السودان: بوادر انفجار أزمة في أروقة الحزب الحاكم بسبب الترشيحات للانتخابات

معارك واسعة في دارفور.. وقمة أفريقية خاصة بالسودان في أديس أبابا نهاية الشهر

TT

فجر قرار إعلان مرشحي المؤتمر الوطني بالدوائر القومية ومناصب الولاة في الولايات الشمالية خلافات تنظيمية داخل مؤسسات الحزب، وربما تقود إلى انقسامات في الحزب الحاكم خاصة بعد أن تحدى نائب رئيس المؤتمر الوطني دكتور نافع على نافع أعضاء حزبه من الذين لم يتم اختيارهم في الترشيح عن الحزب في الانتخابات القادمة وأبلغهم خلال مؤتمر صحافي أنهم سيواجهون متاعب إذا أقدموا على خطوة في مواجهة الحزب. وأعلن رئيس المجلس التشريعي في ولاية كسلا بشرق السودان أحمد حامد موسي، الذي ينتمي إلى أكبر القبائل في الشرق (الهدندوة) عن عزمه خوض الانتخابات بصفته مستقلا، وتقدم إلى لجنة الانتخابات بكسلا استمارة التقديم وأبدى استعداد قواعده واستيفائه وأهليته لكافة شروط الترشح مستقلا لمنصب والي كسلا، ورفض التعليق على تجاوز حزبه له على الرغم من تصدره لقائمة الخمسة المرشحين لمنصب الوالي في انعقاد شورى الحزب الشهر الماضي بحصوله على 114 صوتا من جملة 242 صوتا في المؤتمر الاستثنائي. وعلى الرغم من ذلك اختارت لجنة انتخابات الوطني المركزية محمد يوسف آدم مرشحا باسم الحزب لمنصب الوالي، وقال في تصريحات إن قرارات لجنة الانتخابات في الوطني باختيار المرشحين شأن يخصها ولا تعنيه في شيء وأعلن استعداده لخوض واكتساح الانتخابات القادمة.

وكان المركز العام للحزب الحاكم قد استدعى أمس سيد ترك ناظر عموم قبائل الهدندوة وسليمان علي بتاي من قيادات منطقة همشكوريب في شرق السودان التي يمثلها موسى للتفاكر حول خطوة إعلان ترشح الأخير كمستقل. وفي البحر الأحمر كشفت مصادر موثوقة ترشح وكيل ناظر البني عامر السابق، حامد محمد علي، لمنصب الوالي بصفته مستقلا بعيدا عن المؤتمر الوطني، فيما لم يحسم المهندس محمد الأمين كباشي وزير الزراعة السابق أمره بعد حتى مساء أمس الأربعاء وكان قد حصل على المقعد الثاني في ترتيب قائمة مرشحي الوطني لمنصب الوالي في البحر الأحمر. إلى ذلك قال متمردون في دارفور بغرب السودان إنهم هاجموا بلدة تسيطر عليها قوات حكومية في منطقة جبل مرة بغرب البلاد أمس، ردا على قصف الجيش السوداني لمناطقهم وهي خطوة من المُرجح أن تعيق محادثات سلام من المُقرر أن تبدأ الشهر الحالي.

وأعلن جيش تحرير السودان الذي أسسه عبد الواحد محمد النور أنه هاجم مدينة جولو في منطقة جبل مرة ردا على قصف الحكومة لمناطق يسيطر عليها المتمردون هناك وفي منطقة جبل مون الواقعة على الحدود مع تشاد. وقال القيادي في حركة جيش تحرير السودان بزعامة نور، إبراهيم الحلوان، إن الحكومة السودانية بدأت بقصف في جبل مون وجبل مرة، وأضاف أن جيش تحرير السودان هاجم جولو صباح يوم الأربعاء وأن إصابات وقعت في صفوفه كما أن إصابات كثيرة وقعت في صفوف قوات الحكومة. ولا توجد قوات تابعة لمهمة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، لكنها قالت إن عاملين في مجال المساعدات لجأوا إلى مقرها هربا من تبادل إطلاق النار.

من جهته قال الناطق باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين آدم لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الحكومي ظل يقصف منطقة جبل مون في ولاية غرب دارفور لأكثر من أسبوع وإن سكان المنطقة تعرضوا للقصف وهربوا إلى الحدود مع تشاد وحالتهم الإنسانية صعبة للغاية، وتابع «تركوا منازلهم ويعانون من الجوع والعطش وقطعوا مسافات طويلة للوصول إلى شرق تشاد»، مشيرا إلى وجود خسائر بشرية وسط المدنيين لكنه قال إنها لم يتم حصرها بعد إلى جانب نفوق الكثير من الحيوانات، وقال إن الحكومة كانت بدأت في تحريض قيادات كانت تتبع لها لشن هجوم على مواقع الحركة ولكن تلك القيادات رفضت وانضمت إلى حركة العدل والمساواة، وتابع «هذا الهجوم من الحكومة يأتي انتقاما من القيادي الدش الذي ينتمي إلى قبيلة المحاميد العربية التي يتزعمها موسى هلال وكانوا يتبعون للميليشيات الحكومية وانضموا الآن إلى حركتنا».

من جهة أخرى كشفت مصادر مطلعة أن الرئيس التشادي إدريس ديبي قال إنه غير مقتنع بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية، للسيطرة على المتمردين التشاديين في دارفور، وطلب منها المزيد قبل تطبيع العلاقات بين البلدين، وأضافت المصادر أن ديبي رحب بتطبيع العلاقات بين البلدين على أن تكون سياسية وليست أمنيه، وقالت إنه طالب الخرطوم بإنفاذ تعهداتها أولا لتأكيد مصداقيتها، وكشف عن تأجيل زيارة مرتقبة لوزير الخارجية التشادي موسى الفكي إلى السودان إلى حين اتخاذ السودان الإجراءات المطلوبة. وتوقعت المصادر وصول مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور دكتور غازي صلاح الدين إلى إنجمينا اليوم (أمس) قادما من طرابلس، وقالت إنه يحاول إنقاذ الاتفاق المبدئي حول الإجراءات الأمنية بين البلدين.

وقالت المصادر إن الرئيس ديبي أبلغ الوفد السوداني الذي زار إنجمينا برئاسة الدكتور غازي صلاح الدين، برغبته في نزع سلاح المعارضة التشادية الموجودة في منطقة الصياح، وإبعادها من دارفور نهائيا، بجانب طرد قيادات المعارضة من السودان، كما أبلغ ديبي رئيس المخابرات السوداني الذي كان ضمن الوفد، عدم ارتياحه من وجود المتمردين في منطقة الصياح، مشيرا إلى أنه ذات المكان الذي انطلق منه بقواته عندما أطاح بالرئيس حسين هبري في التسعينات، وقالت المصادر إن ديبي رفض التوقيع على اتفاق التطبيع وطالب بتأجيله إلى حين تنفيذ الخرطوم لتلك المطالب، وقالت إن ديبي سيشارك في قمة يعقدها الاتحاد الأفريقي خاصة بالسودان نهاية الشهر الحالي في أديس أبابا.