انتخابات الرئاسة الأوكرانية اليوم.. استفتاء على سنوات حكم «الثورة البرتقالية»

18 مرشحا يخوضون الانتخابات.. وروسيا تعلن أنها تراقب جارتها عن كثب

TT

يلف الغموض مستقبل أوكرانيا عشية انتخابات رئاسية اليوم، يتوقع أن تكون نتائجها مصيرية وحاسمة للعلاقات مع جيرانها الأوروبيين وروسيا، ولمستقبل هذا البلد الذي يعاني بشدة من الأزمة الاقتصادية. ولئن كان فيكتور يانوكوفيتش، المعارض المقرب إلى روسيا، يبدو الأقرب بين المرشحين الـ18 في الدورة الأولى من الانتخابات للثأر من خصميه السابقين في الثورة البرتقالية لعام 2004، الرئيس المنتهية ولايته فيكتور يوشينكو، ورئيسة وزرائه يوليا تيموشنكو، فإن ما سيأتي لاحقا غير واضح. ومن دون استبعاد مفاجأة من جانب مرشح غير بارز كثيرا، مثل المصرفي السابق سيرغي تيغيبكو، فإن أغلب الخبراء واستطلاعات الرأي يتوقعون دورة ثانية بين يانوكوفيتش وتيموشنكو. بيد أن نتيجة هذه المواجهة التي يفترض أن تتم في 7 فبراير (شباط)، غير واضحة. ويخوض انتخابات اليوم 18 مرشحا، يتصدرهم نجما «الثورة البرتقالية»: الرئيس الحالي فيكتور يوشينكو، ورئيسة حكومته يوليا تيموشنكو، إلى جانب خصمهما القديم فيكتور يانوكوفيتش، زعيم «حزب الأقاليم»، الذي يعتبره الكثيرون المرشح الأوفر حظا في هذه الانتخابات. وتقف روسيا من هذه الانتخابات بوصفها الحاضر الغائب، الذي يشغل حيزا كبيرا في برامج كل المرشحين، ويتباين موقعها على خريطة السياسة الأوكرانية، بقدر تباين مواقف فرسان السباق الثلاثة يوشينكو وتيموشنكو ويانوكوفيتش من كونها القاسم المشترك في كل أحداث المنطقة والعالم.

وفي هذا الصدد، يبدو يانوكوفيتش الأكثر اهتماما بالشأن الروسي، فقد نص برنامجه الانتخابي على ضرورة الاعتراف باللغة الروسية لغة رسمية ثانية، وهي التي يتحدث بها أكثر من نصف عدد سكان أوكرانيا من قاطني مناطق شرق أوكرانيا وجنوبها. كما يؤكد أهمية الاحتفاظ بعلاقات ودية طبيعية مع روسيا، بعيدا عن جر أوكرانيا إلى شباك الناتو، مشيرا إلى أن هذه المسألة لا يجوز البت فيها من دون إجراء استفتاء شعبي يبدو على يقين من أن نتيجته سوف تكون في غير صالح أنصار التوجهات الغربية ممن يشغلون أراضي غرب أوكرانيا.

ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن يانوكوفيتش قوله «إن المهمة الوطنية الرئيسية للسياسة الخارجية الأوكرانية تنحصر في الحفاظ على وضع أوكرانيا خارج الأحلاف العسكرية، مع ضرورة مراعاة الحقائق الجيو - سياسية الحالية». وأعلن يانوكوفيتش عزمه على استئناف العلاقات على أساس التكافؤ والمنفعة المتبادلة مع روسيا والكومنولث.

وكان يانوكوفيتش رفض الاستجابة لعرض منافسته «أميرة الثورة البرتقالية»، التي طرحت عليه منازلتها في مناظرة تلفزيونية مما دفعها إلى اتهامه بالجبن. وأشارت في رسالة مفتوحة إلى أنه «يجب أن يعترف بأنه غير مستعد لقيادة البلاد، وليس أهلا لتمثيلها في الساحة الدولية ما دام يبدو عاجزا عن منازلتها». واكتفى يانوكوفيتش بالرد علي تيموشنكو عبر آنا غيرمان، الناطقة الرسمية باسمه، التي نقلت عنه «استعداده للنزال بالأفعال، وليس باللقاءات الفارغة».

ويجمع الكثيرون من المراقبين الغربيين على أن تيموشنكو، وعلى الرغم مما تقوم به من جهود أسطورية للملمة أطراف الساحة الانتخابية، فإنها تتخلف عن منافسها وخصمها التقليدي يانوكوفيتش، وهو الأمر الذي سجلته استطلاعات الرأي، التي كشفت نتائجها عن فوز يانوكوفيتش بنسبة تقترب من 45% من أصوات المشاركين في هذه الاستطلاعات، بينما حصلت تيموشنكو على ما يقرب من 35%، أي بفارق عشرة في المائة.

أما الرئيس الحالي فيكتور يوشينكو، فيتخلف عن نجمي السباق بمسافات شاسعة تضعه في ذيل قائمة المرشحين بنسبة لا تتعدى 3 - 4% من الأصوات، ويتقدمه أرسيني ياتسينيوك، الرئيس السابق لمجلس «الرادا»، وفيكتور ليتفين، الرئيس الحالي للمجلس، وبيوتر سيمونينكو، رئيس الحزب الشيوعي الأوكراني. وهي نتائج تقول بخيبة أمل كبيرة في رئيس الدولة، الذي أنهكته صراعاته مع رفاق الأمس من نجوم الثورة البرتقالية وتردده واهتزازه، وتورطه في تأييد الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، وإمداده سرا بالكثير من الأسلحة الحديثة في حربه مع روسيا في أغسطس (آب) 2008، وهو ما أضر بالأمن القومي لأوكرانيا، ووضعها في مواجهة مع الجارة الكبرى روسيا، حسب تحقيقات لجنة تقصى الحقائق التي شكلها البرلمان الأوكراني.

وإذا كان حساب الأصوات يمكن أن يرفع يانوكوفيتش إلى صدارة المرشحين بما يمكن معه فوزه من الجولة الأولى، فإن هناك كثيرين يتوقعون أن تسفر الانتخابات عن عدم فوز أي من المرشحين بنسبة 50% + 1 حسب نص الدستور الأوكراني، مما يعني ضرورة إجراء جولة ثانية من هذه الانتخابات، يبدو ما يشبه الإجماع أنها ستجري بين فيكتور يانوكوفيتش ويوليا تيموشنكو، المرشحين الأوفر حظا في الفوز بالنسبة الأعلى من أصوات الناخبين.