مخاوف لبنانية من حرب إسرائيلية.. وحزب الله لا يخافها ولا يقلل من شأنها

خبير يستبعدها بسبب غياب «السبب الحربي».. ويشبهها برقصة «التانغو»

TT

يعيش لبنان في الآونة الأخيرة تحت وطأة حرب إسرائيلية نفسية تتهدده بشن حرب مدمرة عليه. وتقول تقارير دبلوماسية عدة إن هناك ضربة إسرائيلية محتملة على لبنان في الربيع المقبل على أبعد تقدير، وهي مخاوف يسمعها كثير من القيادات اللبنانية. وعلى وقع ضجيج التحضيرات الإسرائيلية المتزايدة للحرب، خاصة في ظل إعلان إسرائيل عام 2010 عام التدريبات، يجد اللبنانيون أنفسهم مرة جديدة يستحضرون كابوس الحروب الإسرائيلية على لبنان وآخرها ما حصل في عام 2006.

وأبلغت مصادر لبنانية مطلعة «الشرق الأوسط» أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري سمعا خلال زياراتهما الخارجية كثيرا من التحذيرات عن «عمل إسرائيلي» يستهدف لبنان في الفترة المقبلة، وآخرها ما تردد عن تحذيرات تركية في هذا المجال وضعت أمام الرئيس سعد الحريري خلال زيارته أنقرة هذا الأسبوع. علما أن الحريري نفسه كان تلقى في عام 2006 تحذيرات فرنسية عن نية إسرائيل القيام بعمل كبير ضد لبنان إذا حصل أي هجوم ضدها عند الحدود، وهو ما نقله آنذاك إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وقد نقل النائب تمام سلام عن رئيس الحكومة أمس أن جانبا مهما من زيارته إلى تركيا تعلق بما عند القيادة في تركيا من نظرة إلى الأوضاع الإقليمية، لا سيما الوضع في لبنان في مواجهة النوايا الإسرائيلية التي لا تدخر القيادات الإسرائيلية مناسبة لإبرازها واستعمالها في كل مجال ووقت. وأشارت المصادر إلى أن عددا من المسؤولين اللبنانيين لمس قناعة أميركية بأن المدخل إلى السلام قد يكون من خلال الحرب وهو ما قد يكون مؤشرا خطيرا جدا.

ويجري سلاحا الجو والبر في الجيش الإسرائيلي تدريبات على مدار أيام تحاكي هجوما على موقع سوري، وتركز على كيفية التنسيق بين عناصر البر والجو في أرض المعركة ومواجهة السوريين باستخدام مركبات متطورة. كما أجرت قوات الدفاع المدني في الجيش إسرائيلي بالتعاون مع قوات الإنقاذ والخدمات الصحية تدريبا على احتمال تعرض منطقة تل أبيب لهجوم بيولوجي بصواريخ تطلق في اتجاه إسرائيل، أو تنفيذ عملية لتنظيمات معادية وتستخدم فيها مواد بيولوجية. وقالت ممثلة الدفاع المدني إن الجيش بعد حرب لبنان الثانية، اتخذ كل الإجراءات الضرورية لضمان جهوزيته لمواجهة مختلف سيناريوهات الحرب المختلفة، في وقت يكثف فيه تدريباته لضمان أعلى درجة حماية للسكان.

وتحذر تقارير غربية من سيناريو إسرائيلي مشابه للحرب ضد حماس في غزة عندما هاجم الطيران الإسرائيلي بشكل مفاجئ مقرات الشرطة الفلسطينية ودمرها، مشيرة إلى أن الضحية لبنانيا قد تكون الجيش اللبناني الذي يمتلك مراكز وثكنات عسكرية محددة ومعروفة، خلافا لحزب الله الذي يحيط مقراته بجدار من السرية. ولا يبدو حزب الله مستعدا لتأكيد «الخطر»، لكنه لا يسقطه من الحسابات أيضا، ويقول عضو كتلة الحزب النيابية نواف الموسوي لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «لا يتعامل مع هذه التهديدات بقلق، كما لا يتعامل معها باستخفاف». ويقول: «نحن لا نريد العدوان، لكن إذا وقع علينا فلا بد أن نواجهه وأن ندافع عن أنفسنا حياله».

ولفت وزير الزراعة حسين الحاج حسن (حزب الله) وقت دخوله إلى قاعة مجلس الوزراء، وتعليقا على التهديدات الإسرائيلية إلى أنه «يجب الانتباه دائما إلى العدو الإسرائيلي لأن طبيعته عدوانية»، مشيرا إلى أنه «يجب أن لا يوقعنا تحت تأثير الحرب النفسية»، مؤكدا أنه «علينا مواجهته بمقاومتنا ووحدتنا الوطنية».

وفي حين يعتقد السياسيون اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم بوجود «خطر محدق»، يرى الخبراء أن ما يحصل مجرد «فقاعات». وفي حين ذكر أن السفيرة الأميركية في بيروت ميشيل سيسون أكدت أن لا معلومات لدى الإدارة الأميركية حول أي خطة إسرائيلية لشن الحرب، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن التهديدات الإسرائيلية «جدية جدا»، معتبرا أن لدى إسرائيل هدفا في المنطقة هو «ألا يكون هناك استقرار» وأن الهدف الإسرائيلي الحقيقي هو لبنان وليس حزب الله والدليل أنه في كل مرة يكون لدى لبنان فرصة حقيقية للنهوض تأتيه ضربة تعيده سنوات إلى الوراء.

وأبدى يوسف تخوفه من أن يقع لبنان «ضحية للحسابات الإقليمية»، مشيرا إلى أن هناك خلافا إقليميا مع إيران تستغله إسرائيل، ويجب عدم إعطاء الذرائع لها لشن أي حرب على لبنان، سواء من قبل حزب الله أو غيره، حيث إن لإسرائيل القدرة على خلق الذرائع».

أما الخبير الاستراتيجي العميد إلياس حنا، فهو يرى أن الضربة الإسرائيلية للبنان «مستبعدة جدا» في الأفق المنظور، معتبرا أن ضربة مماثلة تحتاج «سببا حربيا» وهذا السبب غير موجود حاليا في جنوب لبنان بسبب القرار 1701 ووجود 12 ألف جندي دولي و15 ألف جندي لبناني. مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القرار 1701 «لم يتآكل إلى حد يسمح بتغيير الأوضاع القائمة في الجنوب بعد وأنه لم يخرق بشكل جدي».

وإذ يعترف حنا بإمكانية قيام إسرائيل باختلاق ذرائع كما حدث في عام 1982 عند إطلاق النار على السفير الإسرائيلي في لندن وقيام إسرائيل بغزو لبنان، فإنه رأى أن الظروف مختلفة الآن بسبب وجود رأى عام أوروبي ضاغط على إسرائيل التي تعاني من انهيار سمعتها في مجال حقوق الإنسان بعد تقرير غولدستون. مكررا أنه لا يوجد «سبب حربي» يسمح لها أو يبرر لها القيام بأي حرب على لبنان. مشددا على أن حربا مماثلة تحتاج إلى سبب قوي جدا وأقوى من إطلاق صواريخ مجهولة المصدر من جنوب لبنان كما حصل في مرات متفاوتة. ورأى أن السبب الكافي قد يكون ردا كبيرا من حزب الله على اغتيال قائده العسكري عماد مغنية، لكنه استبعد ردا مماثلا من الحزب في المدى المنظور.