طالبان باكستان توزع تسجيلا بصوت محسود: لم أصب في الغارة الأميركية

خبراء أمن يشككون.. واتفاق تعاون استخباراتي باكستاني - إيراني – أفغاني

قرويون باكستانيون يتفقدون الدمار الذي خلفه انفجار في مستوصف حكومي في سلطان خيل بمنطقة خيبر الحدودية مع افغانستان أمس (أ ب)
TT

أصدرت حركة طالبان الباكستانية أمس شريطا جديدا ينفي فيه زعيمها حكيم الله محسود أن يكون قتل في غارة صاروخية أميركية.

وفي الشريط يؤكد محسود أنه لم يكن موجودا في المنطقة عندما أصابت صواريخ أميركية تجمعا سكنيا في منطقة وزيرستان ويسمع محسود في التسجيل الصوتي وهو يقول «أنا بخير ولم أصب».

وتم بث هذه الرسالة بعد عدة ضربات صاروخية نفذتها طائرات أميركية من دون طيار في المناطق القبلية شمال غربي باكستان وأوقعت 15 قتيلا على الأقل، وأعلن على إثرها بعض المسؤولين الأمنيين أن محسود بين القتلى.

وكانت حركة طالبان الباكستانية وزعت الجمعة تسجيلا صوتيا تعلن فيه أن زعيمها على قيد الحياة، لكن من دون ذكر الغارات الأميركية.

من جانبه، قال ريتشارد هولبروك المبعوث الأميركي لأفغانستان وباكستان، خلال زيارة لكابل، إن الإدارة الأميركية لا تعلم إن كان حكيم الله محسود قد قتل هذا الأسبوع بصواريخ أميركية.

وقال هولبروك للصحافيين «استمعت إلى كل ما يمكن الاستماع إليه لكني لا أعرف». وأضاف «إن كان حيا، فإنه من أسوأ الأشخاص وأكثرهم كراهية في العالم».

وحكيم الله محسود البالغ من العمر 30 عاما يقود منذ نهاية أغسطس (آب) حركة طالبان باكستان التي أعلنت مبايعتها لتنظيم القاعدة. وهذه الحركة مسؤولة منذ صيف 2007 عن موجة اعتداءات غالبيتها انتحارية، خلفت نحو ثلاثة آلاف قتيل في باكستان.

وحسب صحافيين باكستانيين على معرفة بمحسود فإن الصوت الذي ظهر في التسجيل يبدو أنه لزعيم طالبان باكستان. وتلقى كثير من وسائل الإعلام المتواجدة في بيشاور نسخة من التسجيل ولا يوجد تاريخ على التسجيل مما دعا بعض خبراء الأمن إلى القول إنه قد يكون قد سجل قبل الضربات. وواجهت طالبان باكستان موقفا مشابها في أغسطس 2008 عندما ظلت تنفي أن يكون زعيمها وقتها بيت الله محسود قد قتل على الرغم من أن وسائل الإعلام الباكستانية كان لديها صور لجثته. ويقول خبراء الأمن إن طالبان باكستان قد تكون سجلت عدة أشرطة سابقا لتفادي نزاع كالذي نشب عند مقتل بيت الله محسود على خلافته.

من جهة أخرى أعلن أمس أنه تم الاتفاق على اجتماع لمسؤولي استخبارات باكستان وأفغانستان وإيران الشهر المقبل في طهران لصياغة استراتيجية مشتركة لمواجهة خطر الإرهاب في المنطقة.

وأعلن ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزراء خارجية البلدان الثلاثة في إسلام آباد أمس. وقال بيان مشترك إن الدول الثلاث تريد دعم جهود مكافحة الإرهاب عبر المشاركة في معلومات الاستخبارات والتعاون على مستوى إقليمي. وسترفع الاستراتيجية المشتركة بعد ذلك إلى قيادات البلدان الثلاثة تمهيدا لعقد قمة في إسلام آباد.

وقد أكد وزيرا خارجية إيران وباكستان ضرورة تبني توجه إقليمي لحل الأزمة في أفغانستان، وانتقدا تدخل القوى العظمى واستخدام الحلول العسكرية في هذا الشأن. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الذي وصل إلى باكستان في وقت سابق أمس للمشاركة في الاجتماع الثلاثي بين إيران وباكستان وأفغانستان، التقى في إسلام آباد نظيره الباكستاني شاه محمود قريشي.

وأوضح متقي أن البعض كان يتصور أن الأسلوب العسكري وعمليات التدخل يمكن أن تحل مشكلات أفغانستان، مؤكدا أن العالم وصل اليوم إلى نتيجة مفادها أن هذه المعضلة لا تحل إلا عن طريق الحوار والتوجه الإقليمي.

وأشار متقي إلى انتشار الإرهاب والتطرف، من أفغانستان إلى باكستان والمنطقة، مؤكدا أن الإرهاب لا يعرف حدودا «وهذا الأمر لا ينحصر في نطاق المنطقة»، كما اعتبر أن الخطوات التي تقوم بها بعض القوى في هذه القضية تأتي «استمرارا لنهجها الفاشل الذي سلكته في السابق». وأكد الوزير الإيراني أن موقف بلاده يؤكد ضرورة الاستفادة من الإمكانات الإقليمية لحل قضية أفغانستان، داعيا دول المنطقة إلى القيام بخطوات عملية للمساعدة في حل هذه القضية. من جانبه، أشار وزير الخارجية الباكستاني إلى العلاقات العريقة التي تربط بين بلاده والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووصف نتائج القمة الثلاثية الأولى التي عقدت في طهران بين قادة إيران وباكستان وأفغانستان بأنها مهمة، مؤكدا استعداد إسلام آباد لاستضافة القمة الثانية لهذا الاجتماع.

وشدد قريشي على ضرورة تبني توجه إقليمي لتسوية الأزمة في أفغانستان، موضحا أن إيران وباكستان تتحملان، أكثر من أي بلد آخر، تبعات الأزمة في أفغانستان لا سيما فيما يتعلق بانعدام الأمن واللاجئين.

واستمر اللقاء بين متقي وقريشي بشكل ثلاثي، بعد انضمام وزير الخارجية الأفغاني رانجين دادفار سبانتا.

على صعيد آخر قال مسؤولو أمن باكستانيون إن مفجرا انتحاريا هاجم مركبة عسكرية في الجزء الباكستاني من إقليم كشمير أمس فأصاب جنديين.

وكان مسؤولون عسكريون ذكروا في وقت سابق أن جنديين قتلا وأصيب أربعة لكنهم قالوا لاحقا إن معلوماتهم كانت غير صحيحة وأن الانفجار لم يسفر سوى عن إصابة جنديين.

ولم يشهد الجزء الباكستاني من إقليم كشمير المتنازع عليه منذ سنوات أعمال عنف للمتشددين الإسلاميين لكن عدة هجمات وقعت هناك خلال العام الماضي.

وأذكى العنف مخاوف من أن متشددي طالبان الباكستانية الذين يقاتلون الدولة يحاولون توسيع نطاق حملتهم من معقلهم في الشمال الغربي على الحدود الأفغانية بهدف إنهاك قوات الأمن.

وقال المسؤولون إن الانتحاري هاجم المركبة خلال سيرها في القطاع الجنوبي من كشمير قرب بلدة روالاكوت قرب الحدود الفعلية مع الهند.

وذكر مسؤول عسكري رفض نشر اسمه لـ«رويترز» «قفز رجل على مركبة عسكرية عند منعطف في طريق. قتل جنديان وأصيب أربعة». وتواجه باكستان ضغوطا أميركية لمحاربة متشددي طالبان الأفغانية في المناطق الحدودية التي تشهد غيابا للقانون حيث إنهم يتسللون إلى أفغانستان لقتال القوات التي تقودها الولايات المتحدة هناك في حين تلاقي إسلام آباد أيضا صعوبة في قتال تمرد طالبان الباكستانية.

واشتد عنف المتشددين منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) عندما بدأ الجيش هجوما ضد طالبان الباكستانية في معقلها في وزيرستان الجنوبية على الحدود الأفغانية.