مدينة الروابي.. محاولة فلسطينية للاستيطان على أرضهم

تتسع لنحو 40 ألف نسمة شمال رام الله في الضفة الغربية

TT

بدأت 3 جرافات فلسطينية عملاقة، في مشهد غير مسبوق، عمليات حفر وتمهيد منطقة جبلية لبناء مدينة فلسطينية جديدة يُفترض أن تتسع لنحو 40 ألف نسمة، شمال رام الله في الضفة الغربية. ولم يكن مشهد الجرافات الفلسطينية في أثناء عملها في سفح الجبل مألوفا للفلسطينيين المقيمين في القرى المحيطة بتلك المنطقة، لكونهم لم يألفوا سوى رؤية الجرافات الإسرائيلية وهي تجرف الجبال تمهيدا لبناء مستوطنة جديدة.

وقال محمد خميس (42 عاما) من قرية عطارة القريبة: «مشهد الجرافات الفلسطينية وهي تقوم بعمليات التجريف في هذه الجبال غريب علينا لأننا اعتدنا رؤية جرافات إسرائيلية تسرق الأراضي وتجرفها لبناء المستوطنات، ولم نعتد رؤية فلسطينيين يبنون على سفوح الجبال مدنا فلسطينية».

من جهته، قال وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني حسن أبو لبدة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «أهمية هذا المشروع تكمن في أنه الأول والأكبر في فلسطين منذ سنوات طويلة جدا، ويحاول الاستجابة لأزمة المساكن في الأراضي الفلسطينية».

وأضاف: «نعم هناك مقارنة ساخرة، وسيختلط الأمر على المواطن الفلسطيني في هذا المشهد الحزين المرتبط بالاستيطان الإسرائيلي، لكننا نأمل أن يكون المشروع بداية لتوسيع الاستثمار المشابه في الأراضي الفلسطينية». وهذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها الفلسطينيون بناء مدينة فلسطينية بهذا الحجم، بدعم ومساندة تامة من السلطة الفلسطينية، وبتمويل كامل من القطاع الخاص الفلسطيني والعربي، حسبما أوضح أبو لبدة. وتقع المدينة، التي تحمل اسم «الروابي» في منطقة جبلية تحيط بها 3 قرى فلسطينية ومستوطنة إسرائيلية، شمال مدينة رام الله. وتأتي المنطقة التي ستشملها عملية البناء في أراض منخفضة عن قرية عطارة شمال بلدة بيرزيت، وتمتد المنطقة شمالا حتى قريتي عجول وعبوين، ومن الجنوب تقع مستوطنة عطيرت الإسرائيلية.

وقال أبو لبدة: «المدينة خُطط لها سلفا لتكون تجمعا نموذجيا، والأهم أنها تمنح فرصة للتوسع في محيط المدن الفلسطينية وفي مناطق جديدة كليا». والأهمية الأخرى للمشروع حسبما ذكر أبو لبدة «أنه المشروع الأكبر الذي يتم بشراكة القطاع الخاص العربي والفلسطيني، ويثبت أن هناك فرصا للاستثمار في فلسطين».

وقال بشار المصري مدير الشركة الفلسطينية المشرفة على بناء المدينة: «المدينة ليست استيطانا، لأن صاحب الأرض لا يستوطن أرضه، لكن يمكن اعتبارها محاولة فلسطينية لتثبيت الفلسطينيين على أرضهم للحد من الاستيطان الإسرائيلي». وقال المهندس المشرف على الحفريات الأولية، في الموقع، إن العمل جارٍ لإعداد المنطقة لبناء 22 حيا سكنيا، بحيث تتسع هذه الأحياء في المرحلة الأولى لنحو 20 ألف نسمة. وبدأت الجرافات بشق طريق دائري حول قمة جبل ضمن المنطقة التي ستبنى عليها المدينة، لتسهيل نقل المعدات لمباشرة عملية البناء. وتبلغ القيمة الإجمالية لتنفيذ المشروع أكثر من 700 مليون دولار، بتمويل من شركة «الديار القطرية»، وتنفيذ شركة «بيتي» العقارية الفلسطينية.

وقال مدير شركة «بيتي» بشار المصري إن مشروع المدينة يعتبر من أكبر المشروعات العقارية في الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أنه يشمل بناء مدينة فلسطينية على مساحة 6300 دونم، بأدوات وخبرات فلسطينية بحتة. وحسب مخطط إنشاء المدينة، فإنها ستشمل خدمات متطورة، وتضم مدارس ومستشفيات وخدمات أخرى، وستقدم الشقق داخل المدينة للراغبين في السكن من ذوي الدخل المحدود، حيث تقدر قيمة كل شقة من 50 إلى 80 ألف دولار، تسدد بالتقسيط.

وقال المصري إن المنطقة التي سيتم بناء المدينة عليها تقع ضمن السيطرة الفلسطينية، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يستدعي الحصول على موافقة إسرائيلية. إلا أنه أضاف: «لكننا بحاجة إلى موافقة إسرائيلية لفتح الطريق الرئيسي الواصل بين المدينة ومدينة رام الله، إضافة إلى موافقة على إنشاء بنى تحتية موصولة مع المدينة».

وقال: «لم نحصل إلى الآن على موافقة إسرائيلية، ولا معارضة إسرائيلية على هذه الأمور، حصلنا على موافقة مبدئية، وبالتالي بدأنا العمل منذ أيام وسنستمر به كي نجعله حقيقة». وتوقع المصري أن تكون المدينة جاهزة للسكن خلال 3 أعوام.