفيما بدا أن الهجمات امتدت إلى ولايات أخرى في البلاد، قالت الشرطة إن مهاجمين ألقوا أيضا بالأحجار والطابوق على النوافذ الزجاجية على كنيسة في ميري، وهي بلدة رئيسية للنفط وقطع الأخشاب في ولاية ساراواك. وتعتبر ولاية ساراواك وجارتها صباح مخزنا للأصوات التي يحصل عليها حزب الجبهة الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق وموطن لأغلبية المسيحيين في ماليزيا الذين تبلغ نسبتهم نحو 9% من السكان الذين يبلغ عددهم 28 مليون نسمة.

لكن رغم الهجمات الجديدة، توجه المصلون إلى الكنائس أمس. وقال أحد هؤلاء ويدعى أهام «نريد السلام من أعماق قلبنا. يجب أن نقف ونواجه هذا الحادث. بغض النظر عن أي ديانة تنتمي إليها». بينما قال روبرت تان كاهن إحدى الكنائس في كوالالمبور «بغض النظر عمن قام بهذا العمل إذا تعرفوا على الشخص فإنني أريد أن أذهب إليه وأعانقه وأقول له يا أخي أنا أحبك. هذا ما سأفعله. لن يكون لدي أي مشاعر سيئة».

ونقلت وكالة أنباء «برناما» الحكومية عن وزير الداخلية هشام الدين حسين قوله «الموقف تحت السيطرة ولا ينبغي على الشعب أن يقلق».

ويخشى محللون من أن تهدد هذه الهجمات غير المسبوقة الاستقرار المعهود في ماليزيا، البلد الذي يضم 28 مليون نسمة وبه أقليات دينية كبيرة. وكان حكم أصدرته محكمة يسمح لصحيفة كاثوليكية باستخدام لفظ الجلالة في طبعاتها بلغة الملايو قد أثار احتجاجات المسلمين عقب صلاة الجمعة، وتسبب أيضا في هجمات، بإشعال النيران، استهدفت أربع كنائس. وخلال زيارة نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء الماليزي للكنيسة الخمسينية الأكثر تضررا من الهجمات عرض منحة حكومية بقيمة نصف مليون رينغت (148 ألف دولار) للمساعدة في إعادة بناء الكنيسة. من جانبها، قالت البرلمانية المعارضة تريسا كوك: «أود أن أدعو الزعماء الدينيين، رجال الدين الإسلامي، لأن يخرجوا ويدعوا أتباعهم بقوة إلى عدم القيام بمثل هذه الهجمات الإرهابية ضد الكنائس مرة أخرى». أما بول رونغ وهو أحد المصلين فقال إن «الأمور تتجه للتحسن». وأشار إلى البيانات التي صدرت عن رئيس الوزراء وغيره من المسؤولين من مختلف الانتماءات السياسية منددة بالاعتداءات. وتابع: «لقد حددوا مواقفهم بوضوح، وأعتقد أننا سعداء للغاية بذلك».

لكن آخرين ساورتهم شكوك حول وعود الحكومة بنشر رجال الشرطة لحماية الكنائس بعد أن قال ضابط رفيع بالشرطة أمس إنه ليس لديه ما يكفي من الرجال، وحث الكنائس على الاعتماد على نفسها في تشديد الأمن. ونقلت وكالة «رويترز» عن هيرمان شاستري الأمين العام لمجلس كنائس ماليزيا قوله: «نحن فزعون لتصاعد العنف ونحث السلطات على التعامل مع الأمر بجدية».

وتقول صحيفة «كاثوليك هيرالد» إنها ترغب في استخدام لفظ الجلالة بهدف خدمة المسيحيين الناطقين بلغة الملايو في بورنيو، في حين يقول بعض المسلمين الماليزيين إن الصحيفة تريد بخطوتها هذه إرباك وتحويل المسلمين عن دينهم. وتقطن ماليزيا غالبية مسلمة تنتمي إلى إثنية الملايو لكنها تضم أيضا أقليات عرقية مؤثرة من الصينيين والهنود الذين تدين أغلبيتهم بالمسيحية والبوذية والهندوسية. ويمثل المسيحيون نحو 10 في المائة من سكان ماليزيا.

وتسببت هذه الأقليات في تكبيد الحكومة أفدح خسائرها عام 2008 في الانتخابات العامة والمحلية، ويرجع ذلك جزئيا إلى شعورها بالتهميش إلى جانب حنقها على استشراء الفساد.

ويهون محللون من مخاوف وقوع اشتباكات طائفية واسعة في البلاد، إلا أنهم يعتبرون أن الأمر يتوقف على الخطوات التي ستتخذها الحكومة ضد منفذي الاعتداءات الأخيرة ضد الكنائس. وفي العادة، تستخدم الحكومة، عند ظهور أي بوادر على اضطرابات، قانون الأمن الداخلي الذي يبيح اعتقال المشتبه فيهم دون محاكمة. وتقول الحكومة إن الهجمات الأخيرة غير منسقة ونفذها شبان ساخطون أو مجرمون.