زلزال مدمر يخلف عشرات آلاف القتلى في هايتي.. ودعوة المجتمع الدولي للمساعدة

انهيار مباني الرئاسة والبرلمان والأمم المتحدة.. وقتلى ضمن جنود حفظ السلام بينهم 3 أردنيين

سكان يتجمعون حول مبان دمرها الزلزال في شارع رئيسي بعاصمة هايتي، بورت أوبرنس، أمس (أ.ب)
TT

خلف زلزال مدمر ضرب هايتي، الليلة قبل الماضية، عشرات آلاف القتلى وتسبب في انهيار عدة بنايات بدءا بقصر الرئاسة وانتهاء بالبرلمان والمدارس والمستشفيات، مما دفع هذه الدولة الواقعة في منطقة الكاريبي إلى طلب المساعدة الدولية.

وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن هذا هو أقوى زلزال يهز هايتي منذ أكثر من قرنين. وعبر رئيس البلاد رينيه بريفال عن خشيته من أن يكون الزلزال قد تسبب في مقتل الآلاف. وقال في حديث صحافي إن المشهد في العاصمة بورت أوبرنس «لا يمكن تخيله. مبنى البرلمان انهار، وكذا مبنى الضرائب، وعدة مدارس ومستشفيات». وتسبب الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات في انهيار مبنى الأمم المتحدة المؤلف من خمسة طوابق، ومقتل عاملين فيه.

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام إنه تم انتشال عدة جثث من بين أنقاض مقر الأمم المتحدة الذي انهار، مقدرا عدد جثث موظفي الأمم الذين عثر عليهم في المقر «بأقل من خمسة إلى الآن». وقال المسؤول ألين لو روي للصحافيين إنه جرى انتشال أقل من عشرة أشخاص، «بعضهم قتلى وبعضهم أحياء»، من بين الأنقاض، لكنّ الكثيرين لا يزالون تحتها.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال في وقت سابق إن من بين المفقودين هيدي أنابي رئيس بعثة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية في هايتي، لكنه لم يستطع تأكيد تقارير أفادت مقتل أنابي. وقال إن ما يتراوح بين 100 و150 شخصا كانوا في المبنى عندما ضربه الزلزال.

وعبر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن خشيته من أن يكون جميع من كانوا داخل مقر الأمم المتحدة في هايتي قد لقوا حتفهم بسبب الزلزال. وقال كوشنير لإذاعة «آر تي إل»: «أتحدث قريبا مع الرئيس بريفال الذي انهار قصره الرئاسي ولكنه خرج منه».

وضرب الزلزال في الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، أي العاشرة ليلا بتوقيت غرينتش. وسجل مركز الزلزال على بعد 16 كيلومترا من العاصمة التي يبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة، وهزت توابع وصلت قوتها إلى 5.9 درجة المدينة طول الليلة قبل الماضية وحتى صباح أمس.

وقال خبراء إن مركز الزلزال كان على عمق 10 كيلومترات فقط، الأمر الذي جعل الدمار قويا. وروت وكالة «رويترز» كيف تجمع ناجون تلطخوا بالدماء وقد أصابهم الذهول في العراء. ونقلت الوكالة عن رشماني دومرسانت مدير العمليات في مؤسسة «الطعام للفقراء» الخيرية قوله: «الآلاف من الناس يجلسون في الشوارع ولا يجدون مكانا يذهبون إليه. الناس يجرون ويصرخون ويصيحون». وتابع أنه في ضاحية بتيونفيل لم يرَ أثرا للشرطة أو مركبات الإنقاذ. وذكر شهود عيان أنهم رأوا منازل وأكواخا مقامة على التلال تتداعى مع اهتزاز الأرض.

وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن الاتصالات العادية قُطعت، وإن الطريقة الوحيدة للاتصال بالناس على الأرض يكون بالهواتف التي تعمل عبر الأقمار الصناعية. وقال آلان لو روي قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إن المبنى الرئيسي للأمم المتحدة في بورت أوبرنس انهار، مضيفا للصحافيين: «لا نعلم عدد الناس الذين كانوا في المبنى». ويتمركز هناك نحو تسعة آلاف من رجال الشرطة والجنود التابعين للأمم المتحدة للحفاظ على النظام. وأضاف إدموند موليه نائب لو روي أن ما بين 200 و250 شخصا يعملون في مبنى الأمم المتحدة خلال ساعات العمل العادية.

وأدت مشكلات في الاتصالات إلى بطء وصول تقارير عن الضحايا والأضرار. ولكونها أفقر دولة في الأميركتين فإن هايتي غير مجهزة بشكل جيد للتعامل مع مثل هذه الكوارث. وفي مقابلة مع قناة «سي إن إن» الأميركية قال ريموند ألسيدي جوزيف سفير هايتي في واشنطن: «أناشد العالم، خصوصا الولايات المتحدة، أن يفعل معنا ما فعله عام 2008 عندما ضربت أربعة أعاصير هايتي. آنذاك أرسلت الولايات المتحدة سفينة مستشفى قبالة ساحل هايتي. أتمنى أن تفعل ذلك ثانية وتساعدنا في مثل هذا الموقف الرهيب». وتابع قائلا: «أطلب من أبناء هايتي في الخارج العمل معا وبذل قصارى الجهد بشكل منسق لمساعدة سكان هايتي».

وأعلنت القوات المسلحة الأردنية عن مقتل ثلاثة وإصابة 21 من عناصرها العاملة ضمن قوات حفظ السلام في هايتي إثر الزلزال. وتحدث بيان صحافي عن مقتل الرائد عطا عيسى حسين المناصير والرائد أشرف علي محمد الجيوسي والعريف رائد فرج مفلح الخوالدة وإصابة 21 من أفراد القوات المسلحة، مشيرا إلى أن إصابات جميع هؤلاء خفيفة. وأوضح البيان أن الجهات المختصة تقوم بالاتصال مع قيادة قوات حفظ السلام الأردنية في هايتي للوقوف على آخر المستجدات. يشار إلى أنه قتل خمسة ضباط عسكريين أردنيين من قوات حفظ السلام في تحطم طائرة للأمم المتحدة في هايتي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كذلك قال الجيش البرازيلي إن أربعة من جنوده العاملين في بعثة حفظ السلام قتلوا، كما فُقد عدد كبير من الجنود إثر الزلزال.

وقال بنك التنمية للدول الأميركية إنه سيقدم معونة فورية طارئة قيمتها 200 ألف دولار. أما البنك الدولي فعبر عن استعداده لإرسال فريق إلى هايتي لتقييم حجم الأضرار، مضيفا أن مكاتبه المحلية دمرت، إلا أن معظم موظفي البنك مصيرهم معروف. وذكر خفر السواحل الأميركي في ميامي أنه تمت تعبئة زوارق وطائرات في مواقع قريبة من هايتي لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة.

بدوره أعلن مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بيان أن فرنسا سترسل خدمات إغاثة لمساعدة العمليات في هايتي والعثور على المواطنين الفرنسيين هناك. أما منظمة «أطباء بلا حدود» فقالت في بيان إن مرضى وعاملين أصيبوا في المستشفى التابع لها، والذي يضم 60 فراشا في بورت أوبرنس. وأضافت أنها والصليب الأحمر الدولي سيرسلان تعزيزات لمنطقة الكارثة.