ضحايا الزلزال يريدون الإغاثة العاجلة.. وزعماء العالم يتعهدون بالملايين

أوباما يخصص 100 مليون دولار * وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان قطعا جولتيهما بالخارج * عمليات نهب في الشوارع

TT

انتظر سكان هايتي، أمس، بقلق وصول الإغاثة من مؤن وأدوية، بينما انتشرت الجثث والأنقاض في شوارع العاصمة بورت أوبرنس، إثر زلزال الثلاثاء المدمر، الذي قد يخشي كثيرون من أنه قد يكون خلف أكثر من 100 ألف قتيل.

وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، عن مساعدة فورية بقيمة 100 مليون دولار لهايتي، مؤكدا وضع كل إمكانات الولايات المتحدة في خدمة هذا البلد، وقال أوباما: «أقول بوضوح وثقة لشعب هايتي، لن نتخلى عنكم، لن ننساكم»، وكان يتحدث في البيت الأبيض، في ثاني خطاب حول أزمة هايتي، بحضور كبار مستشاريه ومسؤولي الإدارة، وبينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع روبرت غيتس، اللذان قررا قطع زياراتهما الخارجية، والعودة إلى واشنطن على إثر الزلزال.

وأعلن أوباما أنه أوضح لكبار مسؤوليه المدنيين والعسكريين أن «هايتي يجب أن تكون أولوية بالنسبة لدوائرهم ووكالاتهم الآن، هذه من اللحظات التي تنادي لقيادة أميركية»، وقال أوباما في خطاب مؤثر: «من أجل مواطنينا في هايتي، ومن أجل شعب هايتي الذي عانى الكثير، ومن أجل إنسانيتنا المشتركة نقف بتضامن مع جيراننا في الجنوب»، ويذكر أن هناك 45 ألف مواطن أميركي في هايتي، ولم يحدد بعد عدد القتلى والمصابين بينهم، واعتبر أوباما أن «الرد على كارثة بهذا الحجم سيتطلب كل جزء من قدرتنا الوطنية، ودبلوماسيتنا والمساعدة التنموية وقوة جيشنا»، وتسعى الولايات المتحدة إلى العمل مع دول ومنظمات أخرى، لتأمين وصول المساعدات والأجهزة على مدار الساعة، إضافة إلى توصيل المساعدات الطارئة مثل المياه والدواء.

وبعد حديثه عن الجهود على الأرض، توجه أوباما برسالة مباشرة إلى شعب هايتي، قائلا: «قلائل في العالم عانوا من الذين عانيتموه، وقبل هذه المأساة كانت الحياة اليومية عادة تتسم بصراع مرير».

من جهتها، أجرت هيلاري كلينتون، التي قرر زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون التوجه إلى هايتي، أول من أمس، سلسلة من المقابلات التلفزيونية، حول أزمة الزلزال، وأعلنت أن حملة جمع التبرعات التي أطلقتها وزارة الخارجية مع لجنة الصليب الأحمر قد جمعت 3 ملايين دولار خلال 24 ساعة، وأضافت كلينتون في مقابلة مع قناة «إم إس إن بي سي» أن جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول الأخرى في غاية الأهمية الآن؛ لأن حكومة هايتي غير قادرة على العمل الآن، بسبب الضرر الكبير الذي عانت منه.

من جانبه، أعلن المدير العام لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستروس، أمس، أن المؤسسة ستقدم لهايتي «على وجه السرعة» مساعدة بقيمة 100 مليون دولار، كما أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، أن وزراء التنمية في الاتحاد سيعقدون اجتماعا طارئا الاثنين المقبل، لبحث أفضل الطرق لمساعدة هايتي.

وأظهر الدمار الكبير الذي خلفه الزلزال، ومن ذلك انهيار قصر الرئاسة ومبنى البرلمان، حالة العجز التي تواجهها المؤسسات الهايتية، بينما أعلن أن الكثير من أعضاء الحكومة في عداد المفقودين، ودمر الزلزال مؤسسات رئيسية بينها منشآت كهربائية، ما أغرق المدينة التي تعد نحو مليوني نسمة في الظلام، والبلد الذي يعد الأفقر في القارة الأميركية في بؤس أشد حدة.

وخلف الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات، والذي لم تشهد له البلاد مثيلا منذ أكثر من قرنين، عددا لا يحصى من الجثث، ما أثار مخاوف من أن تكون حصيلة الخسائر البشرية مروعة، وأعرب رئيس وزراء هايتي، جان ماكس بيلريف، عن خشيته من أن تتجاوز حصيلة قتلى الزلزال 100 ألف قتيل.

وبعد يومين على الزلزال، بقي سكان بورت أوبرنس، أمس يفتقرون إلى كل شيء، وأفاد متحدث باسم منظمة غير حكومية برازيلية تعمل في مجال التنمية الاجتماعية في هايتي، بأن عمليات نهب وإطلاق نار تجري في شوارع العاصمة بورت أوبرنس التي دمرها زلزال عنيف، وكتب فالمير فاشيني المتحدث باسم منظمة «فيفا ريو» في رسالة إلكترونية وجهها لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا نرى للأسف قوة السلام الدولية في الشوارع، نسمع طلقات نارية كثيرة، من دون أن يكون في وسعنا تحديد مصدرها، بدأت عمليات النهب في السوبرماركت التي انهارت جزئيا».

وتابع الناطق باسم المنظمة، التي توظف 400 هايتي في عمليات تنفذها في مجال التنمية الاجتماعية في هذا البلد، «ما نخشاه هو أن يبدأ السكان فيما بعد بنهب البيوت إذا لم تصل المواد الغذائية»، وتابع «أن الطلقات النارية متواصلة، ويخيل إلينا أنها عائلات تحاول أن تحمي نفسها من المهاجمين»، وأوضح أن الأسواق لم تعد حاليا مزودة بالمواد الغذائية.

بدوره، قال الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى هايتي: «بعض الأشخاص يموتون من البرد والجفاف أو بسبب إصابات كان يمكن علاجها بسهولة»، وأضاف أن عمليات الإغاثة يجب أن تركز في مدة من 10 إلى 15 يوما على توفير الحاجات الأساسية مثل الغذاء والماء والمأوى والإسعافات الأولية.

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى أن الزلزال يتطلب جهود إغاثة كبيرة قد يحتاجها 3 ملايين منكوب، مضيفا أنه سيزور منطقة الكارثة «في أسرع وقت ممكن»، ودفعت الأمم المتحدة نفسها ثمنا فادحا لهذه الكارثة، حيث دمر مقر مهمة الأمم المتحدة للاستقرار في هايتي، وقتل في الزلزال 36 من أفرادها، وأعلن 150 منهم في عداد المفقودين.

وتم حشد إمكانات عسكرية هائلة في موقع الكارثة، وتجري تعبئة ضمن المجموعة الدولية، وفي طليعتها الأمم المتحدة لمساعدة الضحايا، وحطت طائرة تابعة لشركة «ايسلاندر» محملة بالمؤن، مساء أول من أمس، في مطار العاصمة، تلتها طائرة شحن عسكرية كندية وطائرتان أميركيتان، وفي الوقت الذي وعد فيه الرئيس أوباما بتدخل أميركي «سريع ومنسق ونشط»، وصلت سفينة تابعة لحرس الحدود، الليلة قبل الماضية، إلى خليج بورت أوبرانس تلتها سفينة ثانية، وكان يتوقع وصول حاملة طائرات نووية أميركية أمس.

كذلك، كان مقررا أن يتوجه وزير الدولة الفرنسي للتعاون، ألان جويانديه، مساء أمس، إلى هايتي، وأقلعت 3 طائرات عسكرية فرنسية إيرباص إيه - 310، أول من أمس من المارتينيك وجنوب فرنسا، لنجدة الضحايا، ويتوقع وصول منقذين فرنسيين وكنديين وفنزويليين وتشيليين ترافقهم كلاب مدربة، ليحاولوا في سباق ضد الساعة العثور على ناجين محتملين.

وأعلن وزير التنمية الدولية البريطانية، دوغلاس ألكسندر، أن بريطانيا ستتبرع بـ6 ملايين جنيه إسترليني (9.75 مليون دولار)، موضحا أن المبلغ «سيستخدم للمساعدة الإنسانية»، كذلك، سترسل إندونيسيا التي تتعرض بانتظام لكوارث طبيعية، فريقا من 75 منقذا وطبيبا، وأعلنت اليابان، هي الأخرى منح 5 ملايين دولار من المساعدات، كما تعهد البنك الدولي بتخصيص 100 مليون دولار إضافية، وأكد رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي، الخميس، في برقية تعزية بعث بها إلى نظيره في هايتي، جان ماكس بيلريف، عن «استعداد الأردن لتقديم الدعم والمساعدات اللازمة لحكومة هايتي لتخطي آثار هذه الكارثة»، وعمل جنود أردنيون تابعون لقوات حفظ السلام العاملة في هايتي، أول من أمس، على إصلاح مدرج مطار بورت أوبرنس؛ تحضيرا لهبوط طائرة أردنية محملة بمساعدات إنسانية تنقل فريقا طبيا كان يتوقع أن تغادر الأردن مساء أمس.