بديع يتسلم منصب مرشد إخوان مصر بتأكيد أنهم ليسوا خصوما للنظام

أكد وحدة الجماعة في مؤتمر صحافي غاب عنه حبيب وأبو الفتوح

محمد بديع يقبل رأس مرشد «الإخوان» السابق، محمد مهدي عاكف، في المؤتمر الصحافي الذي عقد في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر رسميا، أمس، تنصيب الدكتور محمد بديع مرشدا عاما للجماعة لمدة ست سنوات قادمة.

وفي مؤتمر صحافي عقد بمقر الكتلة البرلمانية للجماعة بحي منيل الروضة (غرب القاهرة)، حرص المرشد الجديد للإخوان على توجيه عدة رسائل سياسية حاسمة، أولاها لأعضاء الجماعة وتتعلق بتأكيد وحدة الإخوان، والثانية للقوى السياسية في البلاد، موضحا أن الجماعة تمد يدها للجميع، والرسالة الثالثة كانت من نصيب الحكم، حيث شدد بديع على أن الإخوان ليسوا خصوما للنظام، لكنهم في الوقت ذاته لن يترددوا في الكشف عن الفساد. وقال عاكف في نهاية رسالة وجهها للإخوان المسلمين أمس بمناسبة انتهاء مدة ولايته وبدء ولاية المرشد الجديد «تم اختيار الدكتور محمد بديع مرشدا عاما، بإجماع أعضاء مجلس شورى الجماعة العام». وعقب الإعلان ردد الحضور من قيادات وكوادر الجماعة هتاف «الله أكبر ولله الحمد» خلف الدكتور حمدي حسن، أمين إعلام الكتلة البرلمانية للجماعة.

وفي المؤتمر الذي غاب عنه أبرز قيادات الجماعة، وعلى رأسهم الدكتور محمد حبيب، النائب الأول للمرشد المستقيل من مناصبه، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد السابق، حرص بديع في لحظة وصفها بأنها «غير مسبوقة» على طمأنة الحضور على وحدة الإخوان.

وقال في كلمة ألقاها عقب إعلان تنصيبه، بدأها محتدا على جموع الإعلاميين الذين تسابقوا إلى تسجيل لحظة مصافحته لعاكف بعد تنصيبه، في حضور أعضاء مكتب الإرشاد، والقيادات التاريخية للجماعة «تعلمون جميعا أن هدف الإخوان الأسمى هو الإصلاح الشامل الكامل، الذي يتناول الأوضاع الحالية بالإصلاح والتغيير، بالتعاون مع كل قوى الأمة المخلصة».

وتابع بديع «أقول في البداية للذين يتحدثون عن وحدة الجماعة وتماسك صفها: إن الذين يعملون لربهم ولدينهم ولأوطانهم بإخلاص لا يمكن إلا أن يكونوا صفا واحدا، وإن تنوعت آراؤهم، وتفاوتت بعض اجتهاداتهم، ولا يعرف الإخوان على حقيقتهم من يتصور أن اختلاف الرأي بينهم يمكن أن يفسد الود، أو يؤثر في صدق الحب، وقد عاهدنا وبايعنا جميعا ربنا عز وجل أن نعمل في سبيله صفا كالبنيان المرصوص».

وأضاف المرشد الجديد للجماعة «يعمل الإخوان بالحب والأخوة طبقا لأعراف مستقرة ولوائح وقواعد منظمة لعمل الجماعة، وهذه بالضرورة محل مراجعة وتطوير مستمر، لاستدراك الأخطاء البشرية والقصور الإنساني، في مرونة لا تناقض الثوابت، ولا تنقض المبادئ، والإخوان في هذا الصدد يقبلون النصيحة ويستفيدون الحكمة من الجميع».

وبدا واضحا حرص المرشد الجديد على حسم الجدل الذي سبق الإعلان عن تنصيبه، فيما يتعلق بتوجهاته الدعوية، والتي رأى الخبراء أنها سوف تؤثر على مشاركة الجماعة في الحياة السياسية. حيث أكد بديع أن الجماعة تؤمن بالتدرج في الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه.

وتابع «ولذلك نرفض العنف وندينه بكل أشكاله سواء من جانب الحكومات أو من جانب الأفراد، أو الجماعات أو المؤسسات».

وقال بديع «يرى الإخوان المسلمون أن نظام الحكم يجب أن يحافظ على الحريات الشخصية والشورى أو (الديمقراطية) واستمداد شرعية السلطة من الأمة وتحديد السلطات والفصل بينها وهم لا يعدلون بذلك بديلا، ومن هذا المنطلق فهم يشاركون في الانتخابات العامة، ويطالبون بإصلاح الحكم من خلال الوسائل السلمية المتاحة، ومنها العمل البرلماني، والأهلي، ويعتبرون ذلك واجبا يمليه عليهم فهمهم لدينهم وإخلاصهم لوطنهم».

وعن الموقف من النظام المصري أكد بديع أن الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام خصوما له (النظام القائم في مصر)، وأوضح أن الإخوان لا يترددون أبدا في الكشف عن الفساد في كل المجالات، ولا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم المقترحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا. وتابع بديع «يرى الإخوان أن المواطنة أساسها المشاركة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات، مع بقاء المسائل الخاصة (كالأحوال الشخصية) لكل حسب شريعته ومنهاجه».

وعن القوى الإسلامية والقومية والوطنية والأحزاب السياسية والنخب الفكرية والثقافية، أكد بديع أن الإخوان يؤمنون تماما أن الجميع لا بد أن يكونوا شركاء في النهضة والإصلاح. وقال إن الإخوان «يمدون أيديهم للجميع، ويرفضون إقصاء أحد أو استثناء أي هيئة أو تهميش أي دور، ويقبلون بتعدد الأحزاب، ووجوب إطلاق تكوينها بلا قيود ما دامت في إطار الدستور، ويؤمنون بتداول السلطة عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة، فالأمة مصدر السلطة، وإصلاحها مسؤوليتنا جميعا بلا إقصاء ولا استثناء».

والجماعة التي تم حظرها قانونا عادت للحضور على الساحة السياسية في السبعينات، بعد أن سمح لها الرئيس الراحل أنور السادات بالعمل السياسي بشكل غير رسمي، وأصدرت وقتها مجلتها الشهيرة «الدعوة»، في محاولة منه لمواجهة الفكر الاشتراكي، لكن هذه المرحلة انتهت أيضا بصدام بين الجماعة والدولة خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وانتهى المشهد باغتيال الرئيس على يد الجماعة الإسلامية عام 1981، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من العلاقات المتوترة بين الدولة والجماعات الإسلامية أو تيار الإسلام السياسي وعلى رأسه جماعة الإخوان، وتظل العلاقة تخضع لمعادلات الشد والجذب.. وتنفتح الجماعة بعناصر وكوادر جديدة على العمل السياسي العام، حيث تدخل الانتخابات البرلمانية عن طريق الأحزاب تارة (حين كان الانتخاب بالقائمة النسبية وحصلت فيها الجماعة مع تكتل أحزاب الوفد والعمل والأحرار على 58 مقعدا)، ومنفردة تارة أخرى.. وفي كل الأحوال كانت الفائز الأكبر من بين المعارضين في مواجهة الحزب الحاكم، حيث حصلت على 17 مقعدا في انتخابات 2000، و88 مقعدا في انتخابات 2005، وتترقب الساحة السياسية ما ستحصل عليه في الانتخابات التي ستجرى نهاية هذا العام 2010، على يد مرشدها الجديد الدكتور محمد بديع.