تشيلي الصاعدة تعاكس تيار منطقتها وتتجه يمينا

ترجيح فوز المليونير بينيرا في الدورة الثانية من سباق الرئاسة

TT

أدلى التشيليون بأصواتهم أمس في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية لخلافة الاشتراكية ميشيل باشليه في اقتراع يرجح أن يفوز فيه مرشح اليمين سيباستيان بينيرا بفارق ضئيل. ودُعي نحو 8.3 مليون ناخب للاختيار بين المليونير بينيرا (60 عاما)، مرشح اليمين المعتدل، وإدواردو فراي (67 عاما) مرشح ائتلاف يسار الوسط الحاكم الذي كان رئيسا بين عامَي 1994 و2000.

وفي حال كانت نتيجة الاقتراع كما توقعت استطلاعات الرأي، فإن فوز بينيرا الذي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد سيمثل تحولا نحو اليمين في منطقة يهيمن عليها الحكام اليساريون من فنزويلا حتى الأرجنتين، لكن ليس من المتوقع حدوث تغييرات كبرى للسياسة الاقتصادية أيا كان المرشح الفائز. والفوز المحتمل لبينيرا سيكون أيضا أكثر من مجرد تغيير سياسي - اقتصادي، لأنه سيسجل منعطفا رمزيا لتشيلي الصاعدة مع عودة اليمين إلى السلطة للمرة الأولى منذ انتهاء الدكتاتورية في 1990، وللمرة الأولى عبر تنظيم انتخابات منذ 1958.

والكثير من مواطني تشيلي مستاؤون من ائتلاف «تفاهم الأحزاب من أجل الديمقراطية» الحاكم ويقولون إن الحكومة كان يمكنها أن تستخدم بصورة أفضل مليارات الدولارات من المدخرات التي نتجت عن ارتفاع في أسعار النحاس. كما أنهم ملّوا هيمنة الحرس القديم على السياسة. ونقلت وكالة «رويترز» عن سليفيا ساليناس، وهي ربة منزل من ضاحية متواضعة في رنكا على مشارف سانتياغو قولها: «بقي (تفاهم الأحزاب من أجل الديمقراطية) في السلطة لفترة طويلة جدا. حان وقت التغيير. علينا أن نمنح بينيرا فرصة».

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «موري» الدولية يوم الأربعاء الماضي فوز بينيرا في الجولة الثانية بنسبة 50.9% مقابل 49.1% لفراي. وكان بينيرا الذي يحتل رقم 701 في قائمة «فوربس» لأغنى شخصيات العالم قد حصل على 44% في الدورة الأولى التي جرت في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في حين حصل فراي على 29.6%. وبعد أن انحصرت المنافسة بين بينيرا وفراي، تسارعا لكسب أصوات مرشح مستقل انفصل عن الائتلاف الحاكم وسبب انقساما في اليسار واحتل المركز الثالث بحصوله على 20% ولم يشارك في الدورة الثانية. وفي النهاية منح المنتج السينمائي السابق ماركو إنريكيز أمينامي دعما فاترا لفراي الأربعاء الماضي، وقد يكون دعمه عاملا مؤثرا في السباق، لكن محللين يقولون إن هذا الدعم قد يكون أقل مما ينبغي وجاء بعد فوات الأوان.

وكان أحد أشقاء بينيرا وزيرا خلال حكم الدكتاتور السابق أوغيستو بينوشيه، كما أن بعض مساعديه كانوا يعملون في النظام الدكتاتوري، ووجد بينيرا نفسه في موضع الدفاع بعد أن صور فراي اليمين الذي يقوده بينيرا على أنه وريث لبينوشيه. وتساءل محللون ما إذا كان الخوف من بينوشيه سيلعب دورا في تحويل الناخبين لصالح فراي.

وتعهد بينيرا بإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة لتعزيز فاعليتها وتعهد بتوفير مليون فرصة عمل وزيادة النمو الاقتصادي إلى 6% سنويا في المتوسط بعد الركود الذي أصاب البلد عام 2009. لكن منتقديه يقولون أن خطته تعتمد بشكل زائد على القطاع الخاص في توفير فرص العمل وعلى استمرار انتعاش الاقتصاد العالمي بما يبقي الطلب على النحاس مرتفعا. كما أن بينيرا يمكن أن يواجه أيضا صعوبات في تمرير الإصلاحات عبر برلمان منقسم.

وفي نفس الوقت تعهد فراي الذي أثر الركود بالسلب على توليه الرئاسة من 1994 إلى 2000 بمواصلة سياسات الرعاية الاجتماعية للرئيسة المنتهية ولايتها ميشيل باشليه التي تحظى بشعبية كبيرة ويقول إن من أولوياته إصلاح قطاع العمالة.

يشار إلى أن تشيلي انضمت مطلع الشهر الحالي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (التي تضم أكبر 30 دولة صناعية وتعد بمثابة نادي الدول الغنية)، وكانت بذلك ثالث دولة تخترق حاجز العالم النامي وتنضم إلى المنظمة، بعد المكسيك (1994) وكوريا الجنوبية (1996).