سعود الفيصل ردا على نجاد: الاتهام الحقيقي هو أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية

بحث مع نظيره الصيني إصلاح مجلس الأمن.. وقال: إسرائيل تؤكد في كل مناسبة أنها لا تريد السلام

وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خلال استقباله نظيره الصيني يانغ غيتشي أمس (رويترز)
TT

اتهم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إيران بشكل صريح ومباشر، لأول مرة، بتدخلها في الشأن الداخلي اليمني، وذلك ردا على الانتقادات التي وجهها أحمدي نجاد الرئيس الإيراني للرياض أمس على خلفية عمليات التطهير التي تقوم بها في حدودها الجنوبية ضد بعض العناصر المتسللة.

وانتقادات نجاد أمس، تأتي استمرارا لانتقادات المسؤولين الإيرانيين للسعودية، على خلفية المعارك التي تخوضها قواتها المسلحة لتطهير أراضيها من عناصر تمرد حوثية.

وقال الفيصل في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول سر الاهتمام الإيراني بهذا الملف وعلى انتقادات نجاد: «أعتقد أنه كاد المريب أن يقول خذوني. اتهام المملكة بأنها تحارب الحوثيين لا أعلم من أي مصدر أتى بهذا الكلام، الحوثيون أنفسهم لا يقولون إن السعودية تحاربهم، فما بال إيران تدعي ذلك، الاتهام الحقيقي هو أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية لليمن، وهذا لا يمكن أن يغطي عليه اتهام الآخرين بهذا الشيء».

وهذه المرة الأولى التي يوجه فيها وزير الخارجية السعودي اتهاما صريحا ومباشرا لإيران بتدخلها في الشأن الداخلي اليمني. وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد انتقد السعودية أمس في كلمة أذاعها التلفزيون الإيراني بسبب ما وصفه بدورها في صراع اليمن مع المتمردين الحوثيين.

جاءت هذه التصريحات من الفيصل، في أعقاب لقائه نظيره الصيني يانغ غيتشي الذي يزور السعودية حاليا. وكان الشأن اليمني، ضمن موضوعات البحث التي تناولتها مباحثات وزيري خارجية الرياض وبكين. وبحث سعود الفيصل ونظيره الصيني، يوم أمس، المسائل المتعلقة بإصلاحات مجلس الأمن الدولي.

وقال الفيصل في مؤتمر صحافي عقب المحادثات: «لقاؤنا اليوم يأتي في إطار التنسيق والتشاور السياسي في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والملف النووي الإيراني وكثير من القضايا ذات الصلة بالأمن والسلم الدوليين بصفة عامة بما في ذلك إصلاحات مجلس الأمن».

وبدا وزير خارجية الصين متشائما من الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. وقال إن بلاده «قلقة من جمود المفاوضات، وترى أن الوضع في المنطقة لا يدعو للتفاؤل». ودعا يانغ غيتشي، طرفي النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، بالدخول في مفاوضات تستند على أسس الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، ومبدأ الأرض مقابل السلام، مؤكدا وقوف بكين إلى جانب فلسطين ومواصلة تأييدها لإقامة الدولة الفلسطينية.

ولم يكن وزير الخارجية السعودي، متفائلا بالوضع في الشرق الأوسط، حيث وصفه بـ«المأساوي»، لافتا إلى أن أطول نزاع في العصر الحالي يدور في المنطقة العربية. وقال «يكاد يصل عمر هذا النزاع إلى 100 سنة، ونكاد نكسب السبق في طول الصراع وهذا أمر لا يفتخر به».

وقال سعود الفيصل إن «السبب الحقيقي لاستمرار النزاع هو رفض إسرائيل لكل المحاولات التي بذلت للدخول في حل الصراع. الدول العربية بشكل خاص أدت واجبها بتقديم مشروع السلام العربي الذي يعطي إسرائيل الأمن الذي تنشده ويعطي الدول العربية حقوقها باستعادة أراضيها، ولكن لا يُعمل السلام إلا بطرفي النزاع، فإذا كان طرف لا يريد السلام فلن يقوم السلام، وحتى الآن تؤكد إسرائيل في كل محاولة لدعم السلام أنها لا تريد السلام، وهذا أمر يؤسف له حقيقة». وأبرز الأمير سعود الفيصل رؤية بلاده في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. وقال «إن هذه الرؤية تنطلق من احترام أسس الشرعية الدولية. وتطبيق هذه الأسس ينبغي أن يبدأ من إسرائيل المسؤولة الرئيسية عن أطول نزاع في تاريخنا المعاصر وتحديها لقراري مجلس الأمن 242 و338 وتنصلها من أي التزامات دولية، بل وإمعانها في ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية دون وجه حق بإنشاء المزيد من المستوطنات وتوسيع القائم منها وذلك على الرغم من إقرار المجتمع الدولي بعدم مشروعيتها وقانونيتها».

وأشار وزير الخارجية السعودي، إلى أن «حرص الصين العضو الدائم في مجلس الأمن على التعامل مع النزاعات العالمية وفق أطر الشرعية الدولية يتطابق مع الموقف العربي لاستعادة الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة الذي يستند إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، وهو ما نصت عليه مبادرة السلام العربية».

ورأى أن «التفاف إسرائيل على مبادئ الشرعية وتحديها المستمر للقوانين والمبادئ والأعراف الدولية شكل دائما عقبة رئيسية أمام الوصول للتسوية العادلة والدائمة للنزاع في الشرق الأوسط».

وتصدر الملف النووي الإيراني، مباحثات وزيري خارجية السعودية والصين، في الوقت الذي جدد فيه الفيصل تأييد بلاده لجهود مجموعة 5 + 1، التي تشارك بكين في عضويتها.

وقال الفيصل حول المسألة النووية الإيرانية: «لقد عبرت له (الوزير الصيني) عن تأييدنا لجهود مجموعة 5 + 1 التي تشارك الصين في عضويتها والهادفة لحل الأزمة بالحوار وعبر الطرق السلمية وكفالة حق إيران ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعن أملنا في استمرار هذه الجهود وتطلعنا لاستجابة إيران لها، مع حرص بلدينا على خلو منطقة الشرق الأوسط والخليج من كافة أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الأسلحة النووية». وقال وزير خارجية الصين في الموضوع نفسه «إن ملف إيران النووي يجب حله عبر الطرق الدبلوماسية السياسية وهذا يساعد على استقرار الوضع في المنطقة».

واستحوذت كل من تطورات الأوضاع في العراق واليمن، على مباحثات الفيصل ونظيره الصيني، وقال الأمير سعود: «استعرضنا أيضا الوضع في اليمن الشقيق وعبرنا عن حرصنا على نجاح جهود الحكومة اليمنية في تحقيق أمنه واستقراره والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه والنأي به عن أي انتهاك لسيادته من قبل أي طرف خارجي».

وعراقيا، عبر وزير خارجية الرياض عن أمله في أن «تحقق الانتخابات المقبلة تطلعات الشعب العراقي إلى أمن واستقرار العراق والحفاظ على وحدته الوطنية وسلامته الإقليمية وتحقيق نمائه وازدهاره». ومقابل ذلك، قال وزير خارجية الصين، في الموضوع نفسه، إن بلاده «قدمت مساعدات للعراق من خلال خفض الديون وإقامة اتفاقيات بين الشركات الصينية والعراقية للاستثمار في العراق لدعم الاقتصاد العراقي».

وتصادف زيارة وزير خارجية الصين، الذكرى الـ20 لقيام العلاقات السعودية - الصينية، وسط تأكيدات وزيري خارجية الرياض وبكين على تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، حيث يقول الفيصل إن هناك حرصا من القيادتين على تنميتها وتعزيزها في كافة المجالات..

وقال: «إن هذا ما تعكسه الزيارات المتبادلة على المستوى القيادي وحجم التنسيق بين المسؤولين وآخرها انعقاد مجلس الأعمال السعودي - الصيني المشترك بالرياض قبل يومين».

وأضاف: «أود أن أشير إلى أن علاقات التعاون بين بلدينا تسير وفق إطار مؤسسي من خلال العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية وغيرها من المجالات».

وأكد الفيصل أنه تمت مناقشة موضوع مكافحة الإرهاب في إطار موقف البلدين المندد له بكافة أشكاله وصوره وعن أهمية تكثيف الجهود الدولية لمحاربته وتبادل المعلومات وخطورة إلصاق الإرهاب بأي جنس أو دين أو لون.

وأفاد وزير خارجية الصين، بأنه اتفق مع نظيره السعودي، على بذل المزيد من الجهود لتعزيز العلاقة وتوطيدها بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، مشيرا إلى أن التعاون بين البلدين تعاون شامل على كافة المستويات، وأن الصين تحرص دائما على العلاقات السعودية - الصينية وتعمل على تطويرها. ووجه وزير خارجية الصين الدعوة للأمير سعود الفيصل لزيارة الصين وحضور الاجتماع الصيني - العربي الذي تستضيفه الصين هذا العام.

وشهدت الرياض مؤخرا نشاطا سياسيا مكثفا، كان آخره زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الرياض أمس.

وقال الفيصل في رده على سؤال حول زخم الأنشطة التي شهدتها السعودية مؤخرا: «النشاط الذي تذكره أمر اعتيادي وليس جديدا، نحن على اتصال مستمر مع الأشقاء العرب فنحن نتزاور، وهناك أصدقاء، وتبادل زيارات بيننا وبينهم، وربما تبدو في أسبوع من الأسابيع أكثر من الأسبوع الذي قبله، ولكن ليس هناك شيء غير اعتيادي في الاتصالات التي نجريها، ولكن نحن سعداء بشكل خاص بزيارة الوزير الصيني وعلاقاتنا معها استراتيجية، ووجود مسؤول بهذا المستوى من المسؤولين الصينيين يسعدنا ويعطينا فرصة لتناول القضايا المهمة والقضايا التي يسعى البلدان للتأثير عليها».

ورد الفيصل حول الأنباء التي أثيرت بشأن احتمال انضمام الرئيس المصري حسني مبارك إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد في الرياض، وعقد قمة ثلاثية تضم مصر، بالقول: «الزيارة هي زيارة للرئيس السوري ردا على الزيارة التي قام بها خادم الحرمين لسورية، من المؤكد أن المصالحة العربية ستبحث فيها، ولكن متى تحدد اللقاءات هذا عائد للقائدين».