اليمن: عصيان مدني بمدن جنوبية.. ومسؤول يتهم الحراك باستخدام أسلحة

الرئيس صالح: مستعدون للتفاهم مع كل من يتخلي عن العنف بما في ذلك «القاعدة»

جندي يمني في إحدى نقاط التفتيش بالعاصمة صنعاء يشير الى احدى السيارات بمواصلة سيرها امس (أ ب)
TT

شهدت عدة محافظات يمنية جنوبية، أمس، إضرابا عاما وعصيانا مدنيا تلبية لدعوة قوى «الحراك الجنوبي»، قبل أن يسقط بعض الجنود جرحى في اشتباكات مع مسلحين. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن دعوة «الحراك الجنوبي» للإضراب العام والعصيان المدني، نجحت في محافظات: الضالع ولحج وأبين وبعض مناطق محافظة شبوة، حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها وخلت الشوارع من المارة باستثناء نشطاء الحراك الذين كانوا يحضون المواطنين على تنفيذ الإضراب لساعات، في حين تغيب العديد من الموظفين عن الدوام الرسمي.

وقالت مصادر محلية إن السلطات تمكنت من إفشال الإضراب في بعض المناطق، منها محافظة عدن، بعد أن نزلت إلى الشوارع سيارات تحمل مكبرات الصوت تطالب المواطنين بعدم الاستجابة لدعوات الحراك، غير أنها فشلت في مناطق عديدة. وذكرت المصادر أن مسلحين من قوى الحراك الجنوبي نزلوا أيضا إلى الشوارع واجبروا بعض أصحاب المحال على إغلاقها، وهو الأمر الذي أدى إلى اشتباكات بين المسلحين ورجال الأمن في إحدى النقاط الأمنية المستحدثة في مدينة الضالع، الأمر الذي أسفر عن سقوط ثلاثة جنود جرحى.

واتهم مسؤول أمني بارز في محافظة الضالع اليمنية الجنوبية عناصر «الحراك الجنوبي» بتوزيع منشورات منذ عدة أيام تدعو المواطنين للإضراب والعصيان المدني، لكن المسؤول الأمني اعترف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه، بأن العصيان الذي نُفذ أمس، حقق نجاحا، مقارنة بتلبية الدعوتين السابقتين لنفس الأمر، وقال إنه كان بنسبة 60%، وأضاف المسؤول أن قوات الأمن اعتقلت 6 من الأشخاص الذين كانوا يحضون المواطنين على العصيان والإضراب العام، وأنهم «سيحالون إلى النيابة العامة للتحقيق معهم».

وأضاف المسؤول الأمني لـ«الشرق الأوسط» متهما الحراك الجنوبي بالخروج عن «أهدافه ومطالباته المعلنة، بدليل استخدام الأسلحة والمتفجرات والاعتداء على الناس والتقطع»، وأصبحوا، بحسب وصف المسؤول «قُطاع طرق وحرابة، وخارجين على القانون»، وقال إن تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارضة في اليمن هو «الحاكم الفعلي في المحافظة، لكونها تمتلك أغلبية مقاعد المجالس المحلية (البلدية)»، مشيرا إلى أن «الوضع القائم يعجب بعض الفاسدين في المحافظة وأن بعض الشباب هناك يتناولون حبوب الديزبام إضافة إلى القات وبالتالي يقومون بعد ذلك بمهاجمة قوات الأمن».

من جانبه، أكد النائب صلاح الشنفرة نائب رئيس ما يسمى مجلس قيادة الثورة السلمية في الجنوب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن العصيان كان ناجحا وأن المدارس والمحال التجارية والطرق كافة توقفت تماما عن العمل استجابة للدعوة، في المحافظات اليمنية الجنوبية كافة، وقال إن الإضراب العام أو العصيان المدني هو «نوع من أنواع النضال السلمي، من أجل تحقيق مطالب الجنوب وهي تحقيق الاستقلال واستعادة دولة الجنوب»، وتأتي الدعوات إلى العصيان المدني والإضراب العام في الجنوب في ظل الاحتقان والغليان الذي يشهده جنوب اليمن المطالب بـ«فك الارتباط» بين الشمال والجنوب، كما أن هذه الفعاليات الاحتجاجية ترفع العديد من المطالب، منها، إطلاق سراح مئات المعتقلين على ذمة فعاليات سابقة للحراك المتنامي والمتصاعد والذي تتهمه السلطات بالارتباط بعلاقته بتنظيم القاعدة، وهو الأمر الذي تنفيه قوى الحراك وتقول إن «نضالها سلمي».

على صعيد آخر، دعا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، تنظيم القاعدة والحوثيين والقوى كافة في الساحة إلى إجراء حوار، بشرط تخليهم عن السلاح، وأضاف صالح في مقابلة مع تلفزيون أبوظبي: «نحن مستعدون للتفاهم مع أي إنسان يتخلى عن العنف والإرهاب نحن سنتعامل معه، أما أن يستمر في أعمال العنف والإرهاب سواء تنظيم القاعدة أو الحوثيين أو غيرهم فسنتعقبهم قدر ما نستطيع لأن هؤلاء خطر ليس على اليمن فقط بل على الأمن والسلم الدولي بخاصة تنظيم القاعدة». وتابع قائلا بحسب ما أعادت وكالة «سبأ» اليمنية نشر المقابلة: «نحن نأمل ونتطلع إلى أن يكون العام الحالي 2010 عام السلام والاستقرار في اليمن، والمنطقة. إذا استجابت كل القوى السياسية إلى الدعوة التي وجهناها لها للحوار والتفاهم بحيث يدلي كل طرف في القوى السياسية بدلوه، فيا مرحبا بهم ليقدموا أوراق عمل ونناقشها وما هو صالح سنقبل به وما فيه شطط أو فيه طرح غير مقبول سنتحاور حوله حتى نصل إلى لغة مشتركة، و أنا متفائل إن شاء الله أن يكون عام 2010 عاما للأمن والاستقرار والسلام في اليمن».

وأشار صالح إلى أن اليمن تواجه تحديات عدة في الوقت الراهن، منها تنظيم القاعدة والحوثيون في صعدة، والحراك أصحاب الدعوة للانفصال، والوضع الاقتصادي»، واستدرك: «ومع هذا، نحن في صعدة وضعنا ممتاز جدا، وقواتنا تحقق انتصارات جيدة، بالنسبة إلى مطاردة ومتابعة القاعدة أيضا وحداتنا الأمنية وقواتنا الجوية تحقق انتصارات جيدة ضد القاعدة في كل من أبين وشبوة ومحافظة صنعاء، وما زالت الأجهزة الأمنية تتعقب مثل هذه العناصر الإرهابية الخطيرة التي تعبث بالأمن والاستقرار في اليمن، ونحن مصممون مع كل أشقائنا وأصدقائنا على مقارعة مثل هذه التحديات خصوصا تنظيم القاعدة والحوثيين».

وتطرق الرئيس إلى الأحداث الخارجة عن النظام والقانون التي يقف وراءها دعاة الانفصال في بعض مناطق المحافظات الجنوبية والشرقية. وقال: «القنوات الفضائية تضخم الأمور، بعضها تأتي من الأرشيف بأشياء غير حقيقية، هم يتجمعون عشرات أو مئات من عناصر ما يسمى بالحراك وهؤلاء يصلهم الدعم حد علمي من بعض المغتربين في دول مجلس التعاون الخليجي وبعض المغتربين في الإمارات أو في السعودية وقطر والكويت، من مغتربين يعيشون في تلك الدول، والأنظمة بريئة في دول مجلس التعاون الخليجي من هذه التبرعات، وبيننا وبين الأجهزة الأمنية في دول مجلس التعاون تواصل لتعقب مثل هذه التبرعات وكذلك من مغتربين في الولايات المتحدة الأميركية ومغتربين في لندن وفي بريطانيا بشكل عام».

وأضاف صالح: «المنخرطون اليوم في ما يسمى بالحراك هم مجموعة فقدت مصالحها بعد الوحدة المباركة وفقدت مصالحها أيضا بعد حرب صيف 1994م، فقدت مصالحها ومكانتها وجاءت قوى سياسية بديلة لهذه العناصر التي أعلنت الحرب والانفصال في صيف 1994م فجاءت قوى سياسية من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية حلت محلهم وهم يعتبرون أنفسهم أوصياء على المحافظات الجنوبية والشرقية».

وأردف: «أما الوحدة، فهناك رجال مخلصون من أبناء شعبنا في المحافظات الجنوبية والشرقية حريصون على الحفاظ على الوحدة كما يحافظون على حدقات أعينهم وهم حريصون على الوحدة أكثر من غيرهم».